يوميات مراسل من القاهرة - محمد موسى - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 9:37 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يوميات مراسل من القاهرة

نشر فى : الأربعاء 5 مارس 2014 - 4:50 ص | آخر تحديث : الأربعاء 5 مارس 2014 - 4:50 ص

مضت ثلاثة أعوام على بداية انتفاضات الربيع العربى، ولا زالت الحياة فى القاهرة متأثرة بالثورة إلى حد بعيد وكأن الأيام لم تمر.

ملاحظة سجلها من القاهرة قبل يومين كيفين كونوللى، مراسل بى بى سى، وهو يتحدث عن الشرطة التى عادت. «لم ترجع لاستعادة النظام، بل لتبسط سيطرتها على الشوارع فى درجة أقل من الفوضى».

ما لم يشاهده المراسل فى الشوارع هو أن الشرطة عادت أيضا لتضبط المشهد السياسى على طريقة زمان. قضايا لكل من يشتبه بهم حضرة الضابط، أو كل من يضعه القدر أمامه فى لحظة «تدبيج» القضية. المعتقلون بالصدفة دليل على ذلك، والقصص التى نشرتها «الوطن» فى ملفها أمس الأول تثير الرعب، لكنها لا تقضى على الأمل بأن مصر تغيرت، حتى لو لم يعترف بذلك حضرة الضابط.

شوارع القاهرة التى تعج بالفوضى والتكدس، تظهر أيضا «إشارات الحياة المتجددة فى كل مكان»، كما ورد فى التقرير.

إشارات الحياة أكثر من أن يحصيها مراسل عابر لهذا البلد، فلقد عشنا سكون الموت المطبق لعقود تحت حكم مبارك. أنا أيضا «من جيل كان يمر عليه شهور، والمعركة النضالية الوحيدة أمامه هى مقاومة المئات إخلاء بيوتهم فى منطقة الزرايب»، مثلما كتب وائل جمال قبل أيام، مضيفا بيقين: منطقى الواحد يتفاءل.

لكن معظمنا، كما يلاحظ الصحفى الإنجليزى، يشعرون أن البلاد أمضت وقتا طويلا من التغيرات السياسية منذ سقوط مبارك، وهناك حنين واضح للسكون، والهدوء، والاستقرار.

مصر لن تعرف السكون بعد اليوم، لكنها ستنعم بالاستقرار فى نهاية مخاض مؤلم وسعيد. وهو ما لا يعرفه كثيرون، لم يتوقعوا أن «تعود بلادهم إلى ما كانت عليه قبل الثورة، حيث يسيطر الجيش على الحياة السياسية، وتصبح المناصب العليا مهيأة لكبار العسكريين»، كما كتب كونوللى.

الجيش يسيطر على الحياة السياسية منذ 1952 بلا انقطاع. وفى بدايات الستينيات، كان الباحث الراحل أنور عبدالملك أول من كتب عن ظهور طائفة الضباط الكبار، الذين بدأوا فى جنى ثمار ثورتهم. وعودته للسيطرة، كما يراها المراسل الغربى، تعنى أن ظهوره السياسى أصبح واضحا وعلنيا، بل مطلوبا من جانب بعض قطاعات الشعب. لكن الدولة الأمنية التى يسعى الجيش لتدشينها مع الشرطة لن تسود كثيرا، فالشارع أكثر حيوية وجنونا مما يتصورون.

الدولة الأمنية لا تستطيع إعادة الجمهور لمباريات الكرة، ولا إنقاذ الضائعين فى وادى التيه بسيناء. الدولة الأمنية لا تمنع بائع الخبز وسائق الموتوسيكل من القيادة فى الاتجاه العكسى، كما كتب كونوللى. الدولة تجد صعوبة كبيرة فى حماية رجالها من كتائب الإرهاب الأسود فى الوادى وسيناء، ولم تتوصل بكل أجهزتها البشرية والتقنية، إلى أن الاكتشاف الذى ينتظره مرضى الكبد والإيدز فى العالم، ليس إلا تهويمة جديدة لرجل الأعشاب الهارب من مطاردات وزارة الصحة.

كتب كونوللى أن «الثورات عصية على التوقعات، ومتقلبة المزاج، تفاجئ حتى الثوار الذين خططوا لها»، صحيح، لكنها لا تموت إلا بعد أن توصل رسالتها.

يا داخلين الميدان

اقروا السلام ع المسجونين

واقروا السلام ع المقتولين

لاجل الميدان يفضل ينادى

هكذا كتب الشاعر محمود العدوى، لأن نداء الميدان الذى ارتفع مثل الأذان فى قلوبنا قبل ثلاث سنوات، لن يختفى أبدا.

من المنطقى إن الواحد يتفاءل.

محمد موسى  صحفي مصري