قراصنة الكاريبى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 12:56 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قراصنة الكاريبى

نشر فى : الأربعاء 1 يونيو 2011 - 8:30 ص | آخر تحديث : الأربعاء 1 يونيو 2011 - 8:30 ص

 والت ديزنى، الشركة المنتجة للفيلم، لم تصرف عليه وحسب، بل صنعته حسب خيالها، طبقا للشروط والمواصفات المجربة، الأكيدة المفعول، لنجاح العمل، فى الجزء الرابع من «قراصنة الكاريبى»، يتخلى المخرج الأمريكى روب مارشال عن أسلوبه الخلاب فى الأفلام الاستعراضية، مثل «شيكاغو» و«9 نساء»، ليلتزم بمدرسة «توم وجيرى».. بطله، الكابتن جاك إسبارو، بأداء جونى ديب، هو المعادل البشرى للفأر «جيرى»، سواء من ناحية الشكل أو الجوهر، رأسه صغير، أوضح ما فيه تلك العينان المحاطتان بكحل أسود، لا تستقران على حال، فم واسع بأسنان حادة، بعضها بطرابيش ذهب، شارب يمتد إلى جانب الشفتين، تحت قبعة الجلد قطعة قماش حمراء، تحتها جدائل شعر مرصعة بخرز ملون، ملابسه قديمة، مهملة، تعطى إحساسا بسوء رائحتها.. وهو، مثل «جيرى»، ذكى ومراوغ، ماكر، منتبه دائما، مطلوب للعدالة، مطارد من قراصنة آخرين، متعدد المهارات، يجرى ويختبئ ويسبح ويقفز ويتسلق، ولا يفقد توازنه إذا سار على حبل مشدود، يميل إلى تجنب الصدامات والمعارك المباشرة، ولكن إذا دعت الضرورة، يثبت جدارة فى استخدام الغدارة أو اللعب بالسيف.. وطوال ثلث الساعة، فى بداية الفيلم، نتابع مطاردة الجنود البريطانيين لجاك إسبارو ــ المحكوم عليه بالإعدام ــ فى أروقة القصر الملكى، ثم فى شوارع لندن القرن السادس عشر، مع الصراعات الاستعمارية بين الدول المتنافسة آنذاك، وتكوين شركة الهند الشرقية، سيئة الصيت.

قصة وسيناريو «قراصنة الكاريبى» اشترك فيهما ستة كتاب لذا يبدو الفيلم أقرب للإعداد من الإبداع، ينهض على أساس هندسى محكم، ويعتمد على طبخة مجربة، مع بعض التوابل الجذابة.. القط الشرس «توم»، تم فكه إلى اثنين من أشر القراصنة: «بلاك بيرد» الذى لا يعرف الرحمة، ومعه ابنته العنيفة، التى يحبها إسبارو، ولا يتورع عن التخلى عنها إذا دعت الضرورة.. و«باربوسا»، الذى «بصقته جهنم لأن الجحيم لا يطيقه». يندلع الصراع بين الثلاثة، من أجل الوصول والاستيلاء على «ينبوع الحياة»، ذلك الماء الذى يجدد الشباب، وكأن الرغبة الجنونية فى امتلاكه هى الامتداد الشره للاستحواذ على العاج والذهب والبترول، ولا يفوت الفيلم الإشارة إلى ما تمثله تلك الصراعات من تضارب المصالح بين الدول الاستعمارية النهمة، وعلى رأسها إنجلترا وإسبانيا.

تنتقل المطاردات من المدن إلى البحار، ومنها إلى المستنقعات، ثم الغابات والأحراش، ثم اليابسة، مصحوبة بمؤثرات صوتية مدهشة وموسيقى مصاحبة تؤجج الانفعالات، وضعها هانز زايمر.. وقبل أن يتسلل الملل إلى المشاهدين، يلقى الفيلم بكروت رابحة، فيقدم شيئا من أسطورة حوريات البحر، بجمالهن الفاتن، ووحشيتهن، مع لمسة رومانسية بين إحدى الحوريات وشاب وديع. وبهذا يكون «قراصنة الكاريبى» قدم وجبة مشبعة، قد ينقصها الإبداع الكبير، ولكنها بالتأكيد، جيدة الصنع، شديدة الإحكام.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات