مصر وأمريكا بعد الإخوان - سمير كرم - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 7:20 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر وأمريكا بعد الإخوان

نشر فى : الأربعاء 30 أبريل 2014 - 6:15 ص | آخر تحديث : الأربعاء 30 أبريل 2014 - 6:15 ص

علاقات مصر بأمريكا يشوبها منذ بداية ثورة يناير 2011 قدر غير قليل من الالتباس. وهذا الالتباس شبيه بالالتباس الذى يشوب الوضع فى مصر منذ هذه البداية نفسها.

الآن ومصر تتهيأ لزوال هذا الالتباس فى الوضع العام بدأت تظهر بوادر تدل على أن الالتباس آخذ فى الزوال عن العلاقات المصرية الأمريكية. وقد ظهر الدليل القاطع على أن العلاقات المصرية ــ الأمريكية عندما اجتازت هذه العلاقات أزمة بحجم الأزمة التى كانت قد أوشكت على إصابة العلاقات عندما لجأت مصر إلى روسيا للحصول على أسلحة رفضت أمريكا تزويدها بها قبل شهور. ولا مجال هنا للمقارنة بين الأزمتين ولكن الأمر المؤكد أن امريكا تصرفت هذه المرة برصانة وهدوء رغبة منها فى الاحتفاظ بالعلاقات مع مصر فى حالة من الاتزان والاستمرارية.

وروسيا من جانبها بدت أيضا مدركة أهمية علاقاتها مع أمريكا ومصر. وقد اتضح ذلك فى استمرار الاتصالات والزيارات بين الجانبين المصرى والأمريكى وخاصة بين القوات المسلحة فى الدولتين. وقد توجت مصر هذه العلاقات بزيارة قام بها أخيرا وزير الخارجية نبيل فهمى لواشنطن. وزاد من أهمية العلاقات أن أمريكا أبدت حرصا شديدا على إتمام صفقة أسلحة (طائرات «أباتشى» مع مصر قبيل سفر فهمى إلى واشنطن.

•••

لقد استطاعت مصر بصمودها فى وجه الضغوط الأمريكية والأوروبية بشأن الإخوان أن تجبر الأمريكيين والأوروبيين على الانسحاب تدريجيا من ميدان المعركة الإخوانية فى العالم ككل. ومن المؤكد أن يكون الصخب الأمريكى والأوروبى قد زال تماما من أجواء العلاقات المصرية ــ الأمريكية والمصرية ــ الأوروبية بعد أن تستقر الأمور فى مصر فى أعقاب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة فى مصر. وقد تفلح واشنطن فى أن تقلل من شأن هذا التفوق المصرى السياسى عليها فى مجال دور الإخوان. بل إن بالإمكان القول من الآن أن واشنطن أفلحت من الآن فى إخفاء هزيمتها فى المعركة بشأن دور الإخوان فى التطورات المصرية وفى التطورات العالمية. فقد ادركت واشنطن أنه لا فائدة لها من وراء الاستمرار فى الاهتمام بالشأن الإخوانى، بل أدركت أن رفع الصوت بشأن الإخوان من جانبها يمكن أن يزيد من نفوذ الإخوان ويوسّع دورهم فى أمريكا وفى أوروبا.

فيمكن أن نجزم بأن مصر وأمريكا تجاوزتا الصخب الإخوانى فيما تقترب مصر من انتخاباتها الفاصلة التى تنهى بالتأكيد حقبة مضطربة بدأت فى 25 يناير 2011 وآن لها أن تنتهى فى ظل رئاسة جديدة يتولاها (بالتأكيد) المشير السابق عبدالفتاح السيسى. إننا نستطيع أن نتوقع زوال الصخب الإخوانى تماما من سياق العلاقات المصرية ــ الأمريكية مع زواله من سياق الوضع الداخلى المصرى. ونستطيع أن نتوقع فى الوقت نفسه تراجع الصخب الإخوانى فى المنطقة العربية وأوروبا والولايات المتحدة. إذ إنه من المؤكد أن دور مصر السياسى، مع تطورات وضعها الداخلى وعلاقاتها الخارجية، سيحدث تأثيره القوى فى المنطقة القريبة والعالم البعيد فى اتجاه معاكس تماما للاتجاه الذى كان يسير فى السابق قبل أن تتمكن مصر من اجتياز هذا الاتجاه السلبى. ستتمكن مصر فى المرحلة القادمة، التى تتأكد بنتيجة الانتخابات المقبلة وقيام النظام الديمقراطى بمشاركة القوات المسلحة متمثلة فى دور الرئيس المشير، من تفعيل تأثيراتها السياسية والاجتماعية والثقافية بحيث تثبت علاقاتها المؤثّرة فى الوطن العربى وفى العالم المحيط به. ستتمكن مصر فى المرحلة المقبلة من أن تثبت أن تأثيراتها العربية والعالمية تعود مع عودة الاستقرار الداخلى والعلاقات الخارجية إلى سابق عهدهما. وهو ما بدت بالفعل بوادره فى الخطوات التى أظهرتها العلاقات السعودية والخليجية مع مصر ومن المؤكد أن هذه التطورات ستأخذ فى الاتساع والتعمق خلال الفترة المقبلة، وفقا لما تسير مصر فى اتجاهه.

•••

لهذا يمكن التأكيد بأن اعتدال الموقف الأمريكى تجاه مصر إنما يجيء نتيجة لعودة صاحب القرار الأمريكى إلى إدراك تأثير مصر العربى والاقليمى والعالمى وعودة هذا التأثير إلى ما يتجاوز العهود السابقة له، خاصة بعد أن أُصيب التأثير المصرى طوال أكثر من ثلاثين عاما بحالة من التراجع والاضمحلال. ولهذا يصبح من الممكن، بل من الضرورى، أن نتوقع أن تتميز الفترة القادمة فى الشرق الأوسط خاصة بازدياد قوة التأثير المصرى على الواقع العربى والاقليمى والعالمى. يعزز هذا حرص الولايات المتحدة على الاحتفاظ بعلاقات سوية وقوية مع مصر فى كافة المجالات. لقد اهتمت الدولتان خلال الفترة القلقة الماضية بالحفاظ على علاقات سوية بينهما. وأسفر هذا الاهتمام عن مكاسب للطرفين، لكن مصر هى التى حققت مكاسب من وراء هذه التطورات تفوق ما حققته أمريكا سواء فى العلاقات مع مصر أو فى العلاقات مع المنطقة العربية ككل.

•••

إن الفترة القادمة التى تبدأ بظهور نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى مصر ستكون فترة تغيير فى المنطقة تحت تأثير الدور المصرى. فترة تعاون وتنافس فى الدورين المصرى والأمريكى. وستجد مصر نفسها فى دورين مختلفين بالنسبة للعلاقات مع أمريكا، دور للتعاون ودور للتنافس مع أمريكا. أما أمريكا فإنها ستجد نفسها مضطرة لأن تحسب حسابا لموقف مصر ومصالحها الداخلية والخارجية. وذلك تفاديا لتصادم المصالح بين الدولتين.

وبينما يبدو أن الموقف المصرى قابل للتغير أمام أزمة مع الطرف الامريكى فإنه من العسير للغاية أن يجد الطرف الأمريكى بديلا عن مصر اذا ساءت العلاقات معها. إن نظرة ولو سريعة على خريطة العلاقات بين كل من هذين الطرفين كفيلة بأن توضح مدى تفوق الطرف المصرى فى الفترة المقبلة.

سمير كرم  كاتب سياسي مصري
التعليقات