بين المكان.. والزمان - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 5:26 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بين المكان.. والزمان

نشر فى : الثلاثاء 1 يوليه 2014 - 7:45 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 1 يوليه 2014 - 7:50 ص

بغزارة، ستنهمر علينا مسلسلات رمضان، وهو أمر طيب فى كل الأحوال، من مزاياه تقليل برامج «التوك شو» السياسية، الجاثمة علينا منذ فترة ليست قصيرة، فضلا عن إثبات حضور الفن المصرى، الذى وجد فى الشاشة الصغيرة تعويضا عن خفوته على الشاشة الكبيرة.. الواضح، والمأمول، أننا سنشهد تنوعا ثريا هذا العام، من مظاهرة اختلاف اتجاهات الدراما التليفزيونية، ويعبر مبدئيا، عن نضج كتاب السيناريو، واستيعابهم للفروق الواضحة، والخفية، بين أنواع المسلسلات والتى نتلمس بعضها فى أعمال تتبلور فيها «دراما المكان» وأخرى تعتمد على «دراما التاريخ».

بعض الأماكن، تتسم بطابع نابض بالحيوية، تتدفق فيه الأحداث، وتتوالى النماذج البشرية، منها الدائم والعابر، مثل محطة القطار، الميناء، المستشفى، المقهى، قسم الشرطة .. ثمة أكثر من عمل يندرج فى باب «دراما المكان»: «سجن النساء» المأخوذ عن مسرحية بذات العنوان، بقلم الأديبة المناضلة الراحلة «فتحية العسال» صاحبة التجربة الحياتية العميقة، الواسعة، حيث سبرت أغوار السجينات، حين انخرطت بهن، بعد أن زج بها، وراء القضبان، لأسباب سياسية.. غالبا، سنشاهد عملاء جيدا.

سواء عرض «أهل إسكندرية» أو لم يعرض فالمتوقع أن يغدو فى المسلسلات المهمة، الأكثر نجاحا، سبب التوقع يرجع للإنجاز الذى حققه مؤلفه، الموهوب الذكى، بلال فضل، الذى قدم من قبل «أهل كايرو» واستطاع بخبرة ودراية النفاذ إلى ما يدور فى قمة وقاعة المدينة.. الغموض يحيط بمصير «أهل اسكندرية» أن العمل موجود فعلا على الخريطة الرمضانية، الأيام ستبين الحقيقة، وحينها، سيكون لكل حادث حديث.

فى «شارع عبدالعزيز» وعلى مدى ثلاثين حلقة، يرصد الكاتب أسامة نور الدين، تلك التغييرات التى تعتمل فى بنية الشارع التجارى العريق، الملىء بالصراعات، الخشنة والناعمة، والذى شهد صعود وأفول أبطاله، وينتهى بوصول «زيزو» ــ عمرو سعد ــ إلى آخر حدود النجاح، ماليا وسياسيا، عقب نجاحه فى انتخابات مجلس الشعب المشبوهة عام 2005، وبينما يتيه الرجل المحظوظ بما وصل إليه، تنطلق رصاصة غادرة لتصيب شقيق العريس فى مقتل .. ولأن الشارع لايزال مفتوحا، بقضاياه وناسه، وحيويته، تفتحت أمام شركة الإنتاج، إمكانية تقديم جزء ثانٍ، بدأت الشخصيات وبقلم مصطفى سالم هذه المرة.

دراما الشخصيات الكبرى لها سحرها، ظلت مهيمنة على تاريخ المسرح الموغل فى القدم، منذ أيام الإغريق، بشعرائهم العظام، إيسخيلوس، سوفكلس، يوربيديز.. إلى ما بعد وليم شكسبير. البطل ملك أو بطل عظيم، يتحلى بالنبل وقوة الشكيمة، لكن يتعرض لمأساة، بسبب أخطاء ارتكبها.. وبرغم نجاح الإنسان العادى فى إزاحة المشاهير من فوق خشبة المسرح، وعلى الشاشتين، الكبيرة والصغيرة، ظل للملوك والرؤساء والأمراء حضورهم المحبب، المثير لنزعة الاستطلاع والرغبة فى المعرفة، خاصة إذا تلامست حياة هؤلاء الأبطال، مع ما يعيشه الجمهور.

ثلاثة مسلسلات تعتمد على شخصيات شهيرة، أو على الأقل، مما يطلق عليه «علية القوم» ثمة «السيدة الأولى» الذى كتبه ياسر عبدالمجيد وعمرو الشامى.. تعبير «السيدة الأولى» يرتبط فى الأذهان بالسيدتين: جيهان السادات، ثم سوزان مبارك، قبلهما، أطلق على زوجة عبدالناصر «حرم الرئىس» ولا أحد يتذكر زوجة محمد نجيب.. قبلهن، كانت الملكة ناريمان، الكاتبان أصدرا بيانا «مريبا» يؤكدان فيه أن أحداث المسلسل فى «نسج الخيال» وفى ذت الوقت يزعمان أن عملهما مقتبس من «مسلسلات لاتينية معروفة عالميا تم تمصيرها لتلائم الواقع المصرى!.. ولم يفت غادة عبدالرازق الإعلان عن أن البطولة التى تقوم بها لا علاقة لها بالسيدة سوزان مبارك. هذا النفى المبكر، المتوالى لا أحد يصدقه إلا بعد المشاهدة.

فى «سرايا عابدين» تعود الكاتبة الكويتية هبة مشارى إلى ما يزيد عن القرن والنصف لتقدم جانبا عما يدور فى بلاط الخديو إسماعيل «1930 1ــ 1995» ببطولة يسرا، التى تؤدى دور خوشيار هانم والدة الخديو.. يحق لنا أن نتساءل: ما الذى قرأته الكاتبة فى الواقع المصرى، وقصور الكويت، جعلها تراجع تلك الأيام الخوالى.

جعبة المسلسلات التاريخية تشمل تراجيديا «صديق العمر» حسب رؤية ممودح الليثى ومحمد ناير.. أغلب الطن أن العمل سيثير مناقشات جادة، ربما حامية، فالأحداث التى تبدو بعيدة عند الأجيال الجديدة، تغدو، بالسنبة لنا، كبار السن، كما لو أنها وقعت بالأمس القريب. كل منا، الأجيال والأفراد، له تفسيراته وتقييماته، لابد أن يقارنها بما يطرحه المسلسل، عندئذ، ثمة كلام آخر.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات