أينما تكونوا يدرككم الموت - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 5:49 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أينما تكونوا يدرككم الموت

نشر فى : الأحد 24 يوليه 2016 - 9:40 م | آخر تحديث : الأحد 24 يوليه 2016 - 9:40 م
حتى سنوات قليلة مضت، كان مجرد وقوع عمل إرهابى كبير يقتل العشرات أمرا جللا، يؤرخ له عالميا. كنا وقتها نصف اليوم الذى يقع فيه متبوعا بصفة الاسود.

الآن صرنا نشاهد كوارث بالجملة كل يوم تقريبا، ولا نعرف إلى أين يتجه العالم؟.

لم يعد الإرهاب قاصرا على دولة واحدة، فقيرة أو غنية، متقدمة أو متخلفة، فى الغرب أو الشرق. تأملوا عدد الحوادث التى وقعت خلال الاسابيع الماضية وهزت العالم بأسره، وصارت نمطا ثابتا لا يثير دهشة احد.

شخص أمريكى من أصل أفغانى يدعى محمد صديقى اطلق النار فى 12 يونيو الماضى على رواد ملهى للمثليين جنسيا فقتل خمسين شخصا واصاب مثلهم، وتم قتله بعدها وتنوعت واختلفت الأسباب، وهل هو حادث جنائى أم أن القاتل شخص مثلى أراد ان ينتقم من رواد الحانة؟!.

بعدها بأيام وفى يوم الجمعة قبل الماضى قاد مواطن فرنسى من أصل تونسى شاحنة فى أحد شوارع مدينة نيس الساحلية وقتل أكثر من خمسين شخصا. وفى الليلة ذاتها جرت محاولة انقلاب عسكرى فاشلة فى تركيا أدت إلى مقتل نحو ٢٩٠ شخصا وإصابة المئات، وأسفرت فى النهاية عن حبس ثلاثة آلاف شخص وايقاف ١١ ألفا آخرين وإغلاق ألف مدرسة ومئات المنشآت التى تخص جماعة عبدالله جولن، إضافة إلى إعلان الطوارئ.

وفى الثانى من يوليو الحالى تبنت داعش تفجيرات انتحارية فى منطقة الكرادة فى قلب العاصمة العراقية بغداد أسفرت عن مقتل 217 شخصا واصابة اكثر من 200 اخرين.

وفى اليوم التالى اقتحم مسلح من اصل افغانى أحد القطارات الألمانية فى قرب مدينة فورتسبورج شمال ولاية بافاريا وأصاب خمسين راكبا مستخدما بلطة.

ويوم الجمعة الماضى فتح شاب ألمانى من أصول إيرانية النار على رواد المركز التجارى الأوليمبى فى مدينة ميونخ ما أدى إلى مقتل ١١ شخصا وإصابة العشرات. وأمس الاول السبت تبنت داعش ايضا تفجيرا انتحاريا استهدف مظاهرة نظمتها اقلية الهزارة الشيعية فى العاصمة الأفغانية كابول أدى إلى مقتل نحو ثمانين شخصا وإصابة 231 اخرين.

وهناك حوادث يومية صارت للأسف عادية جدا من فرط تكرارها المملل. فلم يعد خبرا أن تقول إن عشرة عراقيين أو سوريين سقطوا قتلى فى عملية إرهابية على يد داعش، أو ميليشيات الحشد الشعبى أو بقية التنظيمات الإرهابية المتطرفة سواء كانت تتمسح فى الطائفة السنية أو الشيعية.

اخبار هذه الحوادث، يتم وضعها الان فى الصفحات الداخلية للصحف، أو الخبر رقم خمسة أو ستة فى نشرات الأخبار التليفزيونية، لانها تتكرر كل يوم.

هذا الأمر ينطبق أيضا على العمليات الإرهابية التى تقع فى سيناء وتؤدى غالبا إلى استشهاد جندى من القوات المسلحة أو الشرطة أو من المواطنين.

ربما أكون قد نسيت خمس أو ست حوادث إرهابية مؤثرة وقعت خلال الشهر الأخير، فلم تعد هذه الحوادث تلفت النظر كثيرا، لأنها تتكرر بصورة شبه يومية من نيجيريا جنوبا إلى فرنسا وألمانيا شمالا، ومن اندونيسيا شرقا إلى الولايات المتحدة غربا، مرورا بمنطقة الشرق الأوسط التى صارت للأسف مركز الإرهاب الرئيسى الذى يؤذى أهل المنطقة أولا، وبعدها يوزع شروره على بقية خلق الله.

بعد هذه العمليات الدامية وغير الإنسانية لم يعد بمقدور أى شخص أن يكون بمنأى عن القتل، سواء لو كنت سائحا تسير فى شوارع نيس الخلابة أو مسافرا عبر مطار بروكسل، أو جالسا فى حانة فى أورلاندو أو متجولا فى أى شارع بالمنطقة العربية.

قد يتم قريبا القضاء على تنظيم داعش وتحرير المدن التى احتلها منذ دخوله الموصل فى يونيو ٢٠١٤، لكن الخطورة هى عمليات الذئاب المنفردة، التى ينفذها أنصاره أو المتعاطفين معه أو الذين يستلهمون عملياته وأساليبه الوحشية، ويبدو أنها سوف تلازمنا طويلا.

الخلاصة أن العالم بأكمله لم يعد مكانا آمنا للعيش فيه.. فماذا نفعل؟!.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي