البحث العلمي في مرمى نيران ترامب.. هل تستفيد ألمانيا من ذلك؟ - بوابة الشروق
الثلاثاء 20 مايو 2025 10:33 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

البحث العلمي في مرمى نيران ترامب.. هل تستفيد ألمانيا من ذلك؟

برلين - د ب أ
نشر في: الثلاثاء 20 مايو 2025 - 9:29 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 20 مايو 2025 - 9:29 ص

لم تنجُ العديد من الجامعات ومؤسسات البحث في الولايات المتحدة من تبعات سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرامية إلى خفض التكاليف على نحو واسع النطاق، والتي انعكست في صورة شطب وظائف وتقليص التمويل وتسريح موظفين. وعن ذلك قال مؤخرا رئيس مؤسسة "ألكسندر فون هومبولت" الألمانية الداعمة للتعاون الدولي في مجال البحث العلمي، روبرت شلوجل، إن تصرفات ترامب لا تهدد فقط أقوى وأفضل نظام علمي في العالم، بل تعرض العلم والرفاهية في جميع أنحاء العالم للخطر أيضا.

وفي ضوء هذا الهجوم واسع النطاق على العلوم، ترغب مؤسسات بحثية وجامعات في ألمانيا في تعزيز التعاون مع باحثين أمريكيين. ولتحقيق هذه الغاية، لا تسعى معظم هذه الجهات إلى جذب المواهب إلى ألمانيا على وجه التحديد، بل تسلك في ذلك دروبا أخرى.

على سبيل المثال، تريد جمعية "ماكس بلانك" الألمانية إمداد ما يسمى بالبرنامج عبر الأطلسي بتمويل خاص إضافي بهدف إتاحة خيارات في ألمانيا أمام العلماء الذين لا يستطيعون مواصلة أبحاثهم في الولايات المتحدة. وبحسب بيانات الجمعية، كانت الولايات المتحدة القوة الدافعة الأكثر أهمية للعلوم وأهم دولة شريكة للجمعية، حيث تشكل الأوراق البحثية التي تنتجها معاهد "ماكس بلانك" بالتعاون مع باحثين في الولايات المتحدة حوالي 25% من إجمالي منشورها العلمي.

وفي الإعلان الأخير للجمعية بشأن تعيين قيادات لمجموعات بحثية، ارتفع عدد طلبات التقدم من الولايات المتحدة بمقدار الضعف مقارنة بالعام السابق، حسبما صرح رئيس الجمعية، باتريك كرامر، في مقابلة مع مجلة "دير شبيجل" الألمانية.

وقال المتحدث الصحفي باسم جمعية "لايبنيتس" الألمانية للمعاهد البحثية غير الجامعية، تيم أوربان، ردا على استفسار: "التوظيف المستهدف لزملاء أمريكيين ينطوي على خطر إضعاف مجال العلوم الأمريكية بشكل أكبر، وبالتالي فهو ليس شيئا نسعى إليه"، مؤكدا أنه من المهم الآن تعزيز التعاون ودعم زملائنا الأمريكيين من خلال ذلك.

وفي الوقت نفسه أشار أوربان إلى أنه لا يمكن أيضا استبعاد التدخل على نحو سريع، موضحا أنه بناء على تطورات الأوضاع يمكن على سبيل المثال أن يكون من المفيد للغاية تقديم تمويل مؤقت قصير المدى لإقامة محدودة المدة في ألمانيا لأغراض بحثية، مشيرا إلى أن هذا قد يكون مناسبا على وجه الخصوص للباحثين في مجالات المناخ والتفاوت الاجتماعي وعلوم الحياة، الذين لم يعدوا يجدون ظروف عمل مقبولة في الولايات المتحدة.

وترجح الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي (DAAD) أن الوضع في الولايات المتحدة قد يؤدي إلى إزاحة عالمية للباحثين في المستقبل. وقالت المتحدثة باسم الهيئة، كوردولا لوكاسن: "المواهب المتميزة من دول مثل الهند أو الصين أو البرازيل، والتي كانت تذهب في السابق بشكل أساسي إلى الولايات المتحدة، تفكر الآن فيما إذا كانت دول أخرى، على سبيل المثال في أوروبا، قد تكون خيارا أفضل".

وقد حدث ما يسمى بـ"هجرة الأدمغة" - أي هجرة العلماء المؤهلين تأهيلا عاليا - مرارا عبر التاريخ. على سبيل المثال، بعد وصول النازيين إلى السلطة في ألمانيا عام 1933، هاجر العديد من العلماء اليهود والمنتقدين للنظام النازي من البلاد. وفي الآونة الأخيرة، أدت الحرب الروسية ضد أوكرانيا إلى رحيل مئات العلماء الروس عن بلادهم.

وأوضحت لوكاسن أن مكاتب الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي في الولايات المتحدة تشهد حاليا اهتماما متزايدا بألمانيا كموقع للبحث العلمي من جانب طلاب الدكتوراه ومرحلة ما بعد الدكتوراه الدوليين، مشيرة إلى أن العديد منهم عملوا وأجروا أبحاثهم في الولايات المتحدة بتأشيرات مؤقتة ومن خلال وظائف مؤقتة، والتي كانت ممولة في الغالب بأموال فيدرالية.

ويبدو أن التطورات الحالية في الولايات المتحدة بدأت تلقي بظلالها على الجامعات الألمانية بالفعل، حيث قالت متحدثة باسم جامعة لايبتسيج الألمانية إن الجامعة ترصد اهتماما مرتفعا وواضحا للغاية من جانب الشركاء الأمريكيين بتعزيز التعاون. وبحسب المكتب الصحفي لجامعة هومبولت في برلين، تلقت الجامعة بعض الاستفسارات المباشرة في هذا الشأن من علماء أمريكيين خلال الأسابيع الأخيرة. وبحسب المتحدث باسم جامعة راينيش-فيستفيليش التقنية في مدينة آخن الألمانية، ترصد الجامعة أيضا اهتماما متزايدا من جانب علماء من الولايات المتحدة.

وترى الجامعات في ذلك فرصة، حيث قال المكتب الصحفي لجامعة فرانكفورت: "إذا كان الوضع في الولايات المتحدة يقدم فرصا لتعزيز مكانة جامعة جوته من خلال تعيينات مناسبة، فسنستغلها بالطبع". وفي المقابل، أوضح المكتب أن التوظيف الفعلي غير ممكن إلا على نطاق محدود في إطار قواعد إجراءات التعيين.

وفي مطلع أبريل الماضي دعا علماء ألمان بارزون في مقال بمجلة "دير شبيجل" الألمانية إلى استغلال التطورات في الولايات المتحدة وجذب باحثين من الولايات المتحدة على وجه التحديد. ودعا العلماء – من بين أمور أخرى - إلى تطوير ما يسمى بـ"برنامج مايتنر-أينشتاين"، والذي يهدف إلى تعزيز تعيين باحثين متميزين من الولايات المتحدة في جامعات ألمانية ومؤسسات بحث غير جامعية.

وكتب معدو المقال أنه تحت مظلة مؤسسة البحوث الألمانية وبتمويل من وزارة البحث العلمي الألمانية يمكن على الفور إتاحة فرص لتعيين نحو 100 عالم في مناصب الأستاذية على سبيل المثال. وأوضح معدو المقال أن الفئة المنشودة هم العلماء الذين لم يعد بإمكانهم مواصلة عملهم في الولايات المتحدة أو لا يمكنهم مواصلته إلا على نطاق محدود.

وبغض النظر عن هذا المطلب، فقد صرح رئيس مؤسسة "ألكسندر فون هومبولت"، روبرت شلوجل، في بيان أنه سيدعم بمثل هذه المخصصات المزيد من الباحثين المتميزين من الولايات المتحدة وسيوفر لهم السكن وفرص العمل على نحو مؤقت.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك