البلكيمى.. السيناريست - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 12:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البلكيمى.. السيناريست

نشر فى : الثلاثاء 22 مايو 2012 - 8:45 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 22 مايو 2012 - 8:45 ص

فى حواره الممتع، المسلى، مع وائل الإبراشى، بعد غياب قصير، ظهر البلكيمى، كعادته، مبتسما فى مودة، متأنقا، دمثا، يغدق الأوصاف الحميدة على الجميع، خاصة السيد المحافظ، ورئيس مجلس الشعب، وقيادات حزب النور. كلهم عنده «أفاضل»، يتمنى لهم الخير ويعلن، برقة، تسامحه مع من أساء له.. إنه، برابطة عنقه المتمشية مع لون القميص، اللائق على لون البذلة، وبصوته الهادئ، الواثق، فضلا على نظرة الوداعة فى عينيه، يبدو كجنتلمان يعرف أصول الذوق، يلفت النظر استخدامه لمصطلحات السينما وعناوين الأفلام، فكلمة «سيناريو»، ترددت على لسانه عدة مرات، وتحيلنا جملة «نحن بشر» إلى الفيلم الذى أخرجه إبراهيم عمارة 1955. وبهدف وضع الجميع معه، فى سلة الاشتباه المدانة، يقول «لسنا ملائكة»، والكلمتان هما عنوان فيلم حققه محمود فريد 1970، منسوجتان على غرار «لست ملاكا» لمحمد كريم 1946.

 

أنور البلكيمى رجل شديد الذكاء، أوصلته فطنته إلى مجلسى الشعب، مستفيدا من ولع البسطاء بكل من بدا ودعا، سواء مظهرا أو مخبرا. وبعيدا عن أى تقييمات أخلاقية، يمكن تفسير حالة البلكيمى، وغيره من زملائه، على أنها نوع من هوس النجومية، يصيب ممثل الأقاليم المغمور، حين تفتح أمامه أبواب العاصمة، فيحاول، حتى برعونة، تلميع نفسه، فتكون النتيجة وبالا على مستقبله.. هناك فارق واسع بين أن يخطب أو يعظ المرء، فى زاوية أو مسجد صغير، بالكاد تصوره عدسات الموبايلات، وأن يتحدث نفس المرء، فى بؤرة الأضواء، أمام كاميرات التليفزيون، تحت قبة البرلمان، فتنتابه الرغبة فى إثبات الذات، والتأثير فى الآخرين، فيلجأ إلى كليشيهات الأداء الباكى، يرفع عقيرته، يحشرج صوته، يطلق العنان لانفعالات العواطف، تكاد الدموع تنفطر من مقلتيه، وكأنه يؤدى دور البطولة، فى مسرح يوسف وهبى، فى البدايات، ذات الطابع الميلودرامى الفج، الأمر الذى يحرج رئيس مجلس الشعب، ويدفعه للقول، بمزيج من الرجاء والغيظ والأمر: اسكت، اجلس، لا داعى يا فلان لهذا الشو.. وفى فاصل كوميدى، اعترف أحد الأعضاء، أن أسرته تتمنى مشاهدته، على الشاشة الصغيرة.

 

البلكيمى، وقد تمكن منه هوس النجومية، قرر تسليك صوته وتصغير أنفه، معتقدا أنها من مستلزمات النجومية الجديدة، وهذا حقه على أى حال، لكن المشكلة أن الرجل وثق فى ذكائه أكثر مما يجب، فحاول أن يؤلف قصة، وفوجئ أن القصة هى التى ألفته، وقضت عليه أو كادت.. وربما لا أحد يعرف بالضبط، ما هى ثقافة البلكيمى السينمائية، لكن المؤكد أنه صاحب موهبة فى صوغ السيناريوهات، فحين تستمع له وهو يروى التفاصيل الوهمية للاعتداء عليه، بنقلاتها من لقطة قريبة للقطة بعيدة، وتفاصيل المكان، والزمان، تدرك أنه لا يقل مهارة عن وحيد حامد، فعلى طريقة أفلام حسام الدين مصطفى، ثمة سيارة جيب تتعقبه، فى الطريق الصحراوى، يسير بسرعة «160» كيلو. ينحرف بعربته، ينزل بها إلى الرمال. رجال أشداء يحيطون به، أحدهم يلكمه فى وجهه ويضرب أنفه بكعب بندقيته الآلية، ولا يفوته القول إنهم ملثمون، لزوم تكثيف جو الإثارة.. بعد انكشاف أمره، وفى حواره مع الإبراشى، ألف سيناريو آخر، على طريقة «المنزل رقم 13» لكمال الشيخ 1952، مستبدلا الطبيب النفسانى ــ محمود المليجى، الذى سيطر على بطل الفيلم، عماد حمدى ــ  بالبنج المجرم، الذى أخذه قبل إجراء العملية، وجعله يتخيل أحداثا وهمية بعدها.. لو أن الرجل تفرغ للسيناريو لكان أجدى من وقوفه تحت قبة البرلمان.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات