لماذا يهادن «الإخوان» داعش؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 5:25 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا يهادن «الإخوان» داعش؟!

نشر فى : السبت 28 نوفمبر 2015 - 11:00 م | آخر تحديث : السبت 28 نوفمبر 2015 - 11:00 م

سؤال أتمنى أن أجد إجابة شافية عليه من التنظيمات الإسلامية فى مصر والمنطقة والعالم الاسلامى:لماذا لا نسمع صوتا واضحا من غالبيتكم ضد العمليات الإرهابية البشعة التى ينفذها تنظيم داعش، ولماذا عندما يدين بعضكم هذه العمليات فإنها تكون على مضض، وتلتمس العذر للدواعش، ومتى تمتلكون الشجاعة لمراجعة أفكاركم حتى نجفف فعلا منابع الإرهاب؟!.
فى مرات كثيرة كنت أتعاطف أحيانا مع منطق البعض الذى يقول إن ما تعرض له الإسلاميون منذ تعطيل العملية الديمقراطية فى الجزائر أوائل التسعينيات من القرن الماضى، نهاية بإخراج «الإخوان المسلمين» من السلطة فى مصر فى٣٠ يونيو ٢٠١٣ عبر المظاهرات وليس صناديق الانتخابات، والانقلاب على الربيع العربى هو أحد الأسباب الرئيسية فى انفجار موجات العنف فى المنطقة العربية.
سنفترض أن كل ما سبق كان صحيحا، وأن مسئولية العنف تقع على ظلم واستبداد الأنظمة العربية الحاكمة، وبالتالى فالسؤال البديهى ــ الذى لا نجد له إجابة شافية ــ هو لماذا كل هذا العنف والإرهاب فى تونس، رغم أنها تحديدا «طبقت كل ما جاء فى كتاب الديمقراطية من خطوات وإجراءات»؟!.
دستور تونس وضعته جمعية تأسيسية معظمها من جماعة الإخوان، والجماعة هى التى فازت فى الانتخابات، وشكلت الحكومة، ثم خسرت الانتخابات التالية، لكنها ظلت قوة رئيسية فى المجتمع والبرلمان، بل ربما تعود القوة الأولى فى البرلمان، إذا نفذ بعض منشقى «نداء تونس» تهديدهم وانسحبوا من التحالف الحاكم.
ورغم ذلك فإن هجمات الإرهابيين النوعية، لا تتوقف وآخرها التفجير الانتحارى الذى أدى لمقتل أكثر من ١٣ عنصرا من الحرس الرئاسى التونسى فى العاصمة مساء يوم الثلاثاء الماضى، واعقبه اتخاذ إجراءات صعبة لم تعرفها تونس منذ خلع ديكتاتورها السابق زين العابدين بن على أهمها إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجول ليلا فى العاصمة.
إذًا الإرهابيون، الذين يتمسحون فى الإسلام ــ لا تشغلهم الديمقراطية أو الحرية أو حقوق الإنسان. أفكارهم قائمة أساسا على احتقار كل هذه القيم، وإذا كانوا يكفرون جهة النصرة أو «القاعدة»، التى هى أيضا متطرفة وإرهابية، وإذا كانوا يتفنون فى حرق وشوى وذبح المسلمين، فماذا تتوقع منهم ضد أصحاب الأديان والأفكار الأخرى؟!.
سيرد بعض أنصار جماعة الإخوان ويقولون:ولكن نحن نصدر بيانات تدين داعش!!!.
للأسف الشديد حتى البيانات اللفظية لم نعد نسمعها كثيرا من الجماعة ضد أفعال داعش فى سيناء، خصوصا حينما تستهدف ضباط الجيش والشرطة والقضاة، والعكس هو الصحيح، نرى فرحا وشماتة دائمة تنعكس على صفحاتهم ومواقعهم.
هذه الشماتة هى التى توفر الحاضنة الشعبية لداعش، بل وتدفع بالشباب الصغير ــ الذى تم غسل أدمغته ــ للانضمام إلى هذا التنظيم، أو العنف، كما رأينا من «اللجان النوعية الإخوانية».
وحتى عندما ننتقل من الصفحات العادية التى تخص أعضاء جماعة الإخوان، ــ والتى سيقول البعض إنها فردية ــ إلى صفحات قادة ورموز ودعاة كبار، فلن تختلف كثيرا، فقد صارت تبرر وتشرعن للعنف ــ حتى لو كان من داعش ــ طالما أنه يشوه الحكم والحكومة فى مصر.
نفس الأمر ينطبق على ممارسات داعش فى سوريا، ونرى «طناشا وصهينة» طالما أنها ستؤدى لإضعاف نظام الأسد.
قد يقول البعض إن هذا الأمر مرده إلى الواقعية السياسية تطبيقا لقاعدة «عدو عدوى صديقى»، وهذا ينطبق على أى موقف إلا داعش، لأن هذا التنظيم يكفر الجميع، وبالتالى عندما أساعده أو أدعمه بالقول أو الفعل، فلن أستفيد بل أمكنه وسوف ينقلب ضدى غدا.
تعتقد جماعة الإخوان وأنصارها، أن كل ما ينهك النظام المصرى والأنظمة العربية المعادية لها يصب فى مصلحتها، وهو أمر صحيح فعلا، باستثناء ما يفعله داعش، لأن هذا التنظيم تحديدا، وجه ضربة شبه قاضية لكل التنظيمات الإسلامية المعتدلة منها والمتطرفة. بل صار «شبهة» ضد كل العرب والمسلمين حتى لو كانوا علمانيين أو ماركسيين!!.
لو أن هناك نضجا حقيقيا داخل التيارات الإسلامية التى تصف نفسها بالمعتدلة لبادرت هى قبل غيرها إلى فضح ومحاربة ومواجهة داعش وأمثاله فعلا لا قولا، لأنه يضر بالإسلام نفسه وليس بالمسلمين فقط.. لكن المشكلة الجوهرية هى أن التطرف صار سمة غالبة داخل كل التيارات الإسلامية.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي