سهير البارونى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 12:22 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سهير البارونى

نشر فى : السبت 25 فبراير 2012 - 9:05 ص | آخر تحديث : السبت 25 فبراير 2012 - 9:05 ص

لفترة غير بسيطة، عاشت سهير البارونى فى باب الشعرية، ذلك الحى الشعبى العريق، الموغل فى مصريته، والذى يرتبط فى الأذهان بشهامة أولاد البلد، وقوة وجلد المرأة التى لا يتسرب الخوف إلى قلبها. إنها واضحة، تملك القدرة على المواجهة، لا تعتمد على جمالها أو أنوثتها، ولكن تستند على سلامة موقفها، وما تراه حقا أو صوابا.. الواضح أن سهير البارونى تشعبت بروح باب الشعرية، سواء ارتدت الملابس العصرية، أو لفّت جسمها بالملاءة اللف. والأهم. أنها، دائما، متوقدة الانفعال، تتسم بحيوية الأحاسيس. وربما، لأنها لم تكن فاتنة، لم تحظ بأدوار البطولة، ولكن تمكنت، منذ ظهورها لأول مرة، فى «أيام وليالى» لبركات 1955، حيث قامت بدور صديقة النجمة الأولى، إيمان، حتى «فول الصين العظيم» لشريف عرفة 2004، حين أدت شخصية «العالمة»، مغنية وراقصة من الدرجة الثالثة، والدة محمد هنيدى، أن تمنح أكثر من أربعين فيلما قدرا لا يستهان به من الدفء والكوميديا، فضلا عن نوع من الصدق لا يتوف إلا فى تلك الكتيبة من فنانات قادمات من أحراش الحياة، مثل نعيمة الصغير وسعاد نصر، وسناء يونس، وقبلهن: زينات صدقى ومارى منيب.

 

عملت سهير البارونى مع عدد كبير من المخرجين، لعل أهمهم حسن الإمام وشريف عرفة، فإلى جانب «إضراب الشحاتين» لحسين الإمام، جسدت شخصية «خديجة»، ابنة أحمد عبدالجواد، فى «بين القصرين» 1964، و«قصر الشوق» 1967، وهى البنت الأقل جمالا والأوفر حظا، والمستعدة دائما للشجار، المنكسرة، أو المتظاهرة بالامتثال أمام والدها، المتنمرة أمام زوجها وحماها، وبأسلوب شريف عرفة، الاستعراضى الغنائى، فى «سمع هس» 1991، تتوهج البارونى فى دور تبدو فيه أقرب للعاصفة، تملك ما يشبه اللوكاندة الفقيرة، تتمسك بأهداب الزمن الماضى، تلطخ وجهها بالأصباغ وتعاقر الخمر وتحت قناع الطيبة تكمن شراسة تتهيأ للانفجار.

 

على خشبة المسرح، شاركت ثلاثى أضواء المسرح فى العديد من «الاسكتشات»، وتناغمت معهم تماما، فى نزوعهم نحو الكاريكاتور، ومع فريد شوقى، وشريهان، تقدم الشخصية التى تجيدها، الراقصة المعتزلة، بحكم السن، فغدت نهبا للضيق والعصبية، لا تريد تصديق أن زمانها ولى.

 

وإذا كانت سهير البارونى حققت نجاحا فى العديد من المسلسلات، فأحسب أن دورها فى «لن أعيش فى جلباب أبى» يعد درتها الفريدة، انطلقت فيه كل خبراتها وموهبتها، وبدت قادمة، فعلا، من «باب الشعرية»، صحيح، كتب مصطفى محرم السيناريو والحوار على نحو مميز، وقام بالإخراج، الموهوب الكبير، أحمد توفيق، لكن لا يمكن إغفال البصمة الخاصة للبارونى، خاصة تلك اليقظة الانفعالية التى لم تفلت منها، فى جميع المشاهد التى تظهر فيها، وتعبر عنها، على طريقة بنات البلد الشعبيات، شكلا ومضمونا، فوجهها يبين بجلاء وقع كلمات الآخرين عليها، وينطق بمكنون أحاسيسها الداخلية المتضاربة، المتفجرة. إنها زوجة «سيد» بائع الكشرى أصلا، شقيق زوجة التاجر الثرى «عبدالغفور البرعى»، وعلى نحو محموم لا يهدأ، تحاول بكل ما أوتيت من قدرة، أن تقرن ابنها بابنة «البرعى»، وبالتالى، تمنح المسلسل مذاقا حريفا، موغلا فى مصريته، بديعا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات