خطورة توزيع الغنائم قبل حسم المعركة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 3:27 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خطورة توزيع الغنائم قبل حسم المعركة

نشر فى : الأربعاء 17 ديسمبر 2014 - 8:50 ص | آخر تحديث : الأربعاء 17 ديسمبر 2014 - 8:50 ص

أرجو أن يسأل السياسيون والإعلاميون المصريون أنفسهم سؤالا بسيطا وهو: هل هذا هو وقت الصراعات المستعرة بينهم، وهل هذا هو وقت توزيع الغنائم؟.

من حسن الحظ أننا عدلنا خارطة الطريق وجعلنا الانتخابات الرئاسية تسبق النيابية. تخيلوا لو استمر الوضع كما كان مخططا له أن يكون؟!

تخيلوا لو أن الأحزاب المصرية خاضت الانتخابات بنفس المنطق الذى تتصارع به الآن؟.

كان مؤكدا أن حدة الصراع ستزيد فى ظل عدم وجود رئيس للجمهورية وكان متوقعا أن تنتهى المعارك الانتخابية بين الفرقاء والحلفاء إلى «حفلات تقطيع هدوم» تحول الجميع إلى أشلاء سياسية تحت قبة البرلمان.

معسكر 30 يونيو يكاد يلفظ أنفاسه، الصراعات بين أطرافه صارت علنية، والتناقضات مستعرة، فى حين أن المعركة الجوهرية مع الإرهاب والتطرف لم تحسم بعد، بل إن الإرهابيين يفاجئون الجميع بأنهم أكثر قوة واستعدادا مما كنا نظن.

هل يعقل أن تفشل الأحزاب الرئيسية فى التوصل إلى برنامج الحد الأدنى من التنسيق الانتخابى حتى لا تفاجئها بعض القوى المتطرفة بالتسلل بمجموعات إلى البرلمان؟

هل يعقل أن نرى صراعات وخناقات ومشادات «وفرش ملاية» بين أحزاب يفترض أنها تنتمى إلى تيار سياسى واحد، فى اليمين واليسار على حد سواء؟!.

هل يعقل أن هذه الأحزاب الكبرى لا تدرك حتى هذه اللحظة أن هناك خطرا حقيقيا يحيط بالبلاد، وأن الإرهاب لايزال قويا، وأن أى تساهل أو تهاون أو تقاعس سيصيب الجميع فى مقتل؟.

من حق الأحزاب بطبيعة الحال أن تتصارع سياسيا بالبرامج والخطط، ومن حقها أن تتنافس فى الانتخابات، وبعدها تقيم التحالفات، لكن نحن لسوء الحظ لسنا فى واقع طبيعى مستقر يتيح لنا هذا الترف المتمثل فى غرق كثير من الأحزاب فى صراعات معظمها عبثى للأسف الشديد.

ومن السياسيين إلى الإعلاميين.. فإن السؤال نفسه يتكرر: هل من المنطقى أن يدخل كبار الصحفيين فى معارك متفرقة حول قضايا فئوية أو حتى شخصية فى وقت تواصل فيه القوى الإرهابية ممارسة أوسع عملية غسيل أدمغة للكثير من البسطاء؟.

هل سأل الإعلاميون أنفسهم سؤالا بسيطا هو: من المستفيد من هذه المعارك العبثية المجانية؟.

ربما هناك حسن نية كبير فى الامر إذا لم أكن مخطئا، لكن علينا أن نفكر بمنطق المكاسب والخسائر، والأهم نحسن حساب التوقيت ونسأل أنفسنا: لماذا نقدم هدايا مجانية للإرهابيين والمتطرفين والعدميين؟.

فى موقعة «أحد» انشغل المسلمون بتقسيم الغنائم وظنوا أن النصر حليفهم وأن المعركة قد انتهت تماما، لكن المشركين استغلوا هذا الخطأ القاتل وعادوا مرة أخرى وتمكنوا من إلحاق الهزيمة بجيش المسلمين، وكان درسا قاسيا خلاصته أنه لا ينبغى ان تفكر فى الغنائم إلا بعد أن تتأكد مليون فى المئة أن المعركة انتهت.

أخشى ما أخشاه أن نرتكب نفس الخطأ الكارثى فى الكثير من مجالات حياتنا الآن. نتصرف باعتبارنا منتصرين، فى حين أن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإرهابية تحاصرنا من كل جانب.

استمرار التصرف بهذه الطريقة الصبيانية سيؤدى إلى احد امرين، إما اعادة الإخوان والمتطرفين إلى الحكم بأسرع مما كنا نتصور، أو سنتحول فعلا ــ وليس هزلا ــ إلى نموذج لا يختلف كثيرا عما يحدث فى ليبيا أو الصومال أو سوريا والعراق.

السؤال هو: لماذا لا يتحرك العقلاء فى كل مجال لكى يوقفوا هذا الاندفاع المحموم نحو الكارثة؟.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي