حياتى مبهدلة.. رصيدك نفد - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 5:50 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حياتى مبهدلة.. رصيدك نفد

نشر فى : الثلاثاء 4 أغسطس 2015 - 7:50 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 4 أغسطس 2015 - 7:50 ص

جوهريا ظل محمد سعد محتفظا بالصفات الأساسية التى انتقل بها من فيلم لآخر: شاب بسيط لم ينل حظا من التعليم، يعيش على سجيته، أبعد ما يكون عن الجمال الشكلى، يأتى من قاع المجتمع، يتصرف على نحو عشوائى، يعتمد فى أدائه على طاقة فنية كبيرة، أقرب للكاريكاتير، سواء ببدنه المرن، أو وجهه المتغير الملامح، فضلا عن صوت متعدد الطبقات.

هذه السمات الموحدة، لا تقلل من شأن الفنان، بل ربما تساهم فى زيادة شعبيته.. هنا، يتراءى لنا، سيد الكوميديا، شارلى شابلن، بقدميه المعوجتين إلى الخارج، وجاكتته الضيقة على صدره الهزيل، وبنطاله الأطول من رجليه، ومشيته الأقرب للهرولة، ثم وجهه الصغير، بذلك الشعر الكثيف الذى يعلو رأسه وتتجسد خشونته فى شاربه الأقرب لفرشاة الأسنان.

لا يأتى ذكر شارلى شابلن، من باب المقارنة بينه ومحمد سعد، لكن من أجل الانتباه إلى أن الفنان العالمى لم يكتب له طول البقاء بسبب ملامحه الشكلية، فثمة ما هو أهم: موقفه الإنسانى داخل أعماله، الشريد، أو الصعلوك، الذى يجسده شابلن، هو الواقف، بعفوية، ضد الطغاة، سواء أكانوا رجال شرطة أم عصابات أم زعماء.. وفى ذات الوقت، يتوحد مع كل من تعرض لقسوة البشر والحياة.. إنه يصادق «الصبى» الذى لا أهل له، وإذا أحب، فستكون الضريرة، بائعة الورد، هى الحبيبة.

المواطن النكرة الذى لا يحمل بطاقة شخصية، والذى لا نفوذ ولا عمل له، المتحايل على الحياة بكل الطرق، شأنه فى هذا شأن قطاعات واسعة من شبابنا، يجسده «اللمبى»، بذلك الأداء المبتكر لمحمد سعد بانفجاراته الانفعالية، التى تظهر بتلك الكاريكاتورية، على ملامح وجهه القابل دائما للتغيير والتشكيل حسب رغبة صاحبه.

بهذه الخصائص انتقل محمد سعد من فيلم لآخر، متخليا، شيئا فشيئا، عن نزعته الشعبية، حيث كان يحب ابنة الجيران، ليتطلع إلى عالم آخر، وفتاة أكثر ثراء وجمالا ممن كانت موائمة له.
وصل محمد سعد إلى محطة «حياتى مبهدلة»، فاقدا للتوازن بين ملامحه الخارجية من ناحية، والداخلية من ناحية أخرى.. زادت بلاهته، مع المغالاة فى حول عينيه، وقد خرج نصف لسانه من فمه، واندمج فى تحريك مؤخرته، بعنف، يمينا ويسارا، وأخذ يسير على ركبتيه، وترتفع عقيرته بالغناء، فى مشهد مكرر، مع راقصة، فى فرح مبتذل، داخل حارة.

يفتتح الفيلم بموقف لأحد حراس مول شهير فى الخليج، يستنجد بآخر حين يرى لصوصا يسرقون كراتين بضاعة الآخر، هو «تتح» أو محمد سعد، الغشيم، الذى ينطلق بسيارة، لمطاردة اللصوص. يصطدم بعربات واقفة، يهشم مؤخراتها.

داخل المول، بدافع الملل، تفتتح فتاة جميلة، تافهة ــ نيكول سابا ــ محلا صغيرا لبيع الكتب.. «تتح» يحبها، من أول نظرة، وهى، وإن كانت لا تحبه إلا أنها معجبة بشجاعته سريعا، ينزلق الفيلم فى متاهة بلهاء: «تتح»، بعربته القديمة، فى حارته بالقاهرة، يدهس قطا أسود.. يقع بعدها فى تهيؤات هلاوسية، تصور له أن وليفة القط تريد الثأر منه.. يلجأ إلى مشعوذ يطلق عليه «الشيخ جلال» بأداء بليد، سقيم، لحسن حسنى، ويستعين الفيلم الفاتر بشىء من «الجرافيك»، فى مشاهد تخيلية «الجرافيك»، بدائى يخلو من الخيال والاتقان.

يسير الفيلم متخبطا، بلا منطق، فتتوالى المواقف المسطحة، وليست الأحداث التى تحرك العمل للأمام.. فقط، سخريات جارحة من الغرائبى «تتح»، لغيره من الناس، فها هو يسأل الرجل الضخم، صاحب الرأى الكبير «انت عامل وشك زوم».. ويعلق على صبى متلعثم بأنه غالبا سكران.

«حياتى مبهدلة» فيلم بلا سيناريو، ومن دون إخراج، يتسكع هادرا للوقت، يصيب مشاهديه بالندم الشديد.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات