إتاحة التعليم بين التمليك والإيجار - معتمر أمين - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 4:09 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إتاحة التعليم بين التمليك والإيجار

نشر فى : الأحد 6 أغسطس 2017 - 9:30 م | آخر تحديث : الأحد 6 أغسطس 2017 - 9:30 م
أعلن الدكتور طارق شوقى عن حزمة قرارات تعتزم وزارته القيام بها لدفع العملية التعليمية فى مصر. ومن ضمن القرارات جزء خاص بعملية الإتاحة التعليمية. فالوزارة تستهدف بناء عدد كبير من الفصول الدراسية لتخفيف عدد التلاميذ فى الفصول، ولإتاحة التعليم فى مناطق أخرى محرومة. وقبل الدخول إلى التفاصيل، ننوه إلى تكلفة بناء الفصل الدراسى الواحد التى تصل إلى 300 ألف جنيه لمساحة حوالى 60 مترا مربعا. كان هذا قبل تعويم الجنيه فى نوفمبر الماضى. ولا أعرف كم تبلغ هذه التكلفة حاليا. فأسعار الحديد ومواد البناء ارتفعت بشدة. وقد تصل التكلفة إلى 400 ألف جنيه على الأقل للفصل الواحد. والوزير صرح فى المؤتمر الصحفى أن عدد الفصول المستهدف بناؤها هو 100 ألف فصل، منها 54 ألف فصل فى عام 2018. ولأن موازنة الدولة تبدأ فى يوليو وتنتهى فى يونيو من كل عام، فأغلب الظن أنه يقصد بناء 54 ألف فصل فى العام الدراسى 2017ــ2018. والجهات التى ستقوم على عملية البناء هى هيئة الأبنية التعليمية والهيئة الهندسية، بالإضافة إلى جهة ثالثة. وبحسبة بسيطة لتكلفة بناء 54 ألف فصل، فإننا نتكلم عن مبلغ فى حدود 22 مليار جنيه. وقد يبدو هذا مبلغ معقول جدا بالنسبة لموازنة الدولة التى تتخطى تريليون جنيه. لكن هل 54 ألف فصل كافية؟ 

لو عدنا لبيان الحكومة الذى ألقاه رئيس الوزراء شريف إسماعيل فى مارس 2016، لوجدنا الحكومة تتحدث عن بيانات تفصيلية عن عملية إتاحة التعليم. والمهندس شريف اسماعيل قال بالنص: ان الدولة بحاجة إلى 52 ألف فصل لتخفيف كثافات الفصول من متوسط 65 طالبا إلى متوسط 44 طالبا. ثم بحاجة إلى 33 ألف فصل لمواجهة احتياجات المناطق المحرومة. ثم 15 ألف فصل إضافى لمواجهة الزيادة السكانية. وأخيرا 50 ألف فصل دراسى إضافى لإلغاء تعدد الفترات فى المدارس. وبمقارنة تصريحات الوزير طارق شوقى فى يوليو 2017 ببيان الحكومة فى مارس 2016، لتفهمنا أن الحكومة الآن تعمل على الانتهاء من تخفيف كثافات الفصول إلى 44 تلميذا فى الفصل الواحد، مع البدء فى إتاحة حوالى 2000 فصل من 33 ألف فصل فى المناطق المحرومة. ولعل الأعوام القادمة تشهد مزيدا من البناء لكى يصبح لدينا عدد الفصول الكافى لكى نتمكن من إتاحة التعليم فى كل ربوع مصر، بكثافات معقولة فى الفصول. وللعلم، بالرغم من تأخر مصر فى مستوى جودة التعليم، إلا أن نفس التقارير الدولية التى تصنفنا فى آخر الدول من حيث الجودة، تضعنا فى المرتبة 46 من 144 دولة فى مستوى إتاحة التعليم. ويرجع هذا إلى طبيعة توجه الدولة فى توفير أكبر عدد ممكن من الفصول.

والحديث عن إتاحة التعليم لا علاقة له بمسألة جودة التعليم. ولكنه حديث عن المبانى التعليمية والموازنة المتوافرة من الدولة لبناء المدارس. ولذلك نسأل، هل راجع أحد الجهات المختصة مثل المجمعة العشرية، أو نقابة المهندسين، للوقوف على ثمن بناء الفصل الواحد؟ فلو افترضنا أن بناء الفصل الواحد استمرت كما هى بدون زيادة عن 300 ألف جنيه للفصل الواحد بعد تعويم الجنيه، فإن نفس الميزانية المتاحة لبناء 54 ألف فصل، قد تكفى لبناء 72 ألف فصل! ومثال آخر، تخيل لو أننا طبقنا ما شاهده الرئيس السيسى فى مدارس اليابان التى لها ثلاثة جدران فقط وليس أربعة، فهل يخفض هذا تكلفة البناء بنسبة ولو 15%؟ وهل معنى هذا ان تكلفة الفصل قد تنخفض من 300 ألف إلى 255 ألفا؟ وكم فصل إضافى نستطيع أن نبنى بهذا التخفيض؟ ونسأل سؤال أخير قبل الانتهاء من هذه النقطة. لماذا تبنى الدولة الفصول الدراسية؟ لماذا لا تؤجر الدولة الفصول الدراسية بدلا من بنائها؟ إن الأموال التى يتم تخزينها فى إتاحة التعليم عبر بناء المبانى المدرسية تعتبر أموالا مجمدة. فالاستفادة من المبانى الدراسية يكون لمدة 6 أو 7 ساعات لمدة 160 يوما فى السنة! أما باقى الوقت، فهى مبانى وملاعب شاغرة لا نحسن استخدامها، كما أن فصول الصيف تمر بدون أدنى استفادة مجتمعية منها. تخيل لو أن الدولة استأجرت الفصل الدراسى بدلا من بنائه. فعندها ستكون تكلفة الإيجار30 ألف جنيه فى السنة بدلا من 300 ألف جنيه للبناء! بمعنى آخر، الميزانية المتاحة لبناء 54 ألف فصل دراسى التى تبلغ 22 مليار جنيه، ستكون كافية لاستئجار 730 ألف فصل دراسى لمدة عام!

والسؤال التقليدى، ومن يا ترى الذى سيبنى المبانى المدرسية؟ والإجابة التقليدية هى المستثمرون ممن يبحثون عن مشروع له عائد جيد بمخاطر منخفضة. والبنوك التى تخطت فيها الودائع حاجز 2,5 تريليون جنيه قادرة على التمويل. كل ما على الدولة فعله، هو تأجير الفصول بدلا من بنائها. فهلا راجعنا فكرة الإيجار بدلا من المبانى؟

 

معتمر أمين باحث في مجال السياسة والعلاقات الدولية
التعليقات