عودة.. (الطليعة) - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 10:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عودة.. (الطليعة)

نشر فى : السبت 5 مايو 2012 - 8:40 ص | آخر تحديث : السبت 5 مايو 2012 - 8:40 ص

إصدار هذه المجلة، من جديد، فى ظنى، لا يأتى من باب الحنين للماضى، لكن يأتى تلبية لاحتياج شديد فى حاضر حائر، تارة يتلألأ بنور الأمل، وتارة ينذر بأوخم العواقب، إذا سادت فيه الأفكار الغوغائية، المعادية للعقل، ضيقة الأفق، ذات الجوهر المتخلف، المتعصب لكل ما تجاوزه الزمن والتحضر.. فى افتتاحية العدد الأول، بعد طول غياب، يحدد المحرر رسالتها التنويرية الجديرة بالاحترام، المبنية على رؤية واضحة، واعية، لواقع وطن اندلعت فيه ثورة لم تكتمل، وارتباك عام، ومآزق، وقوى ثورية، شابة، ناهضة، برغم ما قد يبدو من غيوم داكنة، هوجاء، تريد دولة دينية تعتمد على الاستبداد.

 

«الطليعة 21» لا تحاكى، ولا تقلد «الطليعة» الكلاسيكية، الثورية، التى تستحق وقفة تنعش الذاكرة بدورها الفعال، ومواقفها الشجاعة، خلال عقد ونصف العقد (1962 ــ 1977)، وجاءت آلاف صفحاتها، تعبيرا ناصعا، مخلصا، لشعارها «طريق المناضلين للفكر الثورى المعاصر».. مقالاتها، الأقرب إلى الدراسات العميقة والأبحاث الشاملة، القت الضوء على عشرات القضايا المعتملة فى الواقع، وامتدت آفاقها لتنفذ، بتحليلاتها، إلى ما يدور فى العالم، خارج الحدود، خاصة فى أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية.. «الطليعة» التى وصل توزيعها إلى عشرات الآلاف من النسخ، غدت مصدرا لوعى ومعرفة أكثر من جيل، ولأنها سارت ضد تيار السلطة، تم وأدها عقب انتفاضة يناير 1977، فبينما روجت أجهزة إعلام السادات، لوصفه المتجنى للثورة، على أنها «انتفاضة حرامية»، أصرت المجلة، فى افتتاحيتها على تشخيصها كانتفاضة ثورية.. قبلها، اتخذت «الطليعة» موقفا حاسما، ضد سياسة الانفتاح، ومع معركة السلطة ضد ثقافة الوعى والإدراك، وتعمدها على نوافذ الاستنارة، أغلقت مجلة «الكاتب» المحترمة، عام 1975، فما كان من مجلة «الطليعة»، فى مبادرة نبيلة، غير مسبوقة، إلا استضافة المجلة المغدورة، وخصصت لها مساحة لا يستهان بها فى صفحاتها التى تصل إلى «194» صفحة، من القطع الكبير.. ولعل من أهم إنجازات «الطليعة» ملحق «الأدب والفن»، الذى أشرف عليه الناقد الكبير، فاروق عبدالقادر، الذى جعل منه عيارا نزيها للإبداع الثقافى، فى الرواية، الشعر، المسرح، السينما، الفنون التشكيلية، وساهم فيها أصحاب الأسماء الذين أصبحوا من كبار الكتاب، الموثوق فى تحليلاتهم وتقييماتهم.

 

من الناحية الشكلية، تختلف الطليعتان فى بعض الجوانب: غلاف الطليعة الكلاسيكية يخلو من الصور، شأنه فى هذا شأن المتن، وورقها هو ورق الجرائد، والمقالات مرصوصة وراء بعضها، من دون أى مساحات فراغ، وبها أبواب ثابتة، مثل «تقارير الشهر» التى تتابع بالرصد والتحليل، أهم الأحداث المحلية والعربية والعالمية، بينما فضلت «الطليعة 21» ــ ربما نسبة إلى القرن الواحد والعشرين، أن تضع صورة لجحافل ثوار يناير، حملة الإعلام المصرية، ومتنها مطبوع على ورق أبيض، وهى أيضا من القطع الكبير. عدد صفحاتها «112» صفحة، أى لا تتجاوز ثلثى صفحات والدتها، وتباع بعشرة جنيهات، بينما ثمن الأولى عشرة قروش، وتصدر بانتظام، شهريا. «الطليعة 21» تصدر فصليا، وبالتالى من العسير أن تلاحق تغيرات الواقع المتسارعة، وإن كان هذا التباعد النسبى، يعطى لكتابها فرصة أوسع، وأعمق، للتحليل والتقييم.. وتعتمد على تمويل ذاتى، وتخلو من الإعلانات، مما يثبت إيمان مصدريها بوطن يستحق، ويحتاج لرؤية ثورية، نضالية، شريفة، لما يجرى فيه. إنها جديرة بالاحترام.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات