أهمية كسب المواطن الأثيوبى العادى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 4:50 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أهمية كسب المواطن الأثيوبى العادى

نشر فى : الخميس 26 مارس 2015 - 10:45 ص | آخر تحديث : الخميس 26 مارس 2015 - 10:45 ص

فى نهاية يناير الماضى زرت العاصمة الأثيوبية أديس أبابا لتغطية اجتماعات قمة الاتحاد الأفريقى. كان معى سائق أثيوبى مسلم، كان شابا شديد التهذيب، ولديه اطلاع جيد على ما يدور فى مصر والمنطقة. وعندما طلبت منه ذات يوم أن يخبرنى عن اتجاه القبلة، عرفت أنه يحافظ على أداء الصلوات وفى أوقاتها قدر الإمكان.
السائق ظل يرافقنى طوال ثلاثة أيام، وتقريبا تحدثنا فى كل شىء خصوصا علاقات البلدين. وجهة نظر هذا المواطن الاثيوبى لا تختلف عن وجهة نظر حكومته وغالبية المواطنين، وهى أن مصر أدارت وجهها لأفريقيا وأثيوبيا طوال السنوات الماضية، وأنها درست وناقشت كيفية غزو أثيوبيا وهدم وتدمير سد النهضة فى اجتماع علنى داخل رئاسة الجمهورية المصرية. والأخطرمن كل ذلك هو يرى أن مصر دولة استعمارية تتعالى على أثيوبيا وكل أفريقيا.
وبغض النظر هل هذا الانطباع صحيح ام خاطئ فهو موجود، وللأسف وطبقا لدبلوماسيين ومتابعين كثيرين فإن بعض الممارسات المصرية ــ حتى لو لم تكن مقصودة ــ ادت إلى تكريس مثل هذا الانطباع ليس لدى الافارقة فقط بل لدى بعض الاشقاء فى السودان ايضا.
الامر الطيب والمهم أن هذا المواطن الأثيوبى قال لى وهو يودعنى خارج مطار أديس أبابا إنه يشعر أن مصر الجديدة تغيرت إلى الأفضل فيما يتعلق بأفريقيا.
ظهر أمس تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الأثيوبيين من فوق منصة برلمانهم. حينما انتهى الرئيس من كلمته كان واضحا أن الرسالة الأساسية للخطاب قد وصلت. الفرحة كانت واضحة جدا على وجوه الجميع من أول رئيس الوزراء هيلى ماريام ديسالين إلى بقية نواب البرلمان.
الطبيعى أن خطاب السيسى تضمن كلمات وتعبيرات عاطفية تؤكد على ضرورة تقارب الشعبين والحفاظ على مصالح مصر وحقوقها فى مياه النيل باعتباره المصدر الرئيسى لحياتهم.
فكرة أن يتحدث السيسى للأثيوبيين مباشرة عبر برلمانهم، فكرة ذكية وممتازة ويستحق صاحبها أو أصحابها التشجيع والتحية.
الفكرة ببساطة تحاول هدم الانطباع الأساسى الموجود لدى الأثيوبيين، وتقول لهم بوضوح إن أعلى منصب فى مصر وهو رئيس الجمهورية جاء إليهم فى بيتهم وتحدث معهم عن المصير المشترك والحبل السرى الذى يربط بينهم وهو النيل وبدء صفحة جديدة فى علاقات البلدين تقوم على مراعاة مصالح الشعبين.
مرة أخرى هناك ملاحظات كثيرة على وثيقة إعلان المبادئ التى تم توقيعها يوم الاثنين فى الخرطوم بين مصر وأثيوبيا والسودان.
والمؤكد أن أزمة تأثير سد النهضة علينا لم تنته بمجرد التوقيع على هذه الوثيقة أو بعد نهاية خطاب السيسى فى البرلمان الأثيوبى ظهر أمس.
المشكلة سوف تستمر لوقت طويل، لكن المهم أننا بدأنا طريقا طويلا قد يقود فعلا إلى حلها طالما أن البلدين يعملان بحسن نية على تعظيم المصالح المشتركة بدلا من منطق الصراع الذى يقوم على المباراة الصفرية.
السيسى وضع الطوبة الرئيسية فى بناء كبير ينبغى أن يتم السير فيه واستكماله يقوم على رد الاعتبار لدور مصر فى أفريقيا عموما ودول حوض النيل خصوصا، وأثيوبيا بالأخص. الطريق مرة أخرى ليس سهلا لكنه ليس مستحيلا.
بداية المشوار أن نقنع كل أو غالبية المواطنين الأثيوبيين بأننا أشقاؤهم فعلا وأن مصيرنا واحد وأن ما يجمعنا أكثر كثيرا مما يفرقنا والمطلوب ان يؤدى كل شخص فى مصر دوره فى هذه القضية المحورية من اول ترشيد استهلاك المياه نهاية بتعزيز العلاقات مع افريقيا.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي