خرابيش - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأربعاء 15 مايو 2024 3:59 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خرابيش

نشر فى : الأربعاء 26 ديسمبر 2012 - 9:10 ص | آخر تحديث : الأربعاء 26 ديسمبر 2012 - 9:10 ص

أيا كانت نتائج ثورات الربيع العربى، فإن المؤكد أنها أثبتت قوة حضور الشباب، وقدرته على المساهمة فى صنع مستقبله، على النحو الذى يتمنونه، ومثل كل الثورات، انطلقت طاقات إبداعية عند الأجيال الجديدة، فى المجالات الفنية المعروفة، وبعضها، يتسم بابتكارات تنبئ بأعمال متميزة، قد لا تخطر على بال.. ربما، ما نراه من رسوم متحركة، تحققها مجموعة «خرابيش»، بداية لنهوض هذا الفن الذى وصل إلى مستويات رفيعة، فى دول، فازت أفلامها الكرتونية، بجوائز عالمية رفيعة.

 

«خرابيش»، حسب المعلومات المتداولة عنها، نشأت فى الأردن 2005، وبدأت إنتاجها 2008، ولأن الإسكتشات الكوميدية من أهم اهتماماتها، لذا كان لابد للمصريين، بحسهم الساخر، أن يشاركوا فى هذا النشاط، منذ عام 2011. وخلال عامين، قدم الشباب المصرى باقة من الفيديوهات السياسية، ذات الطابع النقدى المعزز بالوعى، أغلقت فى وجهها القنوات الرسمية، ولكنها وجدت فى اليوتيوب فرصة انتشارها، الأمر الذى فتح آفاق الحرية أمام مبدعيها، بعيدا عن وسائل التعبير التى تهيمن عليها حكومات مرتعشة تخاف حتى من النكتة، والكاريكاتور، والتعليق، فتلجأ إلى فرض قوانين تكبل القدرة على إبداء وجهات نظر مغايرة لما تراه السلطات، حتى إن الحكومة الأردنية أقرت خلال شهر أغسطس 2012 «قانون المطبوعات المعدل» الذى يفرض على المواقع الإلكترونية ذات القيود التى ترزح بها الصحافة المكتوبة، مما دفع مجموعة «خرابيش» مع غيرها إلى المطالبة بـ«إسقاط هذا القانون العرفى»، وعدم الرضوخ له، وإعلان «العصيان الإلكترونى» وحاولت السلطات المصرية، الآن، بنزعتها الفاشية، مصادرة تلك الأعمال النقدية، متسترة بادعاء منع المواقع الساخنة، وهى الحيلة التى لم تنطل على مبدعين، فضحوا اللعبة، وبينوا أن المقصود بـ«الساخنة»، ليس الجنسية، ولكن السياسية أولا وأخيرا.

 

مجموعة «خرابيش» عندنا، موهوبة بحق، رساموها، استوعبوا أساليب فنانى الكاريكاتور الكبار: حجازى وإيهاب وبهجت عثمان، وآخرين، واتسمت إبداعاتهم بخيال مصرى يجيد النقاط المفارقة، ويسير بها حتى نهاية تتضمن نقدا لاذعا، يكاد يتحول إلى صرخة احتجاج، فمثلا، فى أحد الإسكتشات، يطالعنا شاب يتابع شاشة تلفاز تعلن ترشح حازم أبوإسماعيل لرياسة الجمهورية، مع بوستر للرجل يفاجأ به داخل الثلاجة، ثم يخرج له من الصنبور، وحين يطل من الشرفة يرى ذات الإعلان معلقا على الحوائط.. يركب سيارته وقد التصق بها ذات البوستر، ينطلق بها قلقا وقد حاصرته المزيد من الإعلانات فى كل مكان، وعلى أريكة طبيب نفسانى، يشكو الشاب من ذلك الرجل الذى يظهر له فى كل مكان، حتى إنه يخشى طلوعه من شطاف الحمام.. ومع النهاية، يكتشف الشاب، ونكتشف معه أن الطبيب النفسانى ما هو إلا حازم أبوإسماعيل بحواجبه الكثيفة زاعما أن حالة المواطن تعنى أننا «سنحيا كراما».. عندئذ يفزع الشاب، يصرح ملقيا بنفسه من النافذة، فأى كرامة من الممكن أن تأتى فى ظل رئيس مفترض، يحاصر المواطنين بصورته التى لا حصر لها.. صاحب فكرة الفيديو، الرسام، المخرج أشرف حمدى، مع زملائه المحركين، تمتد رؤاهم النقدية إلى العديد من سلبيات الواقع، عقب الثورة، على نحو يثبت بجلاء أن آفاقا جديدة من الإبداع، ستلمع وتتأكد فى المستقبل.

 

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات