اللعبة الكبرى - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 2:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اللعبة الكبرى

نشر فى : الثلاثاء 2 يونيو 2015 - 8:50 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 2 يونيو 2015 - 8:50 ص

يكتسب هذا الفيلم أهميته من خارجه وليس من داخله.. فنيا، هو عمل قد يكون متقن الصنع، لكن لا يتوهج بالإبداع، يسير على وتيرة أفلام الصراع بين مجموعتين، جوا وأرضا وبحرا، بما يستلزمه الأمر من مناورات ومواجهات ومطاردات، ثم الإنقاذ فى اللحظات الأخيرة.. وكالعادة، لابد أن يوضع طرفا فى الجانب الطيب، يتعاطف معه المتابع، يلهث قلقا على مصيره المهدد، بينما الجانب الآخر على قدر كبير من الشر، متآمر، مراوغ، وحشى الطباع، قاتل.. الشاشة الفضية قدمت مئات الأفلام من هذه النوعية، مع استبدال طرفى الصراع: شرطة ضد عصابة، أسرة طيبة ضد خاطفى أحد أبنائها. سكان الأرض ضد غزاة القضاء.. يتوقف نجاحها على مدى التوتر الذى تشيعه، فغالبا، تحدق الأخطار بالطرف المسالم، البرىء، الذى يكاد يقضى عليه، لولا تقاليد الدراما التى يفضلها الجمهور: الشر لا ينتصر.

فى «اللعبة الكبرى» أو «Big game»، المخطوف، المهدد بالقتل، هو الرئيس الأمريكى الأسمر شخصيا ــ بأداء صامويل جاكسون ــ وهى سابقة غير معهودة فى عالم الأطياف، والأدهى أن الخاطفين هم مجموعة من الإرهابيين.. هنا، مبدئيا، يدل الفيلم عما يمكن ان نطلق عليه «فوبيا الإرهاب»، فالواضح، أن النشاط المروع لجماعات الإرهاب، منذ نسف برجى التجارة العالمى بنيويورك ٢٠٠١، تسبب فى درجات متفاوتة من الذعر، عند قطاعات واسعة من الناس، وجعلت، حتى من يملكون القوة والقدرة، يتخوفون من ضربة مباغتة، تقلب الأوضاع رأسا على عقب.

الفيلم من إنتاج ثلاث دول: فنلندا، ألمانيا، إيطاليا، وتوزيع شركة أمريكية.. كلهم، وجدوا فى السيناريو الذى كتبه وأخرجه، جالمارى هيلاندا، الفنلدنى، تعبيرا عن هواجس تجاه أعداء غير مرئيين، لا أحد يعرف بالضبط أين ومتى وكيف سيوجهون ضربتهم.

عن طريق المونتاج المتوازى، تسير الأحداث فى خطين. أحدهما يتابع الصبى الفنلندى، أوسكارى، الذى يقوم بدوره فتى موهوب، اسمه «أولى توميلا»، يتعلم الصيد فى الغابة، حيث إن والده من أمهر الصيادين.. أما الخط الثانى فيتعلق بطائرة الرئيس المتجهة نحو العاصمة «هلسنكى» لحضور أحد المؤتمرات الدولية. سكرتير الرئيس، موريس، الشديد الأناقة «راى ستيفنسون»، يخطره بقرب الوصول. الرئيس الأسمر، فاقد الحماس، متوتر من شىء ما.

مجموعة صغيرة من الإرهابيين، بملابس أوروبية، تصل إلى الغابة، تعد الصواريخ الصينية لإطلاقها على طائرة الرئيس الأمريكى، عقب تعطيل أجهزة الإنذار.. كاتب السيناريو، المخرج، يتابع طائرة مروحية صغيرة، تساعد المجموعة الإرهابية، قائدها ومساعده يتكلمان باللغة العربية الركيكة، وتظهر الترحمة الإنجليزية على الشاشة.. موقف لا يحتاج لتعليق.

ينطلق صاروخ نحو الطائرة، يصيبها، الارتباك يسيطر على طاقمها، يقفز بعضهم بالمظلات. الرئيس يوضع فى كبسولة، تهبط بمظلة إلى الأرض.. اضطراب فى مركز الاتصال بواشنطن.. الصبى «أوسكارى» ينجح فى فتح باب الكبسولة ليخرج الرئيس سليما، مندهشا، تائها فى تلك الغابة المترامية الأطراف. الحوار المقتصد، بين الرئيس والصبى، على درجة كبيرة من العمق، يعبر عن مفارقات تقلبات الحياة، فالرجل الناضج، المتقدم فى العمر، عليه الانقياد للصبى، الخبير بدروب الغابة.. وصاحب أقوى جيش فى العالم، كما يقول، يجد نفسه وحيدا، بلا حول أو طول، فى متاهة.

بناء الفيلم يعتمد على المفاجآت، وانقلاب المواقف، والاكتشافات.. «موريس»، سكرتير الرئيس المتأنق، الذى هبط بمظلة، يصل للرئيس الذى يدرك أن سكرتيره متورط فى مؤامرة، مع الإرهابيين، للقضاء عليه.. ولأن ثقافتيهما الأمريكية واحدة، تؤمن بمقولة «خذ عدوك إلى أعلى التل، وإذا خفت، ضعت»، فإنهما يتصارعان، يتبادل لكمات وحشية. يتهالك الرئيس، لكن الصبى ينقذه.. يهرب به، من مطاردة السكرتير الخائن، والإرهابيين، الذين أطلقوا الصاروخ، أو الذين فى الطائرة المروحية الصغيرة، وهم، حسب لغتهم، من العرب.

الصراعات البدنية، تنتقل من الأحراش إلى داخل الطائرة التى سقطت فى بحيرة، نصفها غارق فى الماء، وبينما والد الصبى، مع الصيادين، ينتظرون عودته، تأتى وحدة التدخل السريع الأمريكى، لتدهم المنطقة، وتقيد الصيادين على نحو شديد القسوة، لا ينقذهم إلا وصول الرئيس مع الصبى.

الأداء التمثيلى، إجمالا، باهت، والإخراج تقليدى، مكرر، والاهتمام بجماليات الصورة يأتى على حساب مضمونها.. وتأتى النهاية حاملة معها مفاجأة غير متوقعة. نائب الرئيس، المغتبط، يتهيأ لإلقاء قسم الرئاسة، ويشاركه فى السعادة خبير الاتصالات العجوز، المتآمر، الذى ينزعج من خبر انقاذ الرئيس. يبادر إلى تسميم نائب الرئيس، كى يكون هو الوحيد الذى يعرف سر المؤامرة.

الفيلم، بهذه المعلومة المبتسرة، وبمساره العام، يفتقر لأى تحليل سياسى، ولا يشير لأسباب وجذور انتشار الإرهاب.. فقط يعبر عن الذعر منه، وهذا وحده.. لا يكفى.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات