مرض الريادة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 3:10 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مرض الريادة

نشر فى : الجمعة 3 يوليه 2009 - 8:17 م | آخر تحديث : الجمعة 3 يوليه 2009 - 8:17 م

 الريادة هى نقطة البداية، الانطلاقة الأولى فى مشوار طويل، الإنجاز الذى يفتح الباب للمزيد من الإنجازات، لحظة الإبداع المبكرة التى تتلوها بالضرورة إبداعات أخرى، ولكن أحيانا يصاب فرسان الريادة بمرض يمكنك أن تسميه «مرض الريادة»، يأتى حين يظن بعض الرواد أن ريادتهم لم تكن بداية وحسب، بل بداية ووسط واستمرار من دون نهاية، ومن أعراضه الإصرار على البقاء فى صدر الصورة مع إنكار ما تحققه أجيال جديدة، وربما فى أماكن أخرى، بالإضافة للاعتقاد بأن حقوق الريادة والرواد تتجاوز القانون والمنطق، فضلا عن عدم الاعتراف بمرور الزمن، وتغيير الواقع من حال لحال.

بدأ التليفزيون المصرى إرساله مع أعياد ثورة يوليو 1960، بعد عامين من انطلاقه فى بغداد عام 1958، وفى بيروت عام 1959، ومع هذا اعتبرنا حق الريادة من نصيبه، وبرغم عدد ساعات إرساله، فى البداية التى لم تتجاوز الست ساعات، فإن أباطرة البروبجندا أصروا على أن التليفزيون المصرى ولد عملاقا، ولم ينتهبوا إلى أن الوليد العملاق لابد أن يكون مشوها، ولكن بسبب ثقل مصر السياسى والإبداعى والثقافى، ازدهرت الشاشة الصغيرة، ونمت نموا طبيعيا، وأصبحت خلال السبعينيات والثمانينيات فى عز شبابها: كوادر فنية مدربة، وجوه جذابة توحى بالثقة، قريبة للنفس، لمذيعين ومذيعات على قدر كبير من الثقافة والتحضر، كتاب مسلسلات مدججون بخبرة فى مجالات القصص والروايات، وأضافت الأفلام المصرية، قديمها وحديثها، قوة جذب هائلة، صبت فى طاحونة التليفزيون المصرى.

دوام الحال من المحال، ظهرت قنوات جديدة، خارج وزارة الإعلام، ورأت متاعب الريادة، فواحدة من هذه القنوات كادت تتخصص فى عرض الأفلام المصرية، وبالتالى شرعت فى شراء الأشرطة السينمائية، وأدرك أصحاب الأفلام أن قيمتها، من الناحية المالية، أضعاف أضعاف ما يدفعه «العملاق»، وتعمدت القناة الوليدة غسيل وترميم الأفلام القديمة، ما جعلها تسطع على شاشتها الصغيرة، ومع انتشار ثقافة الملكية الفكرية وقوانينها، لم يعد من حق التليفزيون المصرى اقتطاع مشاهد من أفلام لم تدع من حقه كى يرصع بها برامجه الفنية، وبدلا من أن يتفهم فرسان الريادة تلك التغييرات، رفعوا شعارات ذات صبغة وطنية انتهى زمانها، ورفضوا شراء حقوق بث الأفلام بالأثمان الجديدة، فذهبت الثروة السينمائية إلى تلك القناة، ولم يعد أمام العملاق إلا أن يعض بنان الندم.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات