عوائق تجديد الخطاب الديني.. 18ــ السنة النبوية فى التعامل مع القرآن - جمال قطب - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 1:32 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عوائق تجديد الخطاب الديني.. 18ــ السنة النبوية فى التعامل مع القرآن

نشر فى : الأربعاء 22 يونيو 2016 - 8:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 22 يونيو 2016 - 8:50 م
ــ1ــ
يوضح القرآن الكريم «النموذج النبوى» فى التعامل مع القرآن الكريم، وهذا النموذج النبوى هو السنة النبوية الشريفة فى تعامل المسلم مع القرآن. فإن الدخول إلى حرم القرآن الكريم من خلال بابين، هما: باب القراءة وباب السماع. وقراءة القرآن تعنى تجويد نطقه، وتعنى ضبط الحروف ضبطا متناهيا كما أمر الله جل جلاله، فمن أبرز السنن النبوية تنفيذ أمر الله ((فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَبِعْ قُرْآنَهُ))، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن «ترتيلا» يظهر فيه حروف كل كلمة واضحة منفصلة عن الكلمات الأخرى حيث علمه القرآن الكريم ((..لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَاسِ عَلَى مُكْثٍ..)) أى على مهل ودون تسارع ويقرأ القرآن فى أوقات راحة النفس وسعيها إلى ربها. ومن السنة العظيمة امتثاله صلى الله عليه وسلم للاستعاذة بالله من الشيطان قبل قراءة القرآن كما أمره ربه ((فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَيْطَانِ الرَجِيمِ)). وكان صلى الله عليه وسلم يشغل زمن الفجر سواء فى الصلاة أو بعدها إلى قبل الشروق بقراءة القرآن ((..وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودا)). ودائما كان صلى الله عليه وسلم يلتزم التدبر فيما يقرأ من القرآن عملا بأمره تعالى ((فَلَا يَتَدَبَرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)). كذلك كان صلى الله عليه وسلم لا يطيل زمن القراءة لأن العليم الخبير علمه ذلك ((..اقْرَءُوا مَا تَيَسَرَ مِنَ الْقُرْآنِ)).

ــ2ــ
أما الباب الآخر للدخول إلى حرم القرآن فهو باب «السماع»، ومن أعظم السنن النبوية فى هذا الشأن سنة «الاستماع» حيث أخبره القرآن بقيمة وأهمية «السماع» حيث قال: ((وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَكُمْ تُرْحَمُونَ)). فالاستماع هو تعمد تمكين الأذن من تلقى القرآن، و«الإنصات» هو تمام التفرغ من الأعمال أثناء «السماع» حتى لا ينشغل الفكر والقلب بأى شىء آخر مع القرآن، وتزداد قدرة التدبر. وسماع القرآن فيه أكثر من فائدة: فالاستماع والإنصات فيه تعظيم للقرآن، وفيه تقديس وإعلاء لرب القرآن، وفيه توقير وتقدير لشخص القارئ فيصبح السامع متواضعا جاعلاً نفسه موضع التلميذ الحريص على عدم تفويت الفرصة. و«الاستماع مع الإنصات» يخفف مسئوليتك عن ضبط حروف وألفاظ القرآن، وهذا التخفيف يجعلك أكثر تفرغا للتدبر. وقد بين القرآن فوائد «الاستماع» قائلاً: «لعلكم ترحمون»، فإن رحمة الله تحيط مجلس الاستماع فتحل السكينة وتتنزل الملائكة فتهدأ النفس، ويستيقظ العقل فيعى ويفهم ما فى القرآن من حكمة فيتخذها مبادئ لحياته. ولذلك كان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يستمع القرآن من الصحابة، ويقول لابن مسعود رضى الله عنه «اقرأ على القرآن»، فيقول ابن مسعود: «أأقرأه عليك وعليك أنزل؟!» فيقول صلى الله عليه وسلم: «إنى أحب أن أسمعه من غيرى».

ــ3ــ
لكن التفقه فى قراءة القرآن وسماعه يضيف إلى علمنا سننا أخرى ينبغى أن نفهمها ونحرص عليها. ومن ذلك عدم رفع الصوت بالقرآن إلا على قدر إسماع الجالسين الحاضرين فقط كما فعل الجن المؤمن ((..فَلَمَا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا..)). فصوت المقرىء لا يتجاوز الحاضرين، أما ما يفعله البعض من رفع مكبرات الصوت وحمل القرآن خارج نطاق الحاضرين، فإن ذلك تجاوز يخشى منه حدوث الحرج لمن يمس أذنه بالقرآن أثناء انتقاله بقيادة السيارة أو يعمل من الأعمال، أو وجوده فى الحمام، أو نوم البعض، أو مرض البعض إلخ فتعالوا نتواصى أن يكون صوت قارىء القرآن على قدر الحاضرين فقط.

ــ4ــ
وفى رمضان عامة تجىء صلاة القيام، خصوصا فى العشر الأواخر، حيث سنة الاعتكاف والتفرغ لمدارسة القرآن مثلما واظب الرسول على ذلك، فإن العشر الأواخر من رمضان فرصة ذهبية لتفرغ النفس مثل «الإجازة السنوية» تستعيد النفس فيها الاستجمام والبعد عن الشواغل اليومية حتى تقترب المسافة بين القلب وبين الله، وبين العقل والقرآن. أرأيت كيف رسم القرآن لنا «السنة النبوية» فى التعامل مع القرآن؟
جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات