البحث عن مذكرات - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 6 مايو 2024 7:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البحث عن مذكرات

نشر فى : الثلاثاء 24 سبتمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 24 سبتمبر 2013 - 8:00 ص

لم أكن أعرف عنه شيئا، حتى اسمه بدا غريبا ولطيفا. لكن العمود الذى كتبه سمير عطاالله فى جريدة الشرق الأوسط، بتاريخ 8 أغسطس 2013، أثار فضولى، ودفعنى لتقصى أثره، عطا الله، يصف الرجل بأنه «أشهر مذيع عربى قبل ان يتخذ أحمد سعيد تلك الرتبة، وهو صاحب اسم له رنين: يونس بحرى، يذكرنا بالسندباد البحرى، وسيدنا يونس. ذاع صيته خلال الحرب العالمية الثانية، بسبب اشتغاله فى الإذاعة الألمانية، ببرنامجه الذى يقدمه يوميا، بصوته، بعنوان «هنا برلين، حى العرب».. ومن عالم هتلر المنهار، إلى بلاد الله، ليعيش فترة فى لبنان، إبان سنوات أواخر الخمسينيات المضطربة، ثم إلى العراق، عشية ثورة 1958، فيجد نفسه نزيلا فى سجن أبوغريب العتيد، المشئوم.. بعد أن يفرج عنه عبدالكريم قاسم، تبتسم له الدنيا، لفترة، ثم تكشر له عن أنيابها، بإعدام سيد بغداد، رميا بالرصاص.

يونس بحرى، الطواف، الهائم على وجهه، ذاق حلو الحياة ومرها. اشتغل عشرات المهن، تزوج عشرات المرات. تمتزج فى سيرته الأسطورة بالواقع، وربما الخيال بالحقيقة، وكتب عدة كتب، منها مذكراته التى وجدتنى مدفوعا للبحث عنها، بكل الطرق، وبأى ثمن.. فى القاهرة، لم أعثر لها على أثر. وفى بيروت، تنقلت ى مكتبة لأخرى، بلا جدوى.. وأخيرا، فى مكتبة شهيرة بالحفاظ على نسخ من الكتب التى نفذت طبعاتها، وعدنى صاحبها بتدبير نسخة لى، مهما كلفه الأمر. عندئذ، لعب الفأر فى عبى، فجملة «مهما كلفنى الأمر» تعنى، حسب خبرتى، مبلغا مبالغا فيه من النقود، أنا طبعا الذى سيدفعها. حاولت معرفة عنوان دار النشر التى أصدرت المذكرات، لكن الرجل راوغنى، وقال كلاما ناعما، ودودا. تضايقت. صديقى، على أبوشادى، قال لى، برحابة أفقه «لا داعى للكدر، فالرجل يدافع عن أكل عيشه».. أثناء حوار صاحب المكتبة مع سكرتيرته، الجالسة أمام الكمبيوتر، ترددت كلمات من نوع «الحازمية»، وبينما سمعت «الدار العربية للوثائق»، أصر على أبوشادى أنه سمع «دار الموسوعات العربية».. تفقدها «الحازمية» مرتين، من دون جدوى.. أخيرا، جاء الفرج سهلا، فمن خلال مكالمة تليفونية مع الاستعلامات الرسمية، أخبرتنا المتحدثة أنه لا يوجد دار نشر بهذا الاسم أو ذاك، لكن ثمة «الدار العربية للموسوعات». فورا، ذهبنا، دخلنا المكتبة، صعدنا سلما دائريا ضيقا يفضى إلى الدور العلوى، حيث الإدارة، وحجرة صاحب دار  النشر، الكاتب، المؤرخ: خالد العانى. خالد عبدالمنعم العانى، رجل سبعينى، بقلب عشرينى، شديد الحماس، عقل يقظ، ذاكرة واضحة التفاصيل، عراقى، موصلى.. بعد دقيقة واحدة تنهار الحواجز، فالاهتمامات المشتركة تتلاشى معها المسافات. دار الحديث حول يونس بحرى، بلدياته، المولود فى الموصل 1903، والذى رحل عن الدنيا 1979. حكى عن سنوات بحرى الأخيرة، وكيف عاش فى «لوكاندة» من الدرجة العاشرة، فقيرا، منسيا، لكن فى صباح أحد الأيام، جاء ضابط ليصحبه إلى مكان ما.. أيقن يونس ان النظام سيبتلعه. لكن فوجئ أنه أمام مسئول كبير، يعامله بتوقير. يقدم له هديتين، واحدة منه، والثانية فى صدام حسين شخصيا.. العانى، مشكورا، منحنى نسخة من المذكرات الثمينة.. سأحدثك عما جاء بها، لاحقا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات