هل نسقط فى فخ الحرب الأهلية؟ - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:08 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل نسقط فى فخ الحرب الأهلية؟

نشر فى : الجمعة 27 ديسمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 27 ديسمبر 2013 - 8:03 ص

فى مدينة المنصورة وأثناء تشييع جنازة شهداء التفجير الارهابى بمديرية الأمن قام بعض المواطنين بحرق سيارة اعتقدوا أنها ملك لشخص يسكن فى العمارة التى تقف أمامها السيارة وقيل إن هذا الشخص رفع لهم يديه بعلامة رابعة بينما كانوا يرفعون هم صورة الفريق السيسى وأسرعت سيارة الاطفاء لإخماد النار المشتعلة بالسيارة لكن منع هؤلاء المواطنون السيارة التى تراجعت بالفعل تحت تهديدهم وظلت السيارة تشتعل وحولها مجموعات تهلل وتتقافز بفرح حول السيارة المحترقة وقام أحدهم برفع علم مصر على عصا طويلة ثبت فيها صورة للسيسى فى نفس الوقت تحركت مجموعات أخرى لتهاجم سلسلة محلات مواد غذائية قالوا انها قريبة من الإخوان وقاموا بنهبها وسرقة محتوياتها ثم إضرام النار بها.

فى نفس الوقت كتب أحد نشطاء الإخوان على صفحته بموقع الفيس بوك (إن ميليشيات ساويرس التى توعدنا بها تقوم الآن باقتحام بيوت إخواننا المسلمين فى المنصورة ومحافظات أخرى لن يرتدع هؤلاء إلا بإعلان الجهاد ومواجهتهم والتخلى عن فكرة السلمية الساذجة التى تسببت فى هذا الهوان الذى تتعرض له نساؤنا وأعراضنا).

على جانب آخر كتبت صفحة (الشرطة المصرية) على الفيس بوك وهى صفحة تصف نفسها أنها (صفحة غير رسمية يديرها بعض ضباط الشرطة العاملين) ويتابعها ما يقرب من مليون شخص كتبت تحرض على مهاجمة سلسلة محلات سوبر ماركت مملوكة لأحد قيادات الإخوان فى مدينة نصر.

بينما كانت تعليقات عدد من شباب الإخوان على حادث المنصورة تعلوها الشماتة وكتب أحدهم (قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار) وكتب آخر اللهم احرق قلوبهم كما أحرقوا قلوبنا فى رابعة، بينما كتبت فتاة إخوانية (كل ما يحدث والإخوان يرفضون حمل السلاح فكيف اذا حمل الإخوان السلاح وخرجوا يدافعون به عن انفسهم فى كل شبر فى مصر اذا كانوا يريدونها حربا أهلية فليعلموا أن هناك آلاف النساء والبنات يردن الشهادة قبل الرجال وسيرون بأسنا ألا لعنة الله على الظالمين)!!

•••

تداول عدد من المواقع الاخبارية أنباء عن هجوم على محلات وشركات وشقق تابعة للإخوان فى المحلة وحرق مركز للتنمية البشرية مملوك لأحد قيادات الإخوان فى دمياط واشتباكات فى أماكن أخرى.

أما وسائل الإعلام فقد تورط كثير منها فى جرعة تحريض مكثفة وحكى صديق لى عن مداخلة هاتفية سمعها على إحدى الاذاعات المحلية حيث قال المتصل للمذيع (إحنا خلاص هنخلص على الارهاب بإيدينا وهنقتلهم فى أى حتة نشوفهم فيها مش هنستنى الحكومة المرتعشة دى تحارب الارهاب فرد عليه المذيع: معاك حق والله إحنا نحمى نفسنا بنفسنا خلاص ماحدش هينفعنا ولا هيحمينا)!

•••

لا شك أن جريمة تفجير مديرية الأمن بالمنصورة مأساة مفجعة أحرقت قلوبنا وأثارت الغضب تجاه القتلة الذين نفذوها وتجاه السلطة الهشة التى عجزت عن حماية الأمن داخل مقراتها ذاتها ووسط مدينة سكنية مكتظة بالسكان مثل المنصورة، وصول هذا الكم من المتفجرات النوعية الى داخل المدن يعنى أن الخوف سينتشر فى نفوس الناس لأن أى شخص قد يتخيل نفسه أشلاء فى أى لحظة ولكن هذا لا يعنى أن تغيب الدولة ويقرر المواطنون عقاب بعضهم البعض.

الأخطر من هذا الحادث الإرهابى هو أننا صرنا نعيش فى حرب أهلية صامتة لا يهتم بها أحد وتحدث موجات متعددة منها فى محافظات مختلفة وكل حادثة فيها تمثل فتيلا قابلا للاشتعال، وكلما زادت لغة التحريض فى الإعلام الرسمى والخاص وكذلك الاعلام المضاد التابع للإخوان كلما كنا أقرب الى حدوث المواجهة الشاملة التى لن تبقى ولن تذر.

يجب ألا تخضع الدولة لابتزاز الإرهاب ويجب أن تواجهه بكل قوة وحسم دون أن تتجاوز القانون لكن فى نفس الوقت يجب أن ندرك أن هناك فخا منصوبا لمصر من أطراف مختلفة تسكب الزيت على النار لتشتعل مصر بحرب أهلية طاحنة تمزق مصر وتفتح الباب لتقسيمها.

أنا لا أتحدث عن خيالات ولا أوهام وإنما أنظر للتاريخ وتجارب من سبقونا لأجد أننا بالفعل على حافة الهاوية وحينها ستفقد السلطة المركزية سيطرتها على الأمور ويصبح المجتمع خاضعا لشريعة الغاب، سقوط الدولة خط أحمر مهما كانت اختلافاتنا السياسية يجب أن نتوحد على تماسك الدولة ووحدتها مهما كان اختلافنا مع النظام الحاكم.

•••

نرفض نموذج اللا دولة واللا نظام الذى يدفعنا بعضهم إليه، مصر لا تحتمل هذه المغامرات والمسئولية تقع على من فى السلطة ومن خارجها، كل يوم تتصاعد فيه الكراهية وتحتقن النفوس بالثأر ويشعر الكثيرون بالظلم ومع غياب العدالة الناجزة يصل هؤلاء الى الكفر بكل شىء والرغبة فى الانتقام من كل شىء.

تجار الدم وأمراء الحروب ليسوا تجار السلاح فقط بل منهم بعض الاعلاميين الذين يمهدون الطريق لحرق مصر عبر خطابهم المتدنى الممتلئ بالكراهية العشوائية والتخوين والتشكيك والشيطنة.

انتهى زمن المصالحة السياسية وماتت فرصته تماما لكن المصالحة المجتمعية بين المصريين لا يمكن أن نتخطاها لأنها صمام أمان هذا الوطن، انزعوا الكراهية من قلوب الناس وانشروا العدل وارفعوا الظلم وأقيموا القانون واحترموا الانسان قبل أن يكفر بكم الانسان، لا تتهاونوا فى ملاحقة المجرمين والارهابيين فأمن المصريين لا يقبل المساومة.

حصنوا الدولة بالعدل وأخرسوا أصوات التحريض فهى تأخذنا الى الدمار ومزيد من الدم، أطفئوا نار الفتنة فقد اندلعت ألسنتها واقتربت منا تلفح مستقبلنا، مصر فى خطر حقيقى وعلى كل من به ذرة وطنية أن يدرك أن الوطن يصرخ وهو يرى أبناءه يحرقون مستقبله بأيديهم عمدا أو جهلا أو عنادا حفظ الله مصر.

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات