انزعوا قنبلة «رؤساء الهيئات القضائية» - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 7:32 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انزعوا قنبلة «رؤساء الهيئات القضائية»

نشر فى : الأربعاء 29 مارس 2017 - 9:25 م | آخر تحديث : الخميس 30 مارس 2017 - 9:10 ص

قانونا يحق لمجلس النواب أن يقر ما يشاء من قوانين، مادامت قد تمت بالأغلبية وطبقا للائحة.. لكن السؤال الجوهرى فى هذا المقام هو: ما قيمة أن تقر قانونا ــ حتى لو كان بالإجماع ــ إذا كان ذلك سوف يتسبب فى ضرر حقيقى للمجتمع بأكمله، وللاستقرار بمفهومه العام؟!.

المقدمة السابقة مهمة للغاية ونحن نناقش مشروع قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية، الذى أقره البرلمان بشكل مبدئى يوم الإثنين الماضى، فى أقل من ست ساعات داخل اللجنة التشريعية والجلسة العامة بالمجلس، ويعطى لرئيس الجمهورية، حق تعيين رؤساء هذه الهيئات من بين سبعة أشخاص بدلا من «قاعدة الأقدمية» التى كانت مستقرة لسنوات طويلة.

مبدئيا هذه معركة تتسم بقدر كبير من الحساسية لأنها تتعلق بالعلاقة بين السلطات، وعندما يصل إحساس لغالبية القضاة وكل الهيئات بأن الهدف من القانون هو أن تتحكم السلطة التنفيذية فى السلطة القضائية، فتلك مشكلة خطيرة سوف تتحول إلى لغم خطير قد ينفجر فى أى لحظة فى وجه المجتمع بأكمله.

هذا القانون من القوانين المكملة للدستور وينبغى إقراره بموافقة ثلثى الأعضاء، لكن الأهم أن يحظى بأكبر قدر من النقاش والأخذ والرد، وقبل ذلك وبعده إقناع أهل الرأى والاختصاص.

سيقول قائل: «إن من حق البرلمان أن يقر ما يشاء من قوانين، وإننا إذا انتظرنا موافقة أهل شأن أى قانون، فلن ننجز شيئا». نعم، لكن السؤال المضاد هو: «وأى ثمن سوف ندفعه فى هذه الحالة؟!!».

فى هذه القضية لابد من التأنى والهدوء، حتى لا ينتهى الأمر بصدام بين أهم سلطتين وهما القضائية والتشريعية، إضافة إلى أن السلطة التنفيذية سوف تكون متهمة بأنها المستفيد الأكبر من هذا القانون.

لا أعرف حتى الآن الفلسفة التى تحركت بها الحكومة أولا فى هذا المشروع. ولا أعرف لماذا لم يخصص البرلمان الوقت الكافى لمناقشة هذا القانون شديد الحساسية.

بحثت كثيرا عن أصوات قضائية ذات حيثية للدفاع عن هذا القانون الجديد، فلم أجد إلا بضعة أصوات. كل الهيئات الأساسية تعارض القانون من أول مجلس القضاء الأعلى إلى نادى القضاة إلى مجلس الدولة والنيابة الإدارية.. فمن الذى تبقى إذًا؟!!

فى الماضى كان كثيرون يتهمون المعارضين لأى قانون بأنهم إخوان أو متعاطفون مع الإخوان، لكن فى هذه الأزمة يصعب استخدام نفس الحجة.

فغالبية المعترضين من القضاة اليوم هم الذين تصدوا لمحاولات الإخوان الهيمنة على القضاء أثناء فترة حكمهم.

وبالتالى يصبح السؤال الجوهرى هو: كيف حسبت الحكومة وأجهزتها حساباتها وهى تعد هذا القانون؟! وما الذى تخشاه الحكومة ودفعها للتعجيل بتقديم هذا القانون وتمريره بشكل سريع ومريب فى البرلمان؟ وهل حسبت الحكومة مكاسبها وخسائرها من هذه المعركة؟!.

هل وضعت الحكومة فى حساباتها أنها خسرت معظم المجتمع المدنى بقانون الجمعيات الأهلية، ثم خسرت معظم الصحفيين بقانون الإعلام، وتكاد تخسر القضاة بهذا القانون، وقبل ذلك خسرت العديد من الفئات بقوانين مختلفة.

الوقت لم ينته بعد ولاتزال هناك فرصة وأتمنى أن يعيد البرلمان النظر فى مشروع القانون الذى يفترض أن يعود إليه مرة أخرى من مجلس الدولة، وأتمنى أن تتدخل مؤسسة الرئاسة لتنزع هذا الفتيل الذى سينفجر فى وجهنا جميعا. أحوال البلد الاقتصادية والاجتماعية ــ إضافة إلى الإرهاب والتطرف ــ لا تسمح بمثل هذا التجريب القاتل.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي