ليلــــة الختــــام - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 9:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليلــــة الختــــام

نشر فى : الأحد 1 ديسمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 1 ديسمبر 2013 - 8:00 ص

لسنوات طويلة، كنت أعرف أخبار المهرجان منها. لم تصرح بها أبدا. فهى، فى المطبخ، تعتبر كل ما بداخله سرا، لا يجب الإطلاع عليه.. لكن، ملامح وجهها الشفاف، المصرى تماما، تكشف بجلاء عما يدور فى الكواليس، إنعام عبدالحليم، من فصيلة كبيرة، شغالات النحل. دائما، فى حالة عمل دؤوب، حملت العديد من دورات المهرجان على كتفيها، إلى أن أصبح قويا، راسخا. لم تكن تعمل بيديها فقط، أو بعقلها وحسب، بل بقلبها، وكل كيانها، لذا فإن متاعب العمل وتعثراته، تتبدى فى عيونها الأقرب لبانوراما، تعبر بصدق عما يجيش فى صدرها من انفعالات، فإذا تأخر طبع التذاكر، أو لم تصل بعض الدعوات لأصحابها، فإن كدر الدنيا يرتسم على وجهها، وإذا احتدمت مناقشة بين أعضاء لجنة التحكيم، فإن الذعر ينتابها، خوفا من عدم الوصول إلى تفاهم وقرار.. وحين يأتى الحصاد، مع أنغام الموسيقى، يصعد الوزير إلى خشبة المسرح، يقف تحت الأضواء، المتلألئة، يصافح الفائزين، يمكنك أن تلمحها فى نهاية أحد ممرات صالة الأوبرا، بابتسامة مشرقة، فى وجه تنطلق منه طاقة بهجة، كما لو أنها انتصرت فى معركة حياة أو موت.. أخيرا: فى ليلة ختام المهرجان، انتقلت من أماكن الظل، لتتصدر منتصف المسرح، تتسلم جائزتها، وقد بدت طويلة، جميلة، واثقة، راضية.. رأيت فى نبل تكريمها، تكريما لكل من يتفانى، بإخلاص، فى عمله، ولكل الشغيلة، الذين تحول عندهم العمل إلى نوع من الإيمان الصوفى، يذوبون فيه ويذوب فيهم.

إقامة المهرجان هذا العام، يعد إنجازا فى حد ذاته، لكن أزعم أنه يحتاج لشىء من التطوير، كى لا يتجمد فى حدوده التقليدية، فعلى سبيل المثال، جرت العادة على أن يكون الافتتاح والختام مسرحيا أكثر من كونه سينمائيا، فثمة ديكورات ضخمة، وفرقة رقص كبيرة، وأحيانا فرقة موسيقية، مع ميل لتقديم رقصات استعراضية، مع مشاهد «بانتوميم» تمثيل صامت أو درامية، تعتمد على الحوار.. وهذه كلها عناصر تليق بمهرجان مرسحى، ولا تتواءم مع نشاط سينمائى، بالإضافة لتكاليفها الباهظة، حيث تبدو كأنها من باب «الفشخرة» إذا قورنت بقيمة جوائز الفائزين مجتمعة، التى لم تتغير طوال ما يقرب من العقدين، والتى لم تتجاوز النصف مليون جنيه إلا قليلا.

للمهرجان قيمته المعنوية التى لا يستهان به، ساهم فى إثراء الثقافة السينمائية بعشرات الكتب التى صدرت عن المكرمين، بواقع أربعة كتب كل دورة.. وإذا كنا، قبل عام 1991 نهتم بالمبدعين الراحلين، ونهمل الأحياء، فإننا، فيما بعد، أصبحنا نهتم بالأحياء، وننسى الراحلين، فهل تصدق أننا، خلال عقدين، لم نصدر كتبا عن آباء السينما المصرية: كمال سليم، كامل التلمسانى، أنور وجدى، رشدى أباظة، سامية جمال، كوكا.. وهذا على سبيل المثال لا الحصر.

جاءت نتائج التسابق متسمة بالعدالة، بفضل نزاهة أعضاء لجنتى التحكيم، التسجيلى والأفلام القصيرة، برئاسة صاحبة الخبرة المتميزة، شويكار خليفة.. أما الروائى، فإنه برئاسة كاتب السيناريو المتمكن، وحيد حامد.. جدير بالذكر أن هذه الدولة، بسبب توقف المهرجان طوال عامين، ثم دمج الأفلام المنتجة خلال سنتى «2010 و 2011» فى التسابق، مع بعضها بعضا، الأمر الذى أدى بالضرورة إلى قدر ما من الغبن، لأفلام كان من المحتمل فوزها، لولا ضم الأعمال الجيدة، لعامين متتالين، فى دورة واحدة.. وهو غبن من المحتمل تكراره، فى الدورة المقبلة، إذا أدمجت أفلام «2010» مع أفلام «2013»، وللخروج من هذا المأزق، وتحريا للعدالة، من الممكن أن تقوم اللجنة المشكلة فى الدورة المقبلة، بتحكيم أفلام كل عام على حدة، إلا إذا كان الهدف اختصار وتوفير قيمة الجوائز المالية، وهى قليلة على أى حال.

بعيدا عن الأعمال الفائزة، التى تستحق وقفة، بقى صورة ذلك الحشد من المبدعين، الرابحين، على خشبة المسرح، بما يبعثه فى النفس من ثقة وأمل، وأمنية أن تكون ليلة الختام.. بداية جديدة

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات