انطباعات عن المشهد السياسى والاقتصادى الحالى.. - جورج إسحق - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 5:43 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انطباعات عن المشهد السياسى والاقتصادى الحالى..

نشر فى : الأحد 26 مارس 2017 - 8:55 م | آخر تحديث : الأحد 26 مارس 2017 - 8:55 م

نعيش مشهدا سياسيا واقتصاديا مبهما تعلوه الغيوم، تنعدم الشفافية والمصداقية عن أى قرار اقتصادى أو سياسى، أسئلة لا يوجد لها أجوبة لماذا القرار؟ لماذا الآن؟ ما النتيجة المرجوة؟ وما الجدول الزمنى وما المخاطر؟ وكيف سنواجهها!!
حصار سياسى يقوده إعلام الدولة المملوك لبعض أجهزتها الأمنية، توزيع الاتهامات بالخيانة والعمالة ليلا ونهارا على المعارضين أيًا كانوا، قائمة من المعارضين السياسيين الممنوعين من الظهور الإعلامى، فسخ عقود المذيعين المحسوبين على أى تيار معارض أو حتى مستقل مهنى لا يستطيع التطبيل وعزف الصوت الواحد. منع التظاهر حتى بقانونهم الذى وضعوه ولا يرغبون فى تطبيقه لا بتصاريح ولا من غير. برلمان بعيد كل البعد عن الواقع الذى نعيشه، يفصل فصلا سريعا ونهائيا كل من له رأى مخالف أو موقف قوى أو مواجه للفساد. نظام يستمر فى سياسته الذى اعتاد عليها قبل الثورة وهى زرع عناصره الأمنية داخل الأحزاب والكيانات السياسية لتقسيمها وتدميرها. أصوات غريبة تنادى بتعديل دستورى لمد فترة رئاسية لدستور لم يطبق بعد من الأساس. انتخابات محلية اسما فقط وليس لها أى محل من الاعراب فى المشهد السياسى. انتخابات رئاسية بعد سنة دون أى استعداد لتجهيز مفوضية الانتخابات الذى ينص عليها الدستور. وكذلك وقف الانتخابات الطلابية التى تفرز سياسيى المستقبل وكان هذا طوال التاريخ المصرى.
ولا أستثنى القوى السياسية المعارضة من ضبابية المشهد فهم مشاركون مشاركة جليلة، فالتمزق والانقسام بينهم أخذ مراحل هزلية لا أرى فيها أى أمل أن تعالج، حتى أنهم وصلوا أيضا إلى فقدان القدرة على مجرد التنسيق وليس فقط الاتفاق فيما بينهم بجانب الفشل فى التنسيق بينهم وبين القوى الثورية التى تفتتت هى الأخرى. ويبدو أن الكل ضل الطريق، حتى ونحن على أعتاب ــ أو نبدو على أعتاب ــ انتخابات رئاسية العام المقبل لم يستطيعوا أن يواجهوا أنفسهم ويوحدوا صفوفهم من أجل تحقيق أهداف ومبادئ ثورة 25 يناير من عيش وحرية وعدالة وكرامة.
***
ولا يختلف الوضع الاقتصادى المصرى كثيرا عن المشهد السياسى، فقد واجه الاقتصاد المصرى صعوبات خلال عام 2016 أدت إلى تراجع كل مؤشراته الرئيسة، وهو ما انعكس على أحوال المواطن المصرى الذى بات أكثر فقرًا ومديونية، وانعكست السياسات الاقتصادية لهذا النظام القائمة على القروض والمعونات على المواطن نفسه فأصبح يتلهف على أنباء المعونات الخارجية والقروض كطوق نجاة من سوداوية الحالة التى يعيشها، وقد زعمت الحكومة أن هناك رخاء ما سوف يحدث بعد تطبيق حزمة من الإجراءات الاقتصادية شديدة الوطأة على المواطن وسيتحمل آثارها بشكل مؤقت والتى ستتحول إلى رخاء اقتصادى بمرور الوقت. مع العلم أن السلطة المصرية لم تقدم أية التزامات حول موعد هذا الرخاء ولم تعلن حتى عن كيفية تحققه، وكل ما تحدثت فيه مجموعة من الإجراءات المزمع تنفيذها وللأسف قد أتت بنتائج عكسية ملموسة حتى هذه اللحظة.
فالمؤشرات تقول إن هناك تآكلا للاحتياطى النقدى، بجانب انخفاض سعر صرف الجنيه المصرى وأزمة الدولار وندرته، وتراجع حصيلة الصادرات وتحويلات المصريين فى الخارج، ودين عام داخلى يصل إلى 85 % من الناتج المحلى ويقترب مع الدين الخارجى من نسبة 105 % من الناتج الاجمالى، وتضخم يصل إلى 33.1 % (مع الأخذ فى الاعتبار بالزيادات الجديدة السعرية المرتبطة بصعود الدولار).
كل هذا يقول إننا أمام أزمة مباشرة، وخطر حقيقى، وهو ما تعترف به الحكومة فى بيانها أمام مجلس النواب ولا تخفيه. وقد انعكس ذلك ضمن ما انعكس على تخفيض التصنيف الانتمائى لمصر مؤخرا من مستقر إلى سلبى، وهو ما يؤثر بالطبع على قرارات المستثمرين الأجانب.
فى ظل كل ما سبق لجأت الحكومة إلى الاقتراض الخارجى بشكل متزايد بحوالى 62 مليار دولار لمعالجة الخلل فى ميزان المدفوعات، وهى تطمح كذلك للجوء إليه لمواجهة عجز الموازنة. وقد ارتفع الدين الخارجى من 33.7 مليار دولار عام 2010 ــ2011 إلى 62 مليار دولار فى 2016. وقد وقعت الحكومة اتفاقية مع البنك الدولى بقيمة 3 مليارات دولار، ضمن إجمالى اتفاقيات وقعتها وزيرة التعاون الدولى بإجمالى 6.5 مليار دولار. وقد وقعت مصر مع روسيا على اتفاقية قرض لبناء محطة الضبعة النووية تبلغ قيمته 25 مليار دولار، كما صادق البرلمان المصرى على قرض فرنسى بمبلغ3.37 مليار يورو لتمويل مشتريات السلاح الفرنسى. وفى الإجمال فإن تصاعد الاعتماد على الاقتراض الخارجى مرعب ويدق ناقوس الخطر.
بالإضافة إلى فوضى السوق المرتبطة بتحرير التجارة وأسواق رأس المال والعملات، بما يرتبط بها من عدم مساواة، لم تضمن تنمية جادة ومستدامة، فالتنمية الحقيقية هى عملية تحويل هيكلى مستندة بدرجة كبيرة على الصناعة، وليس على المضاربات أو العقارات، ولا تنجح سوى فى إطار مؤسسى يأخذ فى الاعتبار العدالة الاجتماعية. وهذا هو ما يتوافق مع مطالب وأهداف ثورة 25 يناير المصرية.
لكل هذا نطالب كمجتمع بأن نتصارح وأن تكون الشفافية هى معيار هذا التصارح حتى نصل لنتائج وحلول تمضى فى سبيل أن تصل مصر إلى بر الأمان.

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات