خدوش في واجهة جهاز سيادي - عبد الرحمن مصطفى - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 10:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خدوش في واجهة جهاز سيادي

نشر فى : الإثنين 29 سبتمبر 2014 - 11:15 ص | آخر تحديث : الإثنين 29 سبتمبر 2014 - 11:58 ص

ليس من السهل أن نتجاهل الجدل الذي تصاعد قبل أسابيع حول اللواء ثروت جودة وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق، بعد حواره مع جريدة الوطن، حين ذكر تصريحات غريبة، عن أنه نصح مدير المخابرات السابق اللواء رأفت شحاتة بحجب أي معلومة صحيحة عن الرئيس المعزول محمد مرسي، أو أن نتجاهل ما ذكره عن أن المشير طنطاوي قد سمح لمحمد مرسى بالترشح، رغم عمله بأنه كان يتخابر مع جهات خارجية.

في نهاية الأمر، نفي ثروت جودة كافة هذه التصريحات بعد أن أثارت جدلا كبيرا، إلا أن الأزمة تتجاوز هذه الواقعة، فقد كانت هناك تصريحات سابقة له أكثر طرافة، وهي تصريحات لم ينفها في أي وقت، مثل حديثه في العام الماضي عن أن "الأجهزة السيادية المصرية والمسئولين يستخدمون فى مراسلاتهم ما يُعرف لدى الأجهزة الاستخباراتية بـ«شفرة عوكل»، وهى شفرة تستخدم فى مراسلاتنا الخارجية، ولا يستطيع جهاز فى العالم أن يكتشف تلك الشفرة أو يخترقها"، ولن أتحدث عن حجم السخرية التي أطلقها مستخدمو الإنترنت المصريون من هذا التصريح.

أما متابعة أدائه على صفحته الرسمية في فيسبوك، فتزيد الصورة ارتباكا، بسبب استخدامه لغة مضطربة في الكتابة، وهو ما يفتح تساؤلات عن حالة ضابط المخابرات السابق، الذي كان له وضع حساس في جهاز سيادي.

وفي الحقيقة لم تكن ثورة 25 يناير هي السبب في كسر رهبته في نفوس القراء أو لدى مستخدمي الإنترنت، بقدر ما كسرها أداؤه المثير للسخرية وما يدونه على صفحته من إدانة لثورة 25 يناير، وهي الثورة التي يتباهى بها الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي في المحافل الدولية، أما المعلومة الأهم فهي أن ثروت جودة قد ترك الخدمة منذ العام 2009، فهل يمثـّل -هو ومن مثله- عبئا على صورة جهاز المخابرات العامة؟.

•••

هذه الحالة لا تتوقف على شخص بعينه، ففي السنوات الأخيرة برزت شخصيات أخرى كانت قريبة من اللواء الراحل عمر سليمان، وتحولت تلك الشخصيات فيما بعد إلى مادة للتندّر، ولم تكن موجات السخرية من تلك الشخصيات بسبب الخصومة السياسية، بقدر ما كانت بسبب أدائهم غير المتوافق مع عقلية الشباب ومع عالم الإنترنت، هذا ما ظهر مبكرا مع المقدم أركان حرب حسين شريف، مدير مكتب عمر سليمان، المعروف "بالراجل اللي واقف ورا عمر سليمان". فلم تكن حالة التجهُّم التي بدا عليها في خطاب تنحي مبارك مقبولة لدى غالبية مستخدمي الإنترنت، ما جعله مادة للسخرية، رغم خلفيته المخابراتية الرصينة.

ومن أهم الشخصيات التي مثـّلت عبئا أكبر على سمعة الراحل عمر سليمان، كانت شخصية سامح أبو عرايس الخبير في البورصة، وأحد مؤسسي حركة أبناء مبارك، فهو من تصدر الإعلام لفترة من الزمن على أنه المنسق العام لحملة عمر سليمان رئيسًا، وفيما هو واضح أنه كان على صلة مباشرة بعمر سليمان، إذ ما زال يتعمد نشر صوره مع اللواء الراحل في المكتب وفي المنزل، وما زال يحتفظ بصورة كبيرة له من حوار تليفزيوني تضم خلفية لصورة الراحل عمر سليمان.

وبعيدا عن سخرية باسم يوسف من سامح أبو عرايس في فترة سابقة بسبب تأويلاته المضادة لثورة 25 يناير ووصفه إياها بأنها مؤامرة ماسونية، إلا أن من يتابع حساب "أبوعرايس" على فيسبوك مؤخرا، سيلاحظ تطورا أعنف، حين اتجه إلى كتابة عبارات غامضة عن تلقيه الوحي من الإله حورس، وبدأ الطعن في الأديان السماوية، ومحاكاة نصوصها بسخرية، وهو ما استدعى عناوين جديدة على الإنترنت مثل : "أبو عرايس ” يهاجم الإسلام معلنًا اعتناقه ديانة فرعون ، خاصة بين المواقع الموالية لجماعة الإخوان المسلمين.

هذا الرجل يعطي انطباعا بأنه كان ذا صلة مباشرة بصقر المخابرات المصرية عمر سليمان حسبما يصفه أنصاره، ولم تكن حالة سامح أبو عرايس هي الوحيدة، بل نجد كاتبا صحفيا مثل صموئيل العشاي، ممنوعا في فترة من دخول نقابة الصحفيين بسبب مشاكل أثارها في داخل المبنى، وهو الذي كان يقدم نفسه طوال الوقت بصفته مدير حملة عمر سليمان الرئاسية.

فهل من المنطقي أن تحيط هذه الشخصيات بالراحل عمر سليمان الذي أدار جهاز المخابرات العامة المصرية لأكثر من 18 سنة ؟

•••

كل هذه المشاهد تطرح تساؤلات حول من يخدش صورة جهاز المخابرات العامة، هل هم الشباب الذين شاركوا في ثورة 25 يناير كما يروج بعض الخبراء واللواءات السابقين؟ أكرر .. هل هؤلاء الشباب على الإنترنت هم حقا من يسيئون إلى "حماة الأمن القومي" أم أن الذين يتمسّحون بجهاز المخابرات ورجاله هم سبب السخرية المتكررة؟

تكفي زيارة إلى عالم الفيسبوك الذي يضيق به كثير من الخبراء والمحللين وذوي الخلفية العسكرية، لتكتشف أن هناك صفحات ذات صلة بشخصيات مخابراتية، تمثل في حد ذاتها إساءة لهم ولجهاز المخابرات العامة.

على سبيل المثال: ما معنى أن تجد صفحة بعنوان الحملة الرسمية للمناداة بظهور اللواء عمر سليمان؟ وهي صفحة تعتبر أن الرجل لم يمت، وكان يمكن اعتبارها مجرد رد فعل عاطفي لوفاة عمر سليمان المفاجئة، لكن الصفحة ما زالت مستمرة في العمل، وأحيانا ما تبث الضغائن ضد المشير طنطاوي، الذي تعتبره سببا في مجئ الإخوان المسلمين إلى حكم مصر، وبين الحين والآخر تروج إلى عودة عمر سليمان من جديد، حتى أن ذلك قد دفع بعض أنصار اللواء الراحل إلى انتقاد الصفحة، لأنها تروج معلومات غير سليمة.

وفي الوقت نفسه، يتضح من متابعة الصفحة أن مديريها ينسقون مع صفحة أخرى باسم اللواء مراد موافي مدير جهاز المخابرات العامة الأسبق، أي أنهم بشكل أو بآخر يمثلون واجهة لقيادات الجهاز على الإنترنت.. بهذا الأداء المريع.

•••

فيما يبدو أن الخدوش التي تطال صورة جهاز المخابرات العامة الذي حاول الحفاظ على صورته أمام أبناء جيلي طوال السنوات الماضية، ليست خدوشا ناتجة عن مؤامرة يديرها الشباب المحسوبون على ثورة 25 يناير، لكنها خدوش أصابته بسبب من يدعون قربهم من هذه الأجهزة أو قياداتها.

التعليقات