استخفاف - كمال رمزي - بوابة الشروق
الثلاثاء 30 أبريل 2024 11:55 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

استخفاف

نشر فى : الخميس 22 ديسمبر 2011 - 9:45 ص | آخر تحديث : الخميس 22 ديسمبر 2011 - 9:45 ص

● الصور تنطق بالحقيقة، والكلام ينضح بالكذب. مجموعة من جنودنا الأشاوس، يرتدون الملابس الرمادية المزخرفة باللون الأسود، أو البذات العسكرية الصفراء، تتخللها لطع من اللون الزيتى، وأحيانا اللون البنى. يلفون صدورهم بدروع واقية، يضعون على رءوسهم خوذات لامعة. يرفعون العصى المعدنية الطويلة، آخر منتجات مصانع أدوات القمع العالمية، تم شراؤها من جيوب المصريين.. منظر الجنود، بعنفوانهم، وقوتهم، وحيويتهم تجعلك تقول: ليتكم لنا، ومعنا.. لكن الصور تأتى بما لا تشتهى الأمانى، فثمة مجموعة منهم، تتهيأ لافتراس سيدتين تجلسان أرضا، إحداهما إلى جانبها كيس بلاستيك أبيض، تنظر، بذعر ويأس، إلى العصى القريبة من وجهها، والأخرى تمد كفها تقول شيئا.. الصورة تعلن على نحو سافر، أن هؤلاء الفرسان، ليسوا لنا، وليسوا منا. شأنهم فى هذا شأن زملائهم، الواقفين فى أمان، فوق سطح بنايات، يقذفون شظايا الرخام على الشباب، وواحد من الجنود يحرك إصبع كفه اليمين للمضروبين فى الشارع، حركة دائرة، تعيد للأذهان صورة ضابط الشرطة الذى لم يخجل من الاتيان بحركة رقيعة، وهو يمسك بعصى، فى ميدان التحرير، منذ أسابيع قليلة.. ومع هذا، يصدر «المجلس العسكرى» بيانا، يعلن فيه، بيقين مزيف، أن لا علاقة لجنوده بما حدث.

 

● لا أظن أن شريط الصور الوحشية، التى تنهمر علينا منذ الثورة، من الممكن أن تتلاشى أو تبهت فى الذاكرة، وأحدثها، وجه ذلك الشاب الدامى، الخارج من الباب الخلفى لمبنى مجلس الشعب، وكأنه قادم من قلب الجحيم ويعبر ببلاغة عما جرى: عيون مغلقة بسبب الجفون المتورمة، الزرقاء، بفعل اللكمات التى نالها، كدمات فى الجبهة، بقع الدم تحت الأنف، فم نصف مفتوح لأن صاحبه لا يقوى على إغلاقه، الرأس ينحنى على الجسم لأن الوهن أصاب العنق. «عبود»، بين الحياة والموت. إنه رسالة بدائية متخلفة، تنطوى على تهديد أرعن لزملائه. لكن الرسالة أدت إلى العكس من هدفها، فحالة «عبود» الذى تم التنكيل به صبت الزيت على النار، وأججت الغضب، وبالضرورة حدث ما حدث، وجاء الحصاد المر بسقوط قتلى وجرحى، على يد «البواسل» الذين رأيناهم رأى العين.. ومع هذا، يقال، كالعادة إن الفاعل هو مستر «X»، المجهول، الذى لا يعرفه أحد.. إنه استخفاف مقيت بالعقول.

 

● أذاع المجلس العسكرى فيديو تناقلته قنوات تليفزيونية، يتضمن مشاهد قريبة، واضحة، للمجرم «إكس»، متمثلا فى مجموعة من شذاذ الآفاق، يحرقون شبابيك مبنى المجمع العلمى. أحدهم يمسك بمدقاب، وثان يفكك حواف عمدان الحديد، وثالث يلقى بشعلة ملتهبة إلى داخل إحدى الحجرات.. كلهم، يؤدون أعمالهم التدميرية باطمئنان مريب. وفى الأيام التالية، لم نرَ صورهم، ولا نعلم أين هم، ومن أين جاءوا، ومن الذى يحميهم؟.

 

● فى محاولة فاشلة لغسل الأيدى من الدم، أصدر المشير قرارا بعلاج المصابين من ضحايا قصر العينى فى المستشفيات العسكرية، ولم يقل لنا كيف سيعالج من فقد نور عينيه.. إنها «منحة» هزلية.. من ناحية أخرى ناشد أحد الجنرالات أسر المصابين والشهداء بعدم الانسياق وراء الشائعات، مما يعنى أنه قد يكون القتلى ومن نزفت دماؤهم.. مجرد شائعات. هذه ليست مناشدة.. ولكن مسخرة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات