مدرسة (البيرليسك) المنسية - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 4:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مدرسة (البيرليسك) المنسية

نشر فى : الثلاثاء 2 مارس 2010 - 9:00 م | آخر تحديث : الثلاثاء 2 مارس 2010 - 9:00 م

 المحاكاة الساخرة، ذات الطابع الكاريكاتورى، من الإنجازات الجميلة، فى السينما المصرية، انطلقت ولمعت، على نحو جزئى، فى العديد من الأفلام، ولكن لم تستكمل مشوارها كى تصبح اتجاها واضحا، ممتعا، له مواصفاته وقوانينه، كما حدث فى السينما الأجنبية، حيث غدت «نوعا» فريدا من الكوميديا، عرفت باسم «البيرليك»، ووصلت إلى مستوى رفيع من الإبداع، حين أطلقت خيالها لأقصى مدى، وتمكنت من محاكاة روايات «مصاص الدماء» وأفلام هيتشكوك وتراجيديات وليم شكسبير، على نحو يثير الضحك بدلا من أن يبعث الرعب والتوتر والأسى.

بدأ «البيرليك» المصرى بالغناء، ومن خلال صوت الفنان الكبير إسماعيل ياسين، الذى وقفت ملامحه الكاريكاتورية فى طريقه لعالم الطرب، فتحول إلى «المنولوجات»، وبكلمات الزجال الموهوب «أبوبثينة»، وعلى لحن «يا وردة الحب الصافى» غنى «يا حلة العدس الدافى»، وانتقل «البيرليك» من البسيط إلى المركب، من خشبة المسرح إلى شاشة السينما، ووجد من يمده بطاقات إبداعية كبيرة، سواء على مستوى الكلمات التى ينسجها أبوالسعود الإبيارى وفتحى قورة وبديع خيرى، وطبعا بيرم التونسى، أو على مستوى الألحان التى وضعها محمد فوزى ومنير مراد وعزت الجاهلى، وتبلور «البيرليك» المصرى وتلألأ داخل الأفلام حتى وإن كانت متواضعة.

فى «الآنسة ماما» لحلمى رفلة 1950، على سبيل المثال، ثمة لوحة «أبطال الغرام»، يؤديها محمد فوزى وإسماعيل ياسين مع صباح، وفيها، من خلال عين صندوق الدنيا، تتوالى مواقف محورية من «قيس وليلى»، و«أنطونيو وكيلوبترا» و«روميو وجولييت».. فى المقطع الأخير، يظهر إسماعيل ياسين، غريم روميو، ليوجه غناءه، غاضبا، لجولييت، قائلا، بكلمات فتحى قورة «مين ده اللى واقفه معاه. من ذا الذى ترقصى وياه. ليلتكو سوده إنشاء الله».. يسأله محمد فوزى «هو أنت ابن عمها». يجيب إسماعيل «أمال فاكرنى أمها».. يستل كل منهما سيفه. يتبارزان، يصاب إسماعيل فى قلبه وينهار وهو يغنى «يا ما كان نفسى أغلبك. لكن صابتنى هزيمة. الله ما يكسبك. يا روميو يا بن حليمة». وتصل الكوميديا إلى ذرورتها عندما ينسحب إسماعيل ياسين وهو يعرج بدلا من أن يضع يده على قلبه.

لاحقا، يضيف فطين عبدالوهاب الكثير من فن «البيرليك» للسينما المصرية. فى «الآنسة حنفى» محاكاة بالغة الطرافة لمشهد الشرفة الشهير عند «روميو وجولييت»، يدور بين إسماعيل ياسين، والآنسة، الواقفة فى الشباك، تطل على حبيبها الجزار «أبوسريع»، رياض القصبجى، يتبادلان الغرام. وثمة تنويعة أخرى على مشهد السلالم، الوارد أصلا بين فاطمة رشدى وحسين صدقى فى «العزيمة» لكمال سليم. فى هذه المرة يدور بين الآنسة حنفى وأبوسريع. ويصل «البيرليك» المصرى إلى أفضل مستوياته فى «عفريت مراتى» الذى يحفظه الجمهور، والذى قدمت فيه شادية، بنضارتها، شخصيات إيرما وغادة الكاميليا وريا.. هذا النوع الناجح من الكوميديا، يحتاج لمن يدرسه، ويبين معالمه وقوانينه، ولمن ينسج على منواله.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات