البرلمان بحاجة لمايسترو - معتز بالله عبد الفتاح - بوابة الشروق
الثلاثاء 21 مايو 2024 12:51 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البرلمان بحاجة لمايسترو

نشر فى : الخميس 22 مارس 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 22 مارس 2012 - 8:00 ص

لسنا بدعا من البشر. كل برلمان يتشكل فى مرحلة ما بعد الثورة يواجه معضلات لم يكن يتحسب أعضاؤه لها، ومنها معضلة غياب «ضابط إيقاع» لأداء البرلمان. والحقيقة أن الحل بسيط قياسا على خبرات دول أخرى بل خبرات مصر فى مرحلة ما قبل الثورة. قد يكون الحل فى فكرة الـ«caucus» أى التنسيق بين الكتل البرلمانية عبر اجتماعات غير رسمية بين قيادات كل كتلة برلمانية بالاتفاق مع رئيس المجلس.

 

هذه الاجتماعات يتم فيها التنسيق بشأن أولويات الأجندة التشريعية والرقابية وصولا إلى تحديد المساحة الزمنية المخصصة لكل موضوع. وهنا يكون من المفيد أن يكون هناك ممثلون عن المستقلين كذلك لضمان أن الاتفاق ليس استبعاديا. ولهذا ليس مستغربا أن فى العديد من البرلمانات يكون منشورا على موقع البرلمان الإلكترونى مشروعات القوانين التى سيتم مناقشتها خلال فترات زمنية محددة مع ملاحظة إمكانية تغيير خطة المناقشات فى حالات الطوارئ أو التغييرات الاضطرارية.

 

ولكن كى ينجح هذا التنسيق فلا بد من توافر ثلاثة شروط. أولا لا بد من وجود مساحة من الانضباط الحزبى تجعل أعضاء البرلمان من كل حزب يعملون كأجزاء من منظومة واحدة تتحرك فى نفس الاتجاه. ثانيا لا بد من دور محورى يقوم به زعيم الأكثرية وزعماء الأقليات الأخرى فى حسن التنسيق داخل كل كتلة برلمانية وبين الكتل المختلفة. ثالثا، لا بد من دور محورى يقوم به رئيس مجلس الشعب (وكذا رئيس مجلس الشورى، وإن كان التناغم أعلى فى هذا الأخير) فى إلزام الجميع بجدول الأعمال حتى يكون أداء المجلس أكثر فاعلية وأقل استهلاكا للوقت فى نقاشات جانبية.

 

ومع ذلك فإنه من المفيد كذلك أن يوجد أكثر من «كوكس» أو مجموعة عمل تنسيقية بين الأعضاء المتخصصين أو المهتمين بقضية مشتركة: مثل مجموعة عمل لمناقشة قضايا المرأة، وأخرى للمهتمين باستصلاح الأراضى أو بسيناء وهكذا.

 

بل إن بعض البرلمانات (مثل الأمريكى والأسترالى والكندى) تقوم بتسجيل هذه المجموعات التنسيقية وتعطى لها وزنا مهما فى أثناء النقاشات، رغما عن طابعها غير الرسمى، لأنها تكون مفيدة للغاية فى تحديد الأولويات التشريعية وصياغة مشروعات القوانين وتوجيه الأسئلة للحكومة.

 

ولا ينبغى الخلط بين عمل اللجان وعمل مجموعات العمل التنسيقية، فمجموعات العمل التنسيقية هى وسيلة لمساعدة البرلمان ككل على تحديد أولوياته التى تنتهى فى النهاية بتوجيه مشروعات القوانين إلى اللجان المختلفة لمناقشتها. لا شك أن برلمانات ما قبل الثورة كانت أكثر انضباطا حتى ولو فى الباطل بمنطق «سلق» القوانين المعروف، لكن ما نريده فى مرحلة ما بعد الثورة أن يكون البرلمان أكثر انضباطا وفاعلية وكفاءة من خلال المزيد من التنسيق بين الكتل البرلمانية المختلفة. لهذا فالبرلمان بحاجة لمايسترو ثلاثى أو رباعى يكون رئيس البرلمان مع رؤساء أكبر الكتل البرلمانية. وهو أمر يسير الكلام عنه، صعب تطبيقه، ولكن هذا هو الصعب الذى لا يمكن الاستغناء عنه.

معتز بالله عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعتي القاهرة وميشجان، ويدير حاليا وحدة دراسات الإسلام والشرق الأوسط في جامعة ميشجان المركزية في الولايات المتحدة. حصل على ماجستير العلوم السياسية من جامعة القاهرة وماجستير الاقتصاد ودرجة الدكتوراه في العلوم السياسية من الولايات المتحدة. كما عمل في عدد من مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة ومصر، له ثمانية كتب والعديد من المقالات الأكاديمية منشورة باللغتين الإنجليزية والعربية.
التعليقات