امنعوا الرغى والفلـ.. فلـ.. فلـ.. سفه - حسام السكرى - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 2:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

امنعوا الرغى والفلـ.. فلـ.. فلـ.. سفه

نشر فى : الأحد 25 أكتوبر 2015 - 8:50 ص | آخر تحديث : الأحد 25 أكتوبر 2015 - 8:50 ص


ــ بناخد فى المدرسة إشارات المرور
ــ كل يوم؟
ــ كانوا تلات أيام. اليوم الأول ما عملناش. عشان انت ما جيتش
ــ إيه اللى ما جيتش؟
ــ عشان انت ما جيتش.. مش انت الوزير؟
ــ آه أنا الوزير

ــ تانى يوم إيه بقى.. عملنا.. بس انت برضه حضرتك ما جيتش. لحد اليوم التالت
ــ بس على فكرة ما حدش قال لى آجى. لو كنتوا قلتوا لى آجى كنت جيت

ــ لأ. انت أصلا عارف انك لازم تيجى. حضرتك لازم تيجى

ــ طب قول لى انت بقى لما تقعد تتكلم مع الميس فى الفصل كتير وترغى معاها وتتفلسف زى ما بتتفلسف كده..
ــ مش باتكلم معاها كتير

ــ خالص؟ يعنى ما بتقعدش تتكلم معاها زى ما انت عمال ترغى كده وتتفلسف؟

ــ هو انا بارغى دلوقتى؟ يعنى إيه أصلا باتفلـ.. أتفلـ..

ــ فلسف.. فلسف

ــ وإيه الكلمة الصعبة دى؟ انت جايبها منين؟
دار ها الحوار المدهش بين طفل ووزير التعليم الأسبق أحمد زكى بدر، وانتشر كمقطع فيديو فى الأيام الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعى. تصورت للوهلة الأولى، أن جماعة الإخوان أو المواقع المناهضة للنظام هى التى أخرجته للنور، ردا على اختيار بدر وزيرا للتنمية المحلية فى الحكومة الأخيرة. وكم كانت دهشتى عندما أدركت أن المقطع عرض على سبيل الترويح والتسلية فى معرض لقاء للوزير أجرته معه منى الشاذلى فى برنامجها على CBC، ودون أى محاولة لمناقشة محتواه. وعندما انتهى عرضه صفق الجمهور، وعقبت المذيعة «الوزير كان بيتخانق فى وزارة التربية والتعليم وأحيانا كان بيهزر» ثم ابتسمت وعادت لإكمال موضوع بدأته مع الوزير قبل المقطع.

لم تدرك منى ولا الوزير، الذى اتسعت ابتسامته وهو يشاهد حوارا دار منذ نحو عشر سنوات، أننا أمام تلخيص معجز لإشكالية التواصل بين جيلين، أحدهما ممثل فى طفل لا يتجاوز عمره ست سنوات، والثانى يمثله وزير يراوغ فى الإجابة، وينزعج من المساءلة، وينتهى به الأمر بمحاولة تغيير الموضوع.

يندر أن أرى فى مصر مذيعا يحاور مسئولا بهذه الثقة والبراعة ويسأله «مش انت الوزير؟». لا يهتز عندما يضيق الوزير بالسؤال ويتهمه بالرغى والفلسفة»، محاولا نقل انتباهه إلى معلمته، ينفى الطفل بحسم أنه «يرغى» ثم يعيد المسئول إلى سياق اللحظة بعيدا عن المعلمة ويتساءل فى استنكار «هو انا بارغى دلوقتى؟»، بل ويتجاوز إلى التساؤل عن معنى الكلمة «المجعلصة» التى أراد الوزير إرباكه بها.

كأى طفل، يولد المصرى بفطرة نقية ومنطق سليم، وهو ما نحاول علاجه بسرعة من خلال منظومة تعتمد على التلقين والتدريب على الطاعة والانسحاق، وبعدها بجرعات مناسبة من برامج التغييب التليفزيونى، وعناوين الصحف، ليتحول إلى عجينة عاجزة عن التساؤل.

نجتهد فى أن نجد له مكانا بين الجماهير التى هللت عندما سمعت وعود اليوم الأول والثانى، ونأمل مع دخول اليوم الثالث أن يكون قد نسى كل الوعود ولم يلحظ أن اللمبات الموفرة اختفت، والمليون وحدة تبخرت، والعاصمة الجديدة تلاشت. أما استثمارات المؤتمر الاقتصادى، وعوائد قناة السويس، وقيمة الجنيه، فصارت نسيا منسيا. أقول سنأمل ونحاول، رغم أننى أعلم يقينا أنه وغيره سينجون من مفرمة العقول، وينضمون إلى أجيال اختارت ألا تكف عن «الرغى» والفلـ.. فلـ.. فلـ.. سفه.

شاهد الفيديو: bit.ly/safah

hosam@sokkari.net

التعليقات