ارتباك بين جدة والقاهرة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 5:10 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ارتباك بين جدة والقاهرة

نشر فى : الثلاثاء 29 سبتمبر 2015 - 8:05 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 29 سبتمبر 2015 - 8:05 ص

المسافة بين القاهرة وجدة، لاتزيد عن ساعتين إلا الربع بالطائرة، لكن ما حدث يوم الأحد الماضى، أن بعض الركاب قضوا اليوم بأكمله عالقين فى مطار جدة، بانتظار العودة فى ظل حالة ارتباك كبيرة، تصاحب بدء عملية عودة الحجاج من الأراضى السعودية.

مجموعة من الزملاء الصحفيين، كان يفترض أن يسافروا فى العاشرة صباحا عبر الخطوط السعودية إلى القاهرة، لكنهم لم يجدوا أماكنهم بسبب الزحام والوصول المتأخر إلى المطار، وفى النهاية ركبوا طائرة الخطوط المصرية، بعد انتظار زاد عن أربع ساعات.

مجموعة أخرى من المواطنين، جاءت المطار فى الخامسة فجرا، لكى تلحق بالطائرة التى ستقلع فى الثامنة صباحا، لكنهم اكتشفوا سفرهم سيكون فى الثامنة مساء، لأن الموظف كتب الموعد بالخطأ، ورغم ذلك لم تقلع الطائرة حتى العاشرة ليلا!.

لم أكن لأصدق كل ذلك لولا أننى عشت التجربة شخصيا ومعى مجموعة من الزملاء والأصدقاء.

طائرتنا كان يفترض أن تقلع فى الثانية عشرة إلا الربع ليلا، خرجنا من مكة فى الرابعة عصرا، خوفا من ازدحام الطريق، لأن غالبية الحجاج تغادر جدة فى مثل هذة الوقت قاصدة مطار جدة أو السفر برا للمدينة المنورة.

وصلنا إلى مطار جدة فى الخامسة والنصف عصرا، ودخلنا واشترينا مياه زمزم، ومرت الساعات من دون أن نعرف معلومة واحدة عن الرحلة رقم 309، وليس مكتوبا أمامها على الشاشة شيئا، ولم يكن هناك أى موظف يقدم لنا معلومة محددة.

وفى الثالثة فجرا، تم الإعلان عن بدء إجراءات الرحلة، وتحركت الطائرة من مطار جدة فى الرابعة فجرا.

الموضوعية تقتضى القول، أنه كان الله فى عون المطارات السعودية خلال استقبال ووداع الحجاج، خصوصا فى وداعهم، لوجود نحو مليونى شخص يريدون العودة فى وقت واحد تقريبا إلى بلدانهم، خصوصا من مطار جدة أقرب مطار إلى مكة.

لكن الموضوعية أيضا تقول، إنه يفترض وجود تنظيم أكثر دقة مما يحدث كل عام، بحيث لا تتأخر بعض الرحلات لساعات طويلة، كما حدث لنا ولغيرنا، ويزيد الطين بلة، أن غالبية الشركات السياحية المصرية تتعامل مع الحجاج باعتبارهم صاروا عبئا وعليهم التحمل، وعندما تسأل شخصا منهم عن وجود تقصير يقول لك: «وحد الله يا حاج، هذه أمور دنيوية زائلة، عليك بالتحمل، هذا اختبار من الله!».

الارتباك لم يكن قاصرا فقط على مطار جدة، لكنه كان موجودا أيضا فى مطار القاهرة.
الطائرة وصلت فى الخامسة والنصف صباح أمس الاثنين، لنجد أن سيارات متعددة تقف أسفل الطائرة فى انتظار بعض أصحاب المقام الرفيع، فى مشهد لا يحدث إلا فى مصر تقريبا وبعض المطارات التى تضرب بالمساواة عرض الحائط.

وكان مطلوبا من العائدين ملء استمارة عن الحجر الصحى، تفاجأوا بها بمجرد دخولهم صالة الجوازات، وكان يمكن ملئها فى الطائرة، والنتيجة تكدس لا حد له. وبدلا من توفير عربات التروللى لحمل الحقائب، كان على الراكب أن يسير مسافة طويلة للحصول على عربة، وعندما سألت العامل، لماذا لا تحضرونها بالقرب من «سير» الرحلة، ينظر عليك ممتعضا ويرد: «هو أنا هاعمل كل حاجة؟!»، لكن المفارقة أن غالبية العمال انشغلوا بمحاولة البحث عن حقائب بعض المسافرين للحصول على «المعلوم» بدلا من توفير العربات!.

عليك أن تتصور مشهد حاج أو حاجة عمرها تجاوز السبعين وتمشى بالعافية، وتحتاج لعربة، «السير» نفسه ظل مرتبكا، فحجمه صغير وعليه حقائب الرحلة ٣٠٩، وحقائب أخرى متخلفة من الرحلة ٣٠٧، والركاب يقفزون فوقه، وبعضهم يتعثر أو يتشنكل، فى حين أن حدا أدنى من التنظيم، كان يمكن أن يوفر كل هذه المشقة أو البهدلة فى ظل أن غالبية الركاب لم يكونوا قد ناموا طوال النهار والليل، لكن ما عوض قليلا من هذه المأساة، أن موظفى الجوازات والجمارك كانوا لطفاء ومبتسمين.

والسؤال: إلى متى سنظل لا نجيد العمل فى ظل المناسبات الكبرى.. موعد سفر ووصول الحجاج معلوم للجميع.. فلماذا لم نستعد.. ومتى سوف نتعلم؟!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي