مصر وجوتيرش وإسرائيل وغزة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 1:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر وجوتيرش وإسرائيل وغزة

نشر فى : الثلاثاء 26 مارس 2024 - 7:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 26 مارس 2024 - 7:10 م

ما الذى يستثير غضب إسرائيل العارم ضد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش؟!
بالطبع هناك أسباب كثيرة خصوصًا تنديده بحرب التجويع الإسرائيلية ضد قطاع غزة منذ بداية العدوان فى ٧ أكتوبر حتى الآن، لدرجة أن بعض المسئولين الإسرائيليين يعتبرونه معاديًا للسامية، ويطالبون بإقالته.
لكن هناك سببًا مهمًا أيضًا، وهو أن جوتيرش يشيد بالموقف المصرى من العدوان الإسرائيلى خصوصًا من زاوية الإصرار على إدخال المساعدات للأشقاء الفلسطينيين فى غزة.
نتذكر أن إسرائيل فعلت وما تزال تفعل كل شىء فى قاموس الرفض والتعنت والعراقيل والمماطلة والخداع والتسويف لمنع دخول المساعدات الإنسانية للقطاع، لولا الجهد المصرى وجهود أخرى تمكنت فى النهاية من إدخال المساعدات، لكن إسرائيل عادت، وكررت نفس المماطلة. والأخطر أنها لجأت إلى الكذب حينما ادعت أمام محكمة العدل الدولية فى لاهاى أن مصر هى من تعرقل دخول المساعدات، وبعدها بأسابيع شاهدنا الرئيس الأمريكى جو بايدن يكرر نفس المقولة، ولا نعلم يقينًا حتى الآن هل كان يقصد ذلك أم كانت مجرد هفوة وذلة لسان أو فقدان مؤقت للذاكرة، كما يحدث كثيرًا فى الأسابيع الأخيرة.
جاء جوتيرش لمصر ورفح مرتين منذ بداية العدوان الإسرائيلى فى ٧ أكتوبر، الأولى كانت فى ٢٠ أكتوبر الماضى والثانية يوم السبت الماضى، وفى المرتين أنصف مصر بوضوح وتحدث عن دورها بتقدير كبير.
جوتيرش أشاد بجهود مصر فى استقبال الجرحى وإدخال المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة، وقال بوضوح إن «مصر هى الركيزة الأساسية التى تسمح بوجود الأمل على الجانب الآخر من الحدود».
هو قال أيضًا: «سنواصل العمل مع مصر لتسهيل تدفق المساعدات إلى القطاع.. متعجبًا من الصف الطويل من المساعدات على الجانب المصرى، وشبح المجاعة الموجود فى الجانب الآخر فى القطاع، مطالبًا إسرائيل بفتح كل المعابر مع غزة».
إسرائيل وخلفها أمريكا تريد أن تتهرب من بالمسئولية، مرة تتهم مصر، ومرة تتهم منظمات الأمم المتحدة بالفشل فى توزيع المساعدات، ومرة تلجأ إلى ألاعيب دعائية وإعلانية لإيهام بعض الرأى العام بأنها تدخل المساعدات، لكن غالبية المراقبين صاروا يعرفون كل ألاعيبها.
جوتيرش برأ مصر من تهمة تعطيل دخول المساعدات مفندًا كل الاتهامات الإسرائيلية وبعض التسريبات الأمريكية.
ماذا يعنى ذلك؟
يعنى أن أكبر مسئول أممى فى العالم، وهو الأمين العام للأمم المتحدة، قال بوضوح، إن مسئولية تعطيل دخول المساعدات تقع على يد إسرائيل ولا أحد غيرها. وهو أمر شديد الأهمية، فرغم أن الأمم المتحدة لا تستطيع إلزام إسرائيل بشىء، فإن أحكامها الموضوعية تقلق الدولة العبرية، وتسجل رسميًا أن إسرائيل تخالف القانون الدولى، وبالتالى تدرك إسرائيل خطورة تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، وكبار المسئولين الأمميين.
تعتمد إسرائيل على الدعم الأمريكى وأحيانًا الأوروبى فى عدوانها وخرقها المستمر للقوانين الدولية، خصوصًا القانون الدولى الإنسانى، لكن للموضوعية فإن العديد من الهيئات والمنظمات والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة تواصل فضح إسرائيل وتعرية منطقها المتهاوى. ولهذا السبب يمكن فهم الحملة الشرسة التى تشنها إسرائيل وخلفها الولايات المتحدة من أجل وقف عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين «الأونروا» والهدف الأساسى كما هو معلوم من وراء هذه الحملة هو إنهاء قضية اللاجئين أولًا، والسعى بكل الطرق من أجل تهجير الفلسطينيين من غزة، باعتبار أن الأونروا هى التى تلعب الدور الأكبر فى صمود الفلسطينيين المعيشى داخل فلسطين المحتلة.
جوتيرش تصدى بكل قوة لهذه الحملة، وقال بوضوح، إن حتى لو ثبت أن هناك ١٣ فردًا أو حتى مائة أخطأوا وساعدوا حماس من موظفى الأونروا فى عملية 7 أكتوبر، فيجب ألا يكون ذلك سببًا فى إلغاء عمل المنظمة التى يعمل بها أكثر من ٣٠ ألف شخص معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين، ومعهم عدد كبير من الموظفين الدوليين يعملون عبر مكتبين رئيسيين، الأول فى غزة والثانى فى عمان.
مصر من أوائل الدول الداعمة للأونروا فى مهمتها الحالية. وأعلنت بوضوح أنها ضد تعطيل عمل المنظمة، واستقبلت أخيرًا المدير العام للوكالة فيليب لازارينى، وناشدت دول العالم الاستمرار فى تمويلها.
الجهد المصرى لاستمرار الأونروا وتدفق المساعدات هدفه الأساسى تثبيت الفلسطينيين فى أرضهم وإفشال مخطط التهجير الإسرائيلى. وهنا تلتقى مواقف مصر والأمم المتحدة.
مرة أخرى تحية كبيرة للرجل الشجاع جوتيرش.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي