سيد القمنى «بلبوصا» - وائل قنديل - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 3:02 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سيد القمنى «بلبوصا»

نشر فى : الأربعاء 5 أغسطس 2009 - 11:31 م | آخر تحديث : الخميس 6 أغسطس 2009 - 1:02 م
إذن سوف يخلع سيد القمنى ملابسه ويقف «بلبوصا» للجميع إذا ما استقر به المقام خارج مصر مكرها..
هكذا توعد القمنى خصومه فى حال تم تجريده من جائزة الدولة وأجبر على الهجرة من مصر، كما قال لمجلة النيوزويك الأمريكية (النسخة العربية).

حديث القمنى جاء فى سياق الرد على الحملة التى ترى فى منحه جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية مرحلة متقدمة للغاية من التهريج والعبث العلمى فى مصر.

وبصرف النظر عن أنه يمكن لأى متابع أن يقدم قائمة بمائة شخصية مصرية على الأقل أجدر من القمنى ــ فى هذه اللحظة ــ بالفوز بالتقديرية فى العلوم الاجتماعية، فإن هذه «البلبصة القمنية» بحد ذاتها تصلح سببا وجيها ومقنعا للغاية بأن منح هذا الرجل، صاحب هذا القاموس الراقى من الألفاظ، جائزة فى العلوم الاجتماعية هو جريمة كاملة الأركان فى حق العلم وفى حق البلد.

ذلك أن أحدا من أساطين العلوم الاجتماعية فى مصر عبر عصورها المختلفة لم يضبط متلبسا بلفظ على هذه الشاكلة من القبح والتدنى القيمى والمعرفى، كما أن أيا منهم لم يكن يبدل مواقفه بتغير الموقع الجغرافى، بمعنى أن يكون رصينا وهادئا داخل حدود بلده، ومنفلتا و«بلبوصا» إذا ما استقر فى الخارج.

ذلك أن من سمت العالم الحقيقى المحترم أن يكون صاحب مبدأ وموقف لا يرتبط بالتغيرات المناخية والجغرافية، وفى حدود علمى فإن الجسارة فى الدفاع عن المبدأ والموقف لا ينبغى لها أن تأخذ إجازة أو تخفت وتتوهج حسب الظروف، هذا على مستوى الشخص العادى، فما بالنا بمن يعتبر نفسه مفكرا وعالما وجديرا بجائزة الدولة التقديرية؟

وقارن معى بين هذا الموقف وموقف الدكتور نصر حامد أبو زيد الذى فعلت به الأفاعيل وأهدر دمه وألقت به المقادير فى الغربة، فلم نسمع عنه أنه قرر أن «يتبلبص» أو «يردح» لخصومه، كما لم يبدل قناعاته أو يهدد أحدا بـ«الشرشحة» وكشف المستور.

وإذا كان فى جعبة القمنى الكثير عن «المستور» الذى يهدد بكشفه إذا خرج من مصر، فإنه لا يليق به كباحث ومفكر ــ كما يرى فى نفسه ــ أن يسكت عنه ويهيل عليه التراب مادام موجود فى مصر وعلى جدار غرفته صورة جائزة الدولة التقديرية، فالمثقف الحقيقى، وخاصة إذا كان ممن تمنح لهم الجوائز فى العلوم الاجتماعية، لا يجب أن يغض الطرف عما يراه من مواضع خلل أو فساد، بل إن واجبه أن يكشف المستور عما يراه فاسدا وهو فى بلده، يواجه بجسارة ويخوض معاركه بنبل ــ هنا والآن ــ وليس بعد أن يستقر فى الخارج، مختارا أو مكرها، فضلا عن أن منطق التلويح بنشر الفضائح وكشف المستور إذا لم يحصل الشخص على ما يريد، هو سلوك لا يليق بالعلماء، بل يصلح لنوعيات أخرى من البشر.

فليكشف القمنى عما لديه من «مساتير» الآن، وبعدها قد يصح أن نعتبره مفكرا وعالما حقيقيا.
وائل قنديل كاتب صحفي