لا للحرب على الرئيس السيسى - منتصر فتحي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 7:58 ص القاهرة القاهرة 24°

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا للحرب على الرئيس السيسى

نشر فى : الأربعاء 31 أغسطس 2016 - 10:20 ص | آخر تحديث : الأربعاء 31 أغسطس 2016 - 10:20 ص

كنت من الذين اختاروا الرئيس السيسى فى آخر انتخابات رئاسية، وكان تقديرى وقتئذ أن الرجل بما أبداه من الحزم وبُعد النظر عندما قرر الانضمام إلى الجماهير التى خرجت فى الثلاثين من يونيو سنة 2013، منادية بوضع حد لنظام حكم نكث بما وعد، ووضع البلاد على طريق أوله الفرقة وآخره الهلاك، هو الوحيد القادر على استكمال المسيرة التى بدأها الشعب المصرى منذ بداية القرن التاسع عشر، وهى مسيرة بناء الدولة المصرية الحديثة القوية المتصالحة مع عصرها. وكان تقديرى أن مصر لا تنقصها الموارد البشرية والطبيعية من أجل إنجاز مشروعها الوطنى، وإنما تنقصها الإرادة السياسية المتجسدة فى قيادة لديها من أسباب الكفاءة والبصيرة ما يمكنها من استكمال مشوار البناء والنهوض دون التعثر فى ظروف محلية أو إقليمية غير المواتية، ودون السقوط فى فخاخ تضعها قوى دولية لا ترتاح لوجود دولة قوية فى هذا المكان من العالم.

•••

ذهبت بى أفكارى فى ذلك الوقت إلى حد الاعتقاد بأن الحكام الذين أسهموا بالجهد الأكبر فى بناء مصر الحديثة، كانوا على قدر كبير من الكفاءة، إلا أنهم جميعا قد غابت عنهم البصيرة بدرجة أو أخرى. فمحمد على الذى استحق عن جدارة لقب مؤسس مصر الحديثة، قد مضى وراء طموحاته إلى أبعد مما تستطيع أسباب القوة المصرية أن تحمله، وتجاوز فى توسعاته حدود ما يمكن للقوى الكبرى آنذاك أن تقبله. وإسماعيل صاحب الجهد الأكبر فى ربط مصر بالحضارة الأوروبية، قد أسرف فى الاستدانة إلى الحد الذى أوقع مصر فى أسر الاحتلال البريطانى لعقود من الزمن. وجمال عبدالناصر بذل الكثير من الجهد والوقت والمال من أجل جمع العرب تحت راية القومية العربية، وفاته أن فكرة القومية العربية لا وجود لها إلا فى بعض دول المشرق العربى، مثل سوريا والعراق، وأن هذه الفكرة لم يتحقق لها القبول فى دول الخليج والجزيرة العربية، ناهيك عن دول المغرب العربى التى خضعت لاستعمار شرس ألحقها بثقافته، وكاد أن يقطع كل وشيجة بينها وبين العروبة لسانا ووجودا.

فى وسط هذه الأفكار المتشابكة، تولى الرئيس السيسى مسئولياته منذ ما يزيد على السنتين وبدء فى تطبيق رؤية تقوم على توسيع شرايين الاقتصاد المصرى من خلال إنشاء العديد من المشروعات العملاقة، وكذا من خلال تجديد شباب البنية الأساسية التى أوشكت على الانهيار بضغط السكان المتزايدة عاما بعد عام، وأنجز الرجل بعض المشروعات، وهو فى سبيله لاستكمال باقى المشروعات والتى سوف تنتهى إلى رسم خريطة لمصر تختلف عن مصر التى تسلمها الرجل قبل عامين. لم تكد فترة رئاسة الرجل تصل إلى منتصفها حتى تعالت الصرخات محليا ودوليا بأن الرجل بما بدأه من المشروعات، وبما يخطط لاستكماله من التوسعات والإنشاءات قد أرهق الاقتصاد المصرى، وكاد أن يصل به إلى حد الخراب، وأن الحل لهذا الوضع الصعب أن يترجل الرئيس عن جواد الحكم، أو أن يقنع بفترة رئاسة واحدة، وألا يمدن عينيه إلى ما هو أبعد منها.

وهنا أتكلم كواحد من ملايين البسطاء، وكأب لخمسة من براعم هذا الوطن أتمنى لهم كل الخير فى مستقبل أكثر رحابة، أقول بل الصواب كل الصواب فيما فعله ويفعله الرئيس السيسى، فالرجل لم يأتِ لمجرد إدارة شئون البلد كما فعل سابقوه، وإنما جاء من أجل إعادة بنائه بما يليق بتاريخه، وبما يجعله أكثر قدرة على احتواء أبنائه وتمكينهم من الفوز بنصيبهم فى العيش الكريم. وكل هذا يتطلب التوسع فى البناء فى كل أركان مصر شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، وبكل ما يترتب على ذلك من التوسع فى الإنفاق والاقتراض. إن القروض التى تسعى مصر للحصول عليها لن تذهب إلى إنشاء قصور للحاكم وأبنائه كما فعل الخديوى إسماعيل، ولن تذهب إلى تمويل حملات التوسع العسكرى كما فعل محمد على، ولن تنفق من أجل مساندة حركات التحرر الوطنى وتجميع العرب فى وحدة مستحيلة كما فعل جمال عبدالناصر، وإنما سوف تنشر الخير والنماء وبما يزيد من الحيز المعمور فى مصر.

•••

وأما زيادة أسعار الوقود والكهرباء فهى الخير كل الخير من الناحية الاقتصادية، فما لم تكن السلعة مقومة بالسعر الاقتصادى السليم يتم إهدارها بذخا أو إهمالا. فبعد أن يتم حماية غير القادرين الذين يقفون باستهلاكهم عند الحدود الدنيا، فإن على باقى المستهلكين أن يدفعوا نظير ما يستهلكون من الكهرباء والوقود، لأنهم بما يستهلكون يعيشون فى مستوى من الرفاهية غير متاح لباقى أفراد الشعب، والقول بغير ذلك يعنى تراكم العجز فى الميزانية، وتراكم الديون من أجل الاستمرار فى تقديم دعم لا يصل منه إلى الفقراء إلا الفتات.

وأما دولة الموظفين –ويا لها من دولة– فإنها لا تكف عن طلب المزايا وعلى رأسها الزيادة السنوية الملموسة فى الأجور، ولكنها لم تتوقف لتسأل هل أدت ما عليها، وهل يتناسب جهدها وإنجازها مع ما تتحمله ميزانية الدولة من النفقات، وهل الطبقة الوسطى التى تنتمى أكثر شرائحها إلى دول الموظفين طبقة مطحونة بحق، أم أنها تحصل على الجزء الأكبر من الإنفاق العام فى صورة أجور ومعاشات، ودعم للغذاء والطاقة والكهرباء.

•••

إن على السيد الرئيس أن يمضى فى طريقه وفى مشروعاته، وفى التصفية النهائية للدعم وعجز الموازنة، وأن يثق فى أن هناك الملايين ممن انتخبوه عن قناعة يدركون أن الطريق إلى المستقبل مفروش بالعمل والتضحيات معا، فالعمل بلا تضحيات يعنى استمرار أوضاع خاطئة اقتصاديا واجتماعيا سوف تقصم فى النهاية ظهر الاقتصاد، وتبدد كل ما يتم بناؤه. نعم لا بديل عن العمل بكل قوة والتحلى بكل الصبر الجميل من أجل تحقيق مستقبل يراوغنا منذ قرون، ويتسرب من بين أيدينا كلما أوشكنا على الإمساك به، ألا وهو حلم إقامة الدولة المدنية المنتمية إلى عصرها.

منتصر فتحي مدير عام بقطاع الاتفاقات التجارية بوزارة التجارة والصناعة
التعليقات