المصلحة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 8:48 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المصلحة

نشر فى : السبت 26 مايو 2012 - 8:40 ص | آخر تحديث : السبت 26 مايو 2012 - 8:40 ص

أسعدنى نجاح الفيلم، جماهيريا، خاصة أنه يأتى بعد فترة كساد مؤلمة، وعقب عداء غادر لفن السينما، لذا فإن شباك التذاكر المنتعش، هذه المرة، يعبر عن أمرين، أولهما، ذلك الاستقرار النفسى، النسبى، لدى الناس، فالملاحظ أن دور العرض، أيام القلق، تغدو خاوية، لا يغشاها إلا أقل القليل.. وثانيهما، أن عالم الأطياف، لا يزال محتفظا بقدرته على الجذب، بل على البقاء نابضا بالحياة، والدليل على هذا ذلك العدد الكبير من متفرجين فى مقتبل العمر، أولاد وبنات.

 

لكن، الرواج شىء، والقيمة شىء آخر، فالرواج، أيا كان حجمه، هو مكسب مؤقت، أما القيمة، فإنها ربح متجدد، وليس بالضرورة أن يتناقض الرواج مع القيمة، فمن المحتمل أن يجتمع الحسنيين فى عمل واحد، وهو الاجتماع الذى كان من الممكن أن يتوافر فى «المصلحة»، لولا إصابته بمرض من المناسب أن يطلق عليه، حسب التعبير الشعبى «الفتاكة»، أى التأنق الزائد، الغرور، المغالاة، الإفتعال، الإعجاب بالذات.. فهنا، ترى النجم المحبوب، أحمد السقا، يتقمص شخصية أحمد السقا، أكثر من أدائه لدور ضابط الشرطة، حمزة أبوالعز. يسير ويتحرك ويجرى ويتكلم كنجم وقور، يحاول فى نظراته، ذات الانفعال الواحد، إقناعك بقدراته التمثيلية.. وفى المقابل، يثبت ــ أحمد عز فى دور تاجر المخدرات سالم المسلمى ــ جدارته فى الوقوف أمام أحمد السقا، بالزعيق، والصياح، وكأن قوة الإقناع مقترنة بإطلاق العقيرة.

 

قصة الفيلم، ذات البناء البوليسى المعهود، تدور حول الصراع التقليدى بين عصابات تهريب المخدرات والشرطة، ويتأجج غضب الضابط، حمزة أبوالعز، بعد مقتل شقيقه، الضابط أيضا، على يد شقيق تاجر المخدرات، ويمتزج عداء بطلنا، أحمد السقا، تجاه رئيس العصابة، أحمد عز، بحكم المهنة، مع الدافع الشخصى فى الانتقام. وتتوالى المغامرة، والمطاردات، برا وبحرا، من سيناء إلى شرم الشيخ، ولبنان والأردن، حتى يقوم الضابط الهمام بقتل قاتل شقيقه، وينتهى الفيلم بقفص المحكمة الذى يقبع بداخله، التاجر والضابط.

 

«الفتاكة»، ليست قاصرة على الأداء، التمثيلى فحسب، بل تمتد إلى مجمل عناصر الفيلم، فمصمم الديكور، محمد مراد، يتعمد أن يجعل فيللا رئيس العصابة البدوى، ذات طابع عصرى، يحاكى بها فيللات أباطرة المخدرات، فى المدن الكبرى.. وواضع الموسيقى المصاحبة، عمرو إسماعيل، يغرق الشاشة، وصالة العرض، بطوفان لا يتوقف من المزيكا الصاخبة، وكأنه يقول لنا: خذوا بالكم، الموسيقى هى بطلة الفيلم.

 

كاتب السيناريو، وائل عبدالله، يتغنى ببطولة الشرطة، ويرثى، فى مشاهد طويلة، شهدائها، ومن حقه أن يفعل هذا، خاصة وأن الشهيد هنا دفع حياته وهو يؤدى واجبه بعيدا عن قتل الثوار.. اهتم وائل بإبراز جوانب الضبط والربط، فضلا على صرامة النظام، مع لمسات إنسانية من القيادات العليا. ومن الإنصاف القول إن الفيلم يكتسب شيئا من الحيوية، بفضل طاقة ومهارة المخرجة ساندرا نشأت، لكن لا يمكن إغفال داء «الفتاكة» الذى أصابها، فأخذت تغالى فى متابعة طائرة الشرطة المروحية من عدة زوايا، ثم تسرف فى جرجرة سالم المسلمى لعشيقة شقيقه، زينة، على سلالم الفيلا، وهو يشتمها بكلمة نابية.. وفيما يبدو أن مخرجتنا، بأريحيتها، تتوقع، صعود التيارات المتخلفة إلى السلطة، فجعلت قوات الشرطة، بالملابس الرسمية، تصلى، قبل القيام بعملية مداهمة.. فيا للفتاكة!

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات