ضمير «فرانشيسكا»! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 12:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ضمير «فرانشيسكا»!

نشر فى : الجمعة 29 مارس 2024 - 7:25 م | آخر تحديث : الجمعة 29 مارس 2024 - 7:25 م

أعطت مقررة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز، الأمل للملايين حول العالم، بأنه لا تزال هناك ضمائر حية، ترفض جرائم الحرب والإبادة الجماعية، التى تشنها آلة القتل والدمار الصهيونية ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة.
فـ«فرانشيسكا» المحامية والأكاديمية الإيطالية ذات الـ 47 عاما، والتى تسلمت مهام منصبها كمقررة خاصة معنية بحقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة فى مايو من عام 2022، لم تلجأ كغيرها من المسئولين الدوليين إلى محاولة تجميل القبح الفج، أو تزييف الحقائق المجردة، التى يراها العالم أجمع بشكل واضح ولا يبدى اعتراضا عليها أو إدانة لها، ولم تسر فى ركب الدول التى منحت الاحتلال الضوء الأخضر لحرب الإبادة الحالية ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة، والمستمرة منذ أكثر من ١٧٥ يوما، بل سمت الأشياء بمسمياتها الحقيقية، ولم تخش انتقادات الزعماء والقادة المتصهينين والداعمين للكيان الغاصب المحتل، وقالت بوضوح تام وشجاعة متناهية إن ما تقوم به قوات الاحتلال الصهيونية فى قطاع غزة يمثل «إبادة جماعية».
فرانشيسكا قدمت لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تقريرا مهما حمل عنوان «تفصيل الإبادة الجماعية»، أكدت فيه أن «هناك أسسا معقولة للاعتقاد بأن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية فى قطاع غزة خلال حملتها العسكرية ضد حركة حماس».
وقالت المقررة الخاصة الأممية فى مؤتمر صحفى الثلاثاء الماضى إن «إسرائيل تهدف إلى التدمير المنهجى لجميع سكان غزة أو على الأقل لجزء كبير منهم.. والقادة والجنود والعسكريون فى إسرائيل شوهوا عمدا مبادئ القانون، من خلال محاولة ارتكاب أعمال عنف وإبادة جماعية وتدمير للشعب الفلسطينى».
وشددت على أن «الشعب الفلسطينى عاش منذ عام 1947 ممارسات تمهد للإبادة الجماعية، وأن إسرائيل تلاعبت بالقانون الدولى الإنسانى لتبرير ارتكاب انتهاكاتها فى غزة».
وأكدت فرانشيسكا أنها «تعرضت لهجمات وتلقت تهديدات عديدة منذ بدأت مهمتها فى إعداد هذا التقرير، لكن هذا الأمر لم يغير فى التزامها بعملها أو نتائجه».
بالتأكيد نموذج مثل هذه المحامية والأكاديمية الإيطالية، التى تأبى الانسياق وراء الرواية والسردية الصهيونية، الهادفة إلى تسويق دولة الاحتلال على أنها ضحية فى محيط متوحش، يستحق الدعم والمساندة بكل قوة فى مواجهة الحملات والانتقادات والتهديدات الصهيونية، التى تسعى بكل قوة إلى إسكات أى صوت حر أو صاحب ضمير حى، يدين بلا خوف أو تردد، جرائم الاحتلال ضد الأبرياء والمدنيين فى الأراضى الفلسطينية، ويرفض وصم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب والتطرف والتشدد، ويتناسى عن عمد مشاهد القتل والدم والدمار والخراب فى غزة، والتى تنقلها مختلف الشاشات على الهواء مباشرة منذ شهور، بما يثبت بجلاء ووضوح، همجية ونازية ووحشية المحتل، الذى لا يتورع عن ارتكاب أبشع وأفظع وأحط الجرائم ضد الأبرياء من النساء والأطفال الفلسطينيين.
هذا النموذج المحترم يثبت أيضا أن هناك الكثير من الضمائر الحية فى العالم، سواء كانت شعوبا أو منظمات حقوقية، ترفض وبقوة حرب الإبادة الإسرائيلية ضد غزة، سواء عن المجازر اليومية التى ترتكب ضد المدنيين، أو طريق حرب الجوع التى تمنع الغذاء والدواء والماء والكهرباء عن القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضى، وهو ما جعل الأطفال فى القطاع يتضورون جوعا حتى الموت، وفقا لتقارير الكثير من المنظمات الدولية، ومنها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) التى ذكرت الأسبوع الماضى أن «الحرب فى غزة، حطمت سجلات الإنسانية فى أحلك فصولها»، وشددت على الحاجة الملحة لأن «تكتب الإنسانية فصلا مختلفا»!!.
بلاشك أن الضمير الحى لفرانشيسكا، والمواقف القوية لليونيسيف وغيرها من المنظمات الدولية المستقلة، ستكتب ذات يوم فصلا مختلفا للإنسانية ليس فى قطاع غزة فقط، عندما تتوقف هذه الحرب الملعونة، ولكن فى جميع أنحاء فلسطين عندما تحصل على حريتها واستقلالها من المحتل الصهيونى.

التعليقات