هل أصبحت مُقاطعة إسرائيل نمط حياة في الأردن؟ - مواقع عربية - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 8:51 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل أصبحت مُقاطعة إسرائيل نمط حياة في الأردن؟

نشر فى : الأحد 26 نوفمبر 2023 - 9:25 م | آخر تحديث : الأحد 26 نوفمبر 2023 - 9:25 م

نشر موقع درج مقالا للكاتبة غادة الشيخ، تقول فيه إن المقاطعة لمنتجات الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلى بدأت تنتقل من كونها رد فعل تضامنيا مؤقتا مع أهالى غزة إلى أسلوب حياة مستمر يتبناه شعب الأردن، كذلك أشارت الكاتبة إلى فاعلية المقاطعة كسلاح للضغط السياسى والاقتصادى وتأثيره على مبيعات المنتجات المحلية، حيث تزامنت مع دعوات المقاطعة حملات ترويج للمنتجات المحلية البديلة... نعرض من المقال ما يلى:
يتداول أردنيون وأردنيات على وسائل التواصل الاجتماعى عبارة «أنا مش مقاطع، أنا مُستغنى»، الجملة التى تحيل إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيليّة، والتى اتخذت شكلا جديدا عن سابقاتها من حملات المقاطعة على مر عقود، كونها تتجاوز حدود المنطقة العربيّة نحو أمريكا وأوروبا. ناهيك بالأزمة الاقتصاديّة التى تواجهها إسرائيل إثر الحرب التى تشنها على غزّة، الأزمة التى يمكن تلخيص أثرها على إسرائيل بـ«كارثة اقتصاديّة» حسب افتتاحية صحيفة هاآرتس.
يمكن القول إن كثيرا من الأردنيين يحاولون الانتقال بالمقاطعة من منطق «الفزعة» (أى اتخاذ موقف شديد ومختلف ومؤقت) إلى نمط حياة مستمرّ فى الزمن، يعدل أثره الشخص سلوكه الاستهلاكى مُتجنبا شراء المنتجات التى تصنّف على أنها داعمة لإسرائيل.
المقاطعة فى الأردن شأن سياسى واجتماعى بسبب التركيبة السكانيّة فى الأردن، الذى يقيم فيه عدد كبير من الفلسطينيين، سواء كلاجئين أو مجنسين من أصول فلسطينيّة، ما يجعلهم على تماس مباشر مع ما تشهده غزّة، ما يجعل المقاطعة شأنا شخصيا فى كثير من الأحيان لا مجرد موقف سياسى ــ إنسانى للوقوف إلى جانب الغزيين فى مأساتهم.
يُمكن لمن يتجول فى بعض أسواق الأردن أن يتلمس أساليب جديدة للمقاطعة كنمط حياة، إذ تسمع فى السوبر ماركت سؤالا مُتكررا، يطرحه بعض الزبائن على الباعة: «عندك بديل عن هاد المنتج؟»، فى إشارة للبحث عن منتجات محلية بديلة عن المنتجات الأمريكية والإسرائيليّة.

درجات الوعى بالمقاطعة الشعبيّة

تعلق الناشطة الأردنية شذى الحياصات فى حديثها لـ«درج» عن استراتيجية المقاطعة وأثرها على الشارع الأردنى بقولها: «وصلت مرحلة المقاطعة بالنسبة للشارع الأردنى، إلى حد أن نُقيّم علاقتنا بالأشخاص المحيطين بنا، بناء على مدى التزامهم بالمقاطعة ووصولهم/ن فعلا إلى مرحلة الاستغناء».
تضيف الحياصات قائلة: «هذه ليست المرة الأولى التى يتجه فيها الأردنيون/ات إلى مقاطعة المنتجات لإسرائيل، فالمُراقب يدرك أنه مع كل حرب إسرائيلية على غزة تظهر حملات المقاطعة فى الأردن بقوة، لكن الفرق بين اليوم والأمس، أن حجم وبشاعة المجازر التى ترتكب فى غزة، جعلنا نشعر بالخجل من أنفسنا ونحن نساهم فى دعم إسرائيل من خلال شراء المنتجات الداعمة له».
«هذه المرة ليست ككل مرة»، يقول محمود عبدربه، الموظف فى إحدى أسواق «الهايبر ماركت» فى العاصمة عمّان فى حديثه لـ«درج»، ويفسر: «فى السابق كان الزبائن وخلال حملات المقاطعة، يبحثون عن بدائل لسلع معينة ومحددة، كبدائل عن النسكافيه، ومساحيق الغسيل، لكن اليوم بات الزبائن يدخلون فى تفاصيل أكثر وبدائل أوسع، كمعجون الأسنان، الشامبو، الفوط الصحية، المعكرونة، المشروبات الغازية وغيرها».

المقاطعة أول خطوة نحو الاستغناء

طرحت السؤال التالى على منصة «إكس» لغايات إعداد هذا التقرير: هل هناك جدوى حقيقية من مقاطعة المنتجات الإسرائيليّة؟ وهل أنتم/ن فى مرحلة المقاطعة أم الاستغناء؟
من ضمن الإجابات كانت لمأمون الرفاعى الذى علق: «المقاطعة هى أول طريق للاستغناء.. سعادة غامرة بالنظر لانتعاش الصناعات الوطنية وازدهارها».
وعلق الناشط السورى محمد صباح: «نعم مجدية جدا هى مقاطعة تصل للاستغناء ثم الاعتماد على المنتج الوطنى والاكتفاء الذاتى أى ما يجعل القوة الاقتصادية المحلية فى تحسن دائما وتقليل الأسعار لأنه لا يوجد جمارك و ضرائب ثم مرحلة التصدير هذه فرصة من ذهب للوطن العربى وتغير معادلة كبرى وقوة اقتصادية».
مرام ممدوح (37) عاما سيدة مصرية، قالت لـ«درج»، أن المقاطعة وصلت إلى مرحلة التنافس بينها وبين جاراتها فى القاهرة، وتوضح: «أصبحنا نتسابق فى اكتشاف بدائل مصرية عن المنتجات الداعمة لإسرائيل، ووصلت منافستنا إلى حد قدرتنا على إقناع أطفالنا بالاستغناء عن المطاعم الأميركية وتقبل المطاعم المصرية كبديل دائم».
وتضيف: «تفاصيل كثيرة تحررنا منها منذ العدوان الحالى على غزة، ومن خلالها شعرنا أن الضمير ما يزال صاحى، كقهوة ستاربكس الصباحية بعد إيصالنا لأطفالنا إلى المدرسة، كشراء ملابس من محال داعمة لإسرائيل أون لاين، والأهم طريقة تربيتنا التى هى أيضا تغيرت، وأصبحت تركز على أنه عندما يكون جارك مهموم، من العيب أن تبقى كما أنت أمامه، وغزة جارتنا»!.
وتعليقا على حجم اتساع المقاطعة، قال الخبير الاقتصادى الأردنى الدكتور قاسم الحمورى لـ«درج»: «لا شك أن العداون الإسرائيلى الحالى أحدث تراجعا فى استثمارات سياحية وعزوف مواطنين من قرارات الشراء، لكن أهم ما فى هذه المرة من مرات المقاطعة، أنها فيها العموم، ووصلت معظم دول العالم والفئات العمرية وأصبحت ثقافة».
ورجح الحمور أن حجم التطور «ممكن جدا أن يتطور ويكبر وينمو وأصبح الناس يتحرون عن السلع بطريقة التفتيش، ولا شك أن المقاطعة أحدثت تأثيرا كبيرا على الشركات المنتجة بحيث أن أسمهما فى السوق المالى تراجعت بشكل واضح وملموس وبات من الضرورى أن تتخذ إجراءات لإنقاذ نفسها، ولا أستبعد أن تلجأ إلى التحايل مثل تبديل اسم المنتج، لكن برأيى أن هذا صعب لأن الناس تتحرى على مواقع التواصل الاجتماعى عن أصل وفصل كل منتج».
هل المقاطعة تؤثر على أرزاق العاملين فى فروع الشركات الداعمة فى الوطن العربى؟ سألنا الحمور وأجاب: «من باب المسئولية الاجتماعية أن تستقطب الشركات المحلية العاملين فى الشركات المُقاطعة، وهو أمر ظهر جليا فى الأردن إذ أعلنت مطاعم ومقاهى عن فتح باب التوظيف لأولئك العاملين».

هل المقاطعة أداة فعّالة؟

سألنا المحلل الاقتصادى الأردنى هيثم حسان عن فعالية المقاطعة كأداة للضغط السياسى والاقتصادى، وأجاب: «نعم، المقاطعة سلاح فعال ومؤثر، وهى فعل مقاوم، وفعل نبيل، رغم أنها فعل امتناع، بمعنى سلبى، لاتفعل شيئا إلا أن تتوقف عن ممارسة فعل أو سلوك قد يؤذى الأبرياء والضحايا، وهى، بلاشك، فعل ضاغط على الشركات الداعمة لإسرائيل، ويمكن أن تؤدى إلى تراجع إيراداتها وخفض أرباحها، وربما لاحقا إلى انسحابها من السوق، أو تعديل مواقفها السياسية لتتماهى مع توجهات المجتمعات المستهلكة، أو أن تقف على الحياد فى أسوأ الأحوال».
وأضاف: «المقاطعة فعل واع وتراكمى للمجتمعات، عندما تقوم فى اللحظات الحاسمة والمصيرية، بفرز الاصطفافات: من هم فى صفها ومن هم ضدها، حيث اكتشفنا فى المدة الأخيرة أن معظم السلع التى نتناولها أو نتداولها هى لشركات داعمة بشكل مباشر لإسرائيلى سواء بمواقفها أو عبر تقديم التبرعات والمنح له، وكذلك بعض وسائل التواصل الاجتماعى المتماهية مع مواقف إسرائيل».
يضيف حسان: «معركة التحرر واحدة، والمبادئ لا تتجزأ، فإن كان ما يجرى فى أى مكان بالعالم فعل تحرر، فهو أكثر وضوحا وسطوعا ويقينا فى فلسطين ضد الحالة الإمبريالية، وهى آخر المعارك ضد الاستعمار، علما أن الغرب مصاب بالانفصام، لا سيما أنه صاحب مدونات حقوق الإنسان وحق تقرير المصير، بل هو من ابتدعها، والآن نراه يتعاطف فى الوقت الراهن مع القاتل، ويقف ضد الضحيّة، وكأن هناك حالة نوستالوجية لزمن الاستعمار، وهو ما يجعل الغرب أسيرا للمرحلة الكولونيالية».
الشأن الأكثر جدية بالنسبة للمقاطعة وأثرها، يتعلق بإيجاد بدائل للموظفين الذين يعملون فى الشركات التى تتم مقاطعتها، إذ يختم حسان حديث مجيبا عن هذا السؤال: «من الممكن إيجاد فرص عمل لتلك الفئة من الموظفين، إذ يمكن لرجال أعمال واقتصاديين، وهم أناس وطنيون وإنسانيون فى معظمهم، توفير فرص للعاملين فى مؤسساتهم وشركاتهم بديلا عن الشركات الداعمة، علما ان المقاطعة سترفع مبيعات الشركات غير الداعمة لإسرائيل، وبشكل أكبر تلك الداعمة للحق الفلسطينى، لأن المستهلك سيبحث عن بديل لديها، وبالتالى سترتفع إيراداتها وأرباحها، وفائض الأرباح يمكن أن يوفر، فى جانب منه، فرص العمل لهؤلاء العاملين».

النص الأصلى

التعليقات