لا تبصق فى البئر - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 10:16 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا تبصق فى البئر

نشر فى : الأربعاء 2 ديسمبر 2009 - 9:36 ص | آخر تحديث : الأربعاء 2 ديسمبر 2009 - 9:36 ص

 امتدت الأبسطة الحمراء أمام الفنانة الكبيرة، على الجانبين، خلف الحواجز، تزاحمت جماهير ضخمة، نساء يزغردن، يمسكن بأطفالهن الصغار بأيديهن الممدودة نحو النجمة، بأمل أن يحظى الأطفال بلمسة من أنامل السيدة الجميلة التى تربعت على عرش القلوب، وكلما التفتت، بابتسامتها المشرقة، نحو مجموعة، انطلق التصفيق لها والترحيب بها.. عند بوابة دار العرض، ارتفع صوت المزامير وإيقاعات الطبول. دخلت، وكأنها ملكة، وبعد أن جلست على مقعدها، فى أول صف، أطفئت الأنوار ليعرض فيلم عن مشوارها على الشاشة، مصحوبا بتعليق مكتوب بمداد المحبة. ثم، صعدت إلى خشبة المسرح، لتسلم جائزة تكريمها، وسط هتافات ومئات فلاشات كاميرات التصوير.

السطور السابقة عن يسرا، صاحبة الحضور المبهج، الطيبة، التى انساقت مع مجموعة لاطمى الخدود، فى سرادق العزاء الكئيب، الذى أقيم عند سفح الهرم، بلا ضرورة أو هدف، حيث ألقى الأستاذ محمود ياسين، بيانا خائبا، استعرض فيه قدراته فى الأداء الذى جاء مفتعلا، متصنعا، ثم تولى الفنان حسين فهمى قراءة البيان مرتين، مرة بإنجليزية مرتبكة، ومرة بفرنسية متلعثمة، ولم يفته أن يرسم على وجهه ذلك التجهم الذى يلائم المياتم، وكما فى الجنازات، تطوف الكاميرا لتلتقط بعض الوجوه المعبرة عن الحدث: مجموعة جد صغيرة، قليلة، من فنانينا، وعدد كبير من المقاعد الخالية. جاء المشهد كله، تعيسا، قاتما، مغاليا فى تشكيه وتبكيه، خاصة من «يسرا»، المكرمة، وحسين فهمى، الذى تم التعامل معه، فى الجزائر، بمنتهى المحبة والاحترام، حين ترأس لجنة تحكيم مهرجان وهران، فهل كان يليق بهما المشاركة فى هذه المحزنة المزيفة.

من ناحية ثانية، واستمرارا لمسلسل التدنى، كتب أحد الكتاب مقالا، يدخل فى باب «المعايرة» يقول «لقد نسينا ونسوا، أن المخرج الراحل يوسف شاهين هو الذى صنع لهم فيلما جعلهم فى أذهان الناس، بلدا خليقا بالاحترام، لأنه حكى قصة المجاهدة الجزائرية جميلة بوحريد».. هكذا، كأن شاهين هو الذى اخترع جميلة، وأنها ليست إفرازا ناصعا للنضال الجزائرى، وأنها هزت ضمائر الشرفاء فى كل مكان، حتى داخل فرنسا نفسها، ونسى الكاتب أن الجزائر هى التى ساهمت فى إنتاج ثلاثة أفلام ليوسف شاهين: «العصفور»، «عودة الابن الضال»، «إسكندرية ليه»، كما أنها فتحت الطريق أمام خيرى بشارة، حين ساهمت فى إنتاج أول أفلامه، «الأقدار الدامية» عام 1980.

من ناحية ثالثة، أعلن مطرب هرب من التجنيد، أنه لن يغنى مع وردة الجزائرية، لأنه يحب وطنه جدا، وقال مسئول عن إنتاج سينمائى وتليفزيونى، أنه لا يحتاج للسوق الجزائرية.. لكل واحد من هؤلاء يجب أن يقال: لا تبصق فى البئر، فقد تحتاج للشرب منها، مرة أخرى.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات