فن المناسبات..المزيف - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 8:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فن المناسبات..المزيف

نشر فى : الأربعاء 2 مارس 2011 - 9:25 ص | آخر تحديث : الأربعاء 2 مارس 2011 - 9:25 ص

 صناع ستة مسلسلات تليفزيونية، وبعض كتاب الأفلام، أعلنوا، بوطنية محتقنة، أنهم قرروا إدخال ثورة 25 يناير فى أعمالهم، الأمر الذى يستوجب تغييرات طفيفة على قليل من المواقف والحوارات، تمهد لقيام الثورة.. هذا الكلام الفارغ، يذكرنا بنوع من فن المناسبات المفتعل، الذى يطفو كفقاعات الهواء، مستغلا الأحداث الكبرى. وطبعا، سرعان ما تنفثئ الفقاعات وتتلاشى، ولا يتذكرها أحد إلا من باب الطرافة، فحين قامت ثورة «1952» كان المخرج، كاتب السيناريو، حسين فوزى، ينفذ فيلم «عفريت عم عبده»، وفورا، وجد من الملائم أن يشير إلى ذلك الحدث الجلل، وبالتالى، كما يرصد الناقد محمد كامل القليوبى، أضاف مشهدا للعفريت «السيد بدير»، وهو يستعرض قواه الخارجى، فيقرأ فى جريدة «أخبار الغد»، خبرا لا يتوقعه أحد، يقول «سيقوم الجيش المصرى بحركة مباركة..» ويستكمل الأخبار التى باتت معروفة.. وأصبح «عفريت عم عبده» هو أسرع وأول استجابة للثورة.. ولاحقا، توالت مسرحيات سعدالدين وهبة، وغيره، تتعرض للأوضاع الظالمة قبل «52»، مؤكدة أن لحظة تصفية الحساب آتية. وفى جملة موجزة ودقيقة يصف الناقد فاروق عبدالقادر هذه الأعمال بقوله «مسرحيات تتنبأ بالثورة بعد وقوعها».

ثلاث حروب خاضتها مصر، عقب ثورة «52»، ومع كل حرب ترتفع أصوات حماسية تزعم أن أصحابها سيقدمون فنا جديدا، يعبر عن قوة ومتانة الشعب المصرى، وجيشه الباسل. وبتعجل، أنهى نيازى مصطفى «سجين أبوزعبل» ليحظى بلقب أول فيلم عن حرب السويس.. جاء الفيلم مسطحا، شديد الافتعال، يتضمن صراعا بين تاجر مخدرات شرير وشاب طيب، يحكم عليه بالسجن الذى تدمره غارات العدو، وبينما تتوالى الأحداث وفق منطق قائم على المصادفات، لا يمكن أن تعرف شيئا عن الأعداء، أو لماذا هذه الحرب. وحتى الجاسوس، لا يشير الفيلم إلى جنسيته. وعندما اعترض النقاد على تجاهل الدول المعتدية، وعدم ذكر أسمائها، علق نيازى مصطفى، بأريحية لافتة «عندما أخرج فيلما أضع أمامى احتمال عرض هذا الفيلم فى أى ظرف وأى مكان».

إلى حد ما، تحاشت السينما المصرية، والمسلسلات التليفزيونية، الخوض فى حرب «67»، ربما لأن الهزيمة لا تغرى أحدا على الاقتراب منها سريعا.. ومع انتصارات «73» تفتحت شهية الكثير من الاسطوانات نحو الاستغلال الفورى لنصر أكتوبر، وفى أقل من عام ظهرت أفلام من نوع «الوفاء العظيم» لحلمى رفلة حيث الصراع التقليدى، المستتر والمعلن، بين رجلين، من أجل فتاة. هنا، كما الحال فى «سجين أبوزعبل»، غياب كامل عن التاريخ والسياسة، وحضور مفاجئ لحرب لا نعرف أسبابها، ولكن لها دورها كمكان يجمع، مصادفة، الزوج والحبيب، وقد تطهرا من الأنانية، فإذا كان الحبيب يضحى من أجل الزوج، فإن الزوج الذى يستشهد لا يفوته، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، أن يبارك زواج الحبيب من زوجته التى ستصبح أرملة.. إنه فن المناسبات البائس الذى نتمنى ألا يمتد لمسلسلات وأفلام الثورة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات