الفوضى فى مصر تهدد الاستقرار ومساعى بناء الدولة المركزية القوية - إيال زيسر - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 10:13 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفوضى فى مصر تهدد الاستقرار ومساعى بناء الدولة المركزية القوية

نشر فى : الأربعاء 30 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 30 يناير 2013 - 8:00 ص

أحيا المصريون الذكرى الثانية للثورة المصرية التى أسقطت حكم حسنى مبارك بتظاهرات كبيرة تخللتها أعمال عنف قُتل جرّاءها العشرات وجُرح المئات. وتعالت الدعوات مجددا من ميدان التحرير مطالبة بإسقاط الطاغية،

 

وهذه المرة المقصود هو محمد مرسى، الرئيس المنتخب الذى لم يمض أكثر من نصف عام على توليه منصبه.

 

لقد كان السبب المباشر للاشتباكات هو صدور الحكم بالإعدام فى حق عدد من المتهمين بالقيام بأعمال شغب قبل عام فى ملعب لكرة القدم فى بور سعيد. بيد أن أسباب اندلاع الاحتجاجات فى أنحاء واسعة من مصر هى أعمق من ذلك كثير ا.

 

•••

 

إن أحد أسباب الغليان الشعبى هو خيبة أمل العديد من المصريين، وخصوصا أبناء الطبقات الفقيرة، من ضآلة الإنجازات التى حققتها حتى الآن الثورة التى أسقطت حكم مبارك. ويتضح الآن لكثير من المصريين أنه لم يكن واقعيا توقع أن كل شيء سيحدث دفعة واحدة بمجرد استبدال مبارك بمحمد مرسى، وأن جميع المشكلات التى يعانيها المجتمع ستُحل، وأنه سيكون ممكنا خلال أشهر إيجاد ملايين الوظائف الجديدة، وحل مشكلة الفقر والضائقة الاقتصادية، وإعادة السياح إلى مصر ومعهم المستثمرون الأجانب، والمضى بمصر فى طريق جديد. لذا، وبقدر ما كانت الآمال الكبيرة بمستقبل أفضل، جاءت خيبة الأمل الكبيرة، وظهر الغضب العميق ضد مرسى الذى تحوّل إلى هدف للانتقادات والغضب والإحباط.

 

•••

 

ثمة مصدر آخر للغضب والثورة هو احتجاج شباب ميدان التحرير والأوساط الليبرالية فى مصر، الذين خرجوا قبل عامين إلى الشوارع وأسقطوا حكم مبارك، إذ شعر هؤلاء بأن محمد مرسى والإخوان المسلمين سرقوا الثورة منهم، وأن هدف مرسى هو إنشاء دولة ثيوقراطية دينية.

 

حتى الآن لا تشكل الاحتجاجات التى عمّت الشوارع فى مصر خطرا مباشرا على حكم مرسى. فعدد كبير من المتظاهرين لم يطالب بإسقاطه، كما أن مرسى لا يزال يحظى بدعم لا يستهان به وسط الجمهور المصرى الذى انتخبه قبل أقل من عام رئيسا للجمهورية.

 

•••

 

تشكل الفوضى التى سادت مصر فى الأيام الأخيرة خطرا على استقرار الدولة المصرية، وعلى إحساس المواطن بالأمان، وهى تهدد بصورة خاصة المساعى الرامية إلى بناء دولة مركزية فاعلة تحظى بالشرعية وقادرة على النهوض الاقتصادى. خلال الأعوام المقبلة ستظل مصر تعيش مشكلات أساسية صعبة من شأنها أن تشعل اضطرابات مشابهة لتلك التى رأيناها فى الأيام الأخيرة. وستشغل هذه المشكلات مرسى وتفرض نفسها على جدول أعماله وجدول أعمال مصر كلها.

 

ونأمل بأن يدرك مرسى بسرعة حدود قوة مساعيه الرامية إلى إحكام قبضته على الحكم.

 

•••

 

ثمة ملاحظة أُخرى على هامش ما يجرى، فالأحداث فى مصر جاءت فى نهاية الأسبوع الذى جرت فيه الانتخابات فى إسرائيل. فقد انتبه عدد من المصريين إلى أنه فى إسرائيل، وبغض النظر عن الانتقادات ضد سياسة حكومتها، فإن المواطنين الإسرائيليين هم الذين يختارون مصيرهم عبر انتخابات ديمقراطية، وأن تبادل السلطات يجرى بواسطة التصويت المنظم والقانونى فى صناديق الاقتراع، وليس عبر الثورات العنيفة والدموية التى لا نهاية لها.

 

 

 

باحث فى معهد دايان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا

 

يسرائيل هيوم

 

نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

إيال زيسر  عميد كلية العلوم الانسانية في جماعة تل ابيب
التعليقات