مع اقتراب رمضان.. هل من استراحة؟ - جورج إسحق - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 8:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مع اقتراب رمضان.. هل من استراحة؟

نشر فى : الأحد 26 فبراير 2023 - 9:00 م | آخر تحديث : الأحد 26 فبراير 2023 - 9:00 م

يأتى رمضان هذا العام، وقد أنهكتنا المشاكل، حكاما ومحكومين ومحكومات، ليعطينا فرصة لالتقاط الأنفاس.. لقد عانينا كثيرا وأنهكتنا المشاكل بشكل غير مسبوق، إذ يعانى الناس من الضيق وغلاء الأسعار وعدم قبول أى رأى آخر، فهل يجىء شهر رمضان لنستريح قليلا من هذا العذاب؟! هل نسامح بعضنا البعض؟!

إن ثقافة التسامح وغرسها فى نفوس وضمائر البشر فضيلة إنسانية من أجل التخلى عن المشاكل الاجتماعية والنفسية والثقافية والدينية كالكراهية والحقد والعنف. فالتسامح الثقافى مطلوب فى الحوار. والتسامح الاجتماعى يتقبل الأفكار المخالفة، وثقافة التسامح يمكن ترسيخها فى نفوس الأفراد من خلال التنشئة الأسرية والمدرسية.

إذا رسخنا مفهوم المحبة فالمحبة لا تسقط أبدا.. وتنمية مفاهيم الديمقراطية وحرية التعبير فى التنشئة المدرسية مهمة للغاية، فهل نعمل فى هذا الشهر على تعزيز لغة الحوار لمواجهة العنف وخطاب الكراهية؟!

هل نرى قريبا الإفراج عن كل المسجونين الذين لم يرتكبوا جرما ليخرجوا ويهنأوا فى وسط عائلاتهم بشهر رمضان؟! لو حدث هذا سيكون له مردود قوى لقضاء شهر بدون حقد ولا كراهية ولا تعنت.

هل نسمح لاحتفال الأسر مع بعضها، خاصة أن يجتمع أولئك الذين فى السجون مع أحبائهم وعائلاتهم على مائدة رمضان؟! أعتقد أن هذا ممكن ولن يضر أحدا فى المستقبل القريب.

وقد نشرت الحركة المدنية أسماء كثيرة والمطلوب هو الإفراج عنهم لقضاء شهر رمضان مع عائلاتهم، فإذا حدث ذلك سيكون المجتمع أكثر قوة خاليا من الأحقاد والضغائن ولا يوجد شىء ينغّص عليه حياته.
• • •

نعمل فى هذا الشهر على منع خطاب الكراهية وتقبل ثقافة الحوار والصدق مع الآخر، فهل عدم الإفراج عن المسجونين فى الحبس الاحتياطى وعدم زيارة بعض المسجونين، يساعد فى شفاء المجتمع مما يعانى منه الآن؟

إن شهر رمضان فرصة لرفع كل هذه الإساءات لننعم بشهر سلام وبعيدا عن كل ما يعانى منه الشعب المصرى. إن هذا الرجاء الذى نتمناه، وهو الإفراج عن قائمة كبيرة من المسجونين، سيريح المجتمع، ورغم الضائقة المالية التى يعانى منها الشعب المصرى جميعا، فإن خروج المسجونين سيخفف من هذا العبء، هل سنقضى شهرا فيه من السلام والطمأنينة أكثر من أى شهر مضى؟!
أتمنى من القائمين بالأمر أن يفرجوا عن كل المسجونين حتى من منطلق دينى تطبيقا لمبدأ أن التراحم بين الناس مطلوب، ولا يستطيع أحد أن ينكر أن هذا ما جاء فى كل الأديان، فهل نطبق ما نؤمن به على أرض الواقع؟ أعتقد أن هذا أبسط مظاهر الإيمان.

من حسن الحظ أن قدوم شهر رمضان يواكب الصيام الكبير فى المسيحية، هل نستطيع أن نتوحد فى هذا الشهر بمزيد من الارتقاء بأخلاقنا ومعتقداتنا وتطبيقها على أرض الواقع؟! ليس هذا بكثير وهو ممكن ومتاح، فلنعتبر أن الإفراج سيكون هبة من هبات شهر رمضان الذى نحتفل به جميعا، نريد أن نحتفل به ونحن فى سلام وطمأنينة وسعادة وجمع الشمل.

هناك قضية أخرى يجب أن يهتم بها مجلس النواب إذا كان سيجتمع فى الشهر الكريم، أن يراجع القوانين المجحفة ويرسى قواعد جديدة فى شهر رمضان للنظر فى موضوع الحبس الاحتياطى، وكذلك قانون الإجراءات الجنائية دون تأخير أو تعطيل أو حجج. مجلس النواب عليه أن ينتبه أن لا يأخذ إجازة فى هذا الشهر بل يضاعف إنجازاته لمصلحة الشعب المصرى، مثل إعادة النظر فى قانون البناء الذى صدر وقد عطل كثيرا من الجهود الفردية فى البناء. يجب النظر فيه بعناية ومراجعته لإعطاء فرصة للعمل بالجهود الشخصية فى بناء المنازل بدلا من إعطاء الأثرياء فرصة لشراء سيارات من الخارج وخلافه.

تعاملوا واشتبكوا مع مشاكل الشعب المصرى الحقيقية حتى تخففوا عنهم، ولا تنظروا إلى مصالحكم الذاتية لأن الكل زائل ماعدا الأعمال الجيدة، اتركوا بصمة فى شهر رمضان لإحياء مجلس النواب من جديد.

هناك أعضاء محترمون داخل المجلس يجب أن يتولوا هذه الأمور، فهل وصلت الرسالة؟! أرجو أن نتبنى كل ما يهم الشعب المصرى الفقير وانتشاله مما هو فيه بقرارات إنسانية وغير مجحفة لبناء مصر جديدة التى نتمنى جميعا أن نراها بشكل أفضل.

على وسائل الإعلام فى شهر رمضان أن تحترم الشهر وتقول الحقائق بشكل واضح، ولا تنشر خبرا إلا إذا كانت متيقنة منه. نأمل أن نعيش شهرا جديدا سعيدا فى هذا الوطن.

هذه رسالتى فى شهر رمضان وأرجو أن يستمع إليها الناس بعناية ويضعوا آراءهم المختلفة جانبا، أنا لا أدّعى أننى أعرف الحقيقة المطلقة ولكنى أساهم ولو بجزء بسيط فى مفاهيم أعتقد أنها أصبحت ضرورية ومفيدة للشعب المصرى كله، لنقيم دولة مدنية ديمقراطية حديثة.. وأضع تحت حديثه عشرات الخطوط بمعنى أن نخرج من تحت القبعات القديمة ونفكر بطريقة حديثة.

العالم يتغير من حولنا بشكل سريع، وأدوات التواصل أصبحت خطيرة للغاية وخاصة المحادثة أو «الشات»، احذروا ما هو قادم إن لم ننتبه لما نحن فيه.

عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات