الكونجرس الأمريكي وتجريم مقاطعة إسرائيل - العالم يفكر - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 6:40 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الكونجرس الأمريكي وتجريم مقاطعة إسرائيل

نشر فى : الأربعاء 26 يوليه 2017 - 9:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 26 يوليه 2017 - 9:05 م
نشرت مدونة Information clearing House مقالا للكاتب «جلين غرينوالد» حول مشروع القانون الذى يحاول الكونجرس سنَّه يجرم المقاطعة الدولية ضد إسرائيل؛ ليس هذا فحسب وإنما يسعى مشروع القانون إلى تطبيق عقوبة جنائية قصوى تبلغ مليون دولار و20 سنة فى السجن.
استهل الكاتب المقال بذكره أن تجريم الخطاب السياسى والنشاط ضد إسرائيل أصبح واحدا من أخطر التهديدات على حرية التعبير فى الغرب. ففى فرنسا، تم القبض على الناشطين وملاحقتهم بسبب ارتداء القمصان التى تدعو إلى مقاطعة إسرائيل. وقد سنت المملكة المتحدة سلسلة من التدابير الرامية إلى منع هذا النشاط. فى الولايات المتحدة، يتنافس المحافظون مع بعضهم البعض على من يمكنه تنفيذ اللوائح الأكثر تطرفا لمنع الشركات من المشاركة فى أى مقاطعة تستهدف حتى المستوطنات الإسرائيلية، والتى يعتبرها العالم غير قانونية. أما فى الجامعات الأمريكية، فإن العقاب على الطلاب المؤيدين للفلسطينيين للتعبير عن انتقاداتهم لإسرائيل أمر شائع لدرجة أن مركز الحقوق الدستورية يشير إلى «استثناء فلسطين» من ممارسة حرية التعبير.
الخطوة الأكثر خطرا تجلت من وجهة نظر الكاتب فى قيام مجموعة من 45 عضوا فى مجلس الشيوخ ــ 30 من الجمهوريين و15 من الديموقراطيين بمحاولة تطبيق قانون يجعل من دعم الأمريكيين للقضة الفلسطينية ومقاطعة إسرائيل عملا جنائيا. والراعيان الرئيسان لمشروع القانون هما الديمقراطيان بن كاردين من ماريلاند وروب بورتمان بولاية اوهايو. ولعل الجانب الأكثر إثارة للصدمة هو العقاب: أى شخص مذنب بانتهاك حظره سيواجه عقوبة مدنية دنيا قدرها 000 250 دولار، وعقوبة جنائية قصوى تبلغ مليون دولار و 20 سنة فى السجن.
تم تقديم الإجراء المقترح، المسمى قانون إسرائيل لمكافحة المقاطعة (S. 720)، من قبل كاردين فى 23 مارس، وتقول وكالة التلغراف اليهودية إن مشروع القانون «تم إعداده بمساعدة لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية [إيباك]». فى الواقع، حددت إيباك، فى أجندة التأييد لعام 2017، تمرير هذا المشروع باعتباره واحدا من أولوياتها العليا خلال هذا العام.
من بين المشاركين فى تقديم مشروع القرار كبار الديمقراطيين فى واشنطن، وزعيم الأقليات تشاك شومر، وزميله فى نيويورك كيرستن جيليبراند، والعديد من أعضاء مجلس الشيوخ الأكثر ليبرالية، مثل رون ويدن من ولاية أوريغون، وريتشارد بلومنتال كونيتيكت وماريا كانتويل من واشنطن. وتوضيح العلاقة بين الحزبين التى تستدعيها إيباك عادة، وتشمل أيضا العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الأكثر توازنا مثل تيد كروز من ولاية تكساس، وبن ساس فى نبراسكا، وماركو روبيو من ولاية فلوريدا.
كما قدم مجلس النواب فى نفس التاريخ تدبيرا مماثلا من جانب جمهوريين وديمقراطى واحد. وقد تم جمع 234 من الرعاة المشاركين: 63 من الديمقراطيين و174 من الجمهوريين كما هو الحال فى مجلس الشيوخ، وقد جمعت أيباك تنوعا إيديولوجيا بين المؤيدين؛ فهناك أعضاء من اليمين ــ جيسون تشافيتز، «الهولندية» روبرسبرجر، ليز تشينى، بيتر كينغ ــ جنبا إلى جنب مع الديموقراطى من الدرجة الثانية ستينى، هوير.
***
أضاف الكاتب أن من بين المشاركين فى تقديم مشروع القانون العديد من السياسيين الذين أصبحوا من المشاهير السياسيين من خلال وضع أنفسهم كقادة وسائل الإعلام من موقع المقاومة من ترامب، بما فى ذلك ثلاثة أعضاء فى ولاية كاليفورنيا الذين أصبحوا أبطالا للديمقراطيين والمواد الغذائية من دائرة الأخبار كابل: تيد ليو، آدم شيف وإريك سوالويل. هؤلاء السياسيون، الذين بنوا جمهورا عريضا من خلال وضعهم كمعارضين للسلطوية، يرعون واحدة من أكثر القوانين القمعية والاستبدادية التى تم اقتراحها من قبل الكونجرس.
يُذكر أن اتحاد الحريات المدنية الأمريكية قد أرسل خطابا إلى جميع أعضاء مجلس الشيوخ يحثهم على معارضة مشروع القانون هذا. وقالت مجموعة الحريات المدنية إن «مؤيدى مشروع القانون يبحثون عن المزيد من الرعاة المشاركين» أوضحوا أنه «سيعاقب الأفراد دون سبب آخر بخلاف معتقداتهم السياسية». وأوضحت الرسالة بالتفصيل أن هذا القانون يهدد بشكل خاص الحريات المدنية الأساسية.
كما عارض الاتحاد جهود الحزبين على مستوى الدولة لمعاقبة الشركات التى تشارك فى المقاطعة، مشير إلى أن «المقاطعة لتحقيق الأهداف السياسية هى شكل من أشكال التعبير التى حكمت المحكمة العليا أنها محمية بموجب الحماية الأولى من التعديل الخاص بحماية الحرية الكلام والتجمع والالتماسات»، وأن مثل هذه القوانين«تضع شروطا غير دستورية على ممارسة الحقوق الدستورية». ومشروع القانون الذى يشارك فى تقديمه الكونجرس حاليا أكثر من نصف مجلس النواب ونصف مجلس الشيوخ يعكس بشدة مدى التطرف الذى طال تلك المؤسسات.
حتى الآن، لم ينضم عضو واحد من أعضاء الكونجرس إلى الاتحاد فى إدانة هذا المشروع. وأرسلت المنظمة استفسارات إلى العديد من أعضاء مجلس الشيوخ والكونجرس غير الملتزمين الذين لم يتكلموا بعد عن مشروع القانون هذا. كما أرسل الاتحاد استفسارات إلى العديد من المشاركين فى تقديم مشروع القانون الذين وضعوا أنفسهم كأبطال الحريات المدنية ومعارضى الاستبداد، وقد ذكر السيناتور الديموقراطى كريس كونس من ديلاوير، عندما تم تحذريه من قبل الاتحاد من أن مشروع القانون الذى يشترك فى رعايته يجرم حرية التعبير، أكد دعمه لمشروع القانون من خلال الرد: «ما زلت أؤيد علاقة قوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل».
يذكر الكاتب أن أكثر ما يثير الدهشة هو المقابلة التى تمت مع الراعى الرئيسى لمشروع القانون، السيناتور الديمقراطى بنيامين كاردين، الذى يبدو أنه ليس لديه فكرة عما كان عليه فى مشروع القانون، وأصر بشكل خاص على أنه لا يتضمن عقوبات جنائية. كاردان إما ليس لديه فكرة كيف صار مشروع القانون الخاص به، أو يتعمد التظاهر الجهل. وفى كلتا الحالتين، لا شك فى أن «الانتهاكات ستخضع لعقوبة مدنية قدرها بحد أدنى 000 250 دولار وعقوبة جنائية أقصاها مليون دولار و 20 عام فى السجن».
***
يهدف مشروع القانون إلى توسيع الحظر الحالى على المشاركة فى المقاطعات التى ترعاها الحكومات الأجنبية لتغطية المقاطعة من المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوربى. كما أنه يمدد صراحة حظر المقاطعة من إسرائيل بشكل عام إلى أى جزء من إسرائيل، بما فى ذلك المستوطنات. لهذا السبب، يوضح روبنر أن مشروع القانون سيحظر «حملات حركة التضامن الفلسطينية للضغط على الشركات لقطع العلاقات مع إسرائيل أو حتى مع المستوطنات الإسرائيلية».
ويضيف الكاتب هذا القانون الخبيث يسلط الضوء على العديد من الديناميات الحيوية بعد تجاهلها عادة فى واشنطن. أولا، عندما يدين العالم كله تقريبا العدوان الإسرائيلى، أو يعلن أن المستوطنات غير شرعية، فإن الكونجرس الأمريكى ــ عبر الخطوط الحزبية والأيديولوجية ــ يجد تناغما تاما تقريبا فى الاتحاد ضد الإجماع العالمى والدفاع عن الحكومة الإسرائيلية.
ثانيا، نقاش حرية التعبير فى الولايات المتحدة انتقائى ومشوه بشكل لا يصدق؛ حيث إن الكثير من قادة السياسة يظهرون كأبطال فى حرية التعبير ــ عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن الأفكار السائدة أو مهاجمة المجموعات المهمشة والضعيفة مثل طلاب الجامعات من الأقليات. ولكن عندما يتعلق الأمر بأحد الاعتداءات الأكثر منهجية وخطورة على حرية التعبير فى الولايات المتحدة والغرب بشكل عام هؤلاء القادة عادة ما يسكتون.
ثالثا، لا تزال إيباك واحدة من أقوى جماعات الضغط فى الولايات المتحدة. ما هو الشعور الذى يمكن تصوره عندما يكون لتلك الجماعة القدرة على ملاحقة الأمريكيين جنائيا بتهمة الانخراط فى النشاط السياسى احتجاجا على اعتداءات دولة أخرى؟ 
وأخيرا، يذكر الكاتب أنه من السخرية أن نرى العديد من قادة الكونجرس الأكثر شهرة والمشهورين بالمقاومة ومناهضة السلطوية ــ جيليبراند، شيف، سوالويل وليو ــ يرعون واحدة من أكثر القوانين القمعية والاستبدادية التى تم سنها فى الكونجرس منذ سنوات عديدة. كيف يمكن للمرء أن يتصدى على نحو موثوق لـ«الاستبداد» فى حين يرعى مشروع قانون يملى للمواطنين الأمريكيين ما هى وجهات نظرهم السياسية ولا يسمح لهم بالتعبير عن وجهة نظرهم تحت التهديد بالملاحقة الجنائية؟ ومهما كانت التسميات التى قد يود المرء أن يطلقها على مقدمى مشروع القانون هذا، فإن «المناهضة للسلطوية» ينبغى ألا تكون فيما بينها.

النص الأصلي

 

التعليقات