بعد إجرام العريش.. هنا مسئولياتنا الوطنية - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
السبت 11 مايو 2024 5:20 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بعد إجرام العريش.. هنا مسئولياتنا الوطنية

نشر فى : الأحد 1 فبراير 2015 - 7:55 ص | آخر تحديث : الأحد 1 فبراير 2015 - 7:55 ص

دون كلمات تتراص فى جمل وأسطر مآلها الوحيد هو العجز عن ترجمة الحزن والألم على شهداء يفتدون الوطن وحقنا فى الحياة بحياتهم هم، وعلى النعوش الملتحفة العلم وهى تودع حاملة عسكريين ومدنيين من أهل الحضر والريف ومن الدلتا والصعيد ومن أهل سيناء وكل الربوع تسقطهم عصابات إرهابية هويتها الوحيدة هى استباحة دماء الجميع وبرنامجها الوحيد هو نشر خرائط الخراب، وعلى دموع ذوى الشهداء المكلومين وذوى المصابين المتضرعين لله أملا فى الشفاء والنجاة، وعلى أرض الوطن وحكاياتها تختلط مجددا بنزيف الدماء ومشاهد الدمار؛ تستصرخنا مصر بعد تجدد الإجرام الإرهابى فى العريش أن نتحمل جميعا مسئولياتنا الوطنية، وأن نشارك بتضامن وإيجابية فى مواجهة عصابات الإرهاب، وأن نوظف فى مواجهة تلزم القراءة الواقعية بافتراض قسوتها وطول مدتها طاقاتنا الفردية والجماعية دون إحباط أو تراجع أو خلط للأوراق أو تجاهل لقضايانا الكبرى الأخرى.

مسئولية السلطة التنفيذية والمؤسسات والأجهزة الرسمية - وفى مقدمتها القوات المسلحة والشرطة – هى مواصلة مواجهة الإرهاب، والاستخدام الفعال للأدوات العسكرية والأمنية فى حصار عصاباته وتأمين الحدود المصرية، ومن ثم القضاء التدريجى على مصادر تسليحها وتمويلها العابرة للحدود وشبكاتها البشرية الممتدة إقليميا بفعل انفجارات بلاد العرب المتتالية وإضعاف قدراتها على تخطيط وتنفيذ جرائمها التى تتحدى مصر المواطن والمجتمع والدولة الوطنية.

مسئولية السلطة التنفيذية أيضا هى طرح الأسئلة الصعبة التى تملك هى بمفردها فى ظروفنا الراهنة الإمكانية الفعلية للإجابة عليها وليس لنا نحن من خارج السلطة التنفيذية - فى ظل غياب الكثير من الحقائق والمعلومات والأطر الديمقراطية - إلا التلميح والإشارة إليها أو محاولة صياغتها والمطالبة بالتعامل معها بهدف وطنى وحيد هو الانتصار على الإرهاب؛ أسئلة بشأن تطوير الأدوات العسكرية والأمنية ورفع درجة كفاءتها والتغلب على جوانب القصور والثغرات التى قد تحيط بها استنادا إلى التحليل الموضوعى لخبرة الفترة الماضية فى مواجهة عصابات الإرهاب، أسئلة بشأن الفرص الحاضرة للمزج بين الأدوات العسكرية والأمنية وبين أدوات تنموية ومجتمعية وقانونية أشمل تستهدف إنهاء قابلية بعض البيئات المحلية داخل مصر – فى سيناء وفى ربوع أخرى – لظواهر الإرهاب والعنف والتطرف والنتائج المتوقعة لذلك اليوم وغدا، أسئلة بشأن الروابط الإيجابية بين رفع المظالم وإنهاء انتهاكات الحقوق والحريات واحترام سيادة القانون فى عموم مصر وبين تهيئة المجال العام للتضامن بفاعلية مع مواجهة السلطة التنفيذية للإرهاب وتعبئة طاقات الناس والمجتمع المدنى بكافة عناصره دون خوف من الخلط بين المواجهة العادلة لعصابات الإرهاب وبين طغيان للأمنى على كل ما عداه.

هى أسئلة للسلطة التنفيذية وحدها دون غيرها، ولا تنفى لا الإشارة إليها ولا الدعوة إلى التعامل معها أبدا الوقوف الصريح وراء القوات المسلحة والشرطة فى مواجهة إرهاب يتلقون هم ضرباته الغادرة ويسقط منهم شهداء الوطن والواجب وأغلبيتنا نحن آمنة فى بيوتها – نبكيهم نعم، نترحم عليهم وننعيهم نعم، نطالب بمحاسبة القتلة والمجرمين نعم، إلا أننا لسنا فى مواقعهم والتواضع الصادق إزاء تضحياتهم أولوية أخلاقية وإنسانية.

فمسئوليتنا الوطنية كمصريات ومصريين، ومسئولية المجتمع المدنى بتنظيماته الوسيطة وهيئاته ونقاباته وأحزابه ومؤسساته الدينية والدنيوية، ومسئولية المدافعين عن الديمقراطية؛ هى الإدانة القاطعة للإرهاب وللعنف وللتطرف – إدانة قاطعة لا لبس فيها ولا خلط للأوراق ولا بحث عن مكاسب سياسية رديئة، مسئوليتنا هى التضامن الفعال مع القوات المسلحة والشرطة فى مواجهة إرهاب إن لم يقض عليه لن يترك فى مصر دماء إلا وأسالها ولا عمران إلا وخربه، مسئوليتنا هى الإشارة دون خوف إلى الأسئلة الصعبة التى ينبغى على السلطة التنفيذية الإجابة عليها، مسئوليتنا هى الاستدعاء الكامل لطاقاتنا الفردية والجماعية فى مجالات العمل والتنمية والدفاع عن الحقوق والحريات وسيادة القانون لكى تسير الحياة بنا ويتماسك المجتمع وتتماسك الدولة الوطنية.

مسئوليتنا هى البقاء هنا فى الوطن، وليس الرحيل بعيدا عنه.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات