السعودية وإيران والمواجهة المؤجلة - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 9:28 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السعودية وإيران والمواجهة المؤجلة

نشر فى : الخميس 7 يناير 2016 - 10:35 م | آخر تحديث : الخميس 7 يناير 2016 - 10:35 م
باقتحام السفارة السعودية فى إيران وإعلان المملكة قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران يتحول الصراع غير المباشر بين الدولتين إلى مواجهة صريحة لا يمكن التنبؤ بعواقبها التى قد تظهر أكثر فى ساحات المواجهة المفتوحة فى سوريا واليمن. التصعيد الإيرانى جاء عقب حكم الإعدام على مجموعة من المتهمين بالإرهاب والتحريض عليه داخل السعودية ومن بينهم الشيخ الشيعى والمعارض السعودى المعروف نمر باقر النمر. كما أن الموقف العربى المساند للسعودية يعبر فى أغلبه عن إحساس بالمؤازرة والدعم وربما المجاملة من قبل أطراف عربية ترى أنها غير معنية بالصراع السنى ــ الشيعى الذى صار هو سمة الصراع المحتدم حاليا.

الحقيقة أن الصراع – رغما عن العرب – تتلبسه الصبغة الطائفية التى تعتمد عليها إيران فى ظل مشروعها الذى يقوم على استغلال العرب الشيعة ضد بلادهم، وخلق بؤر توتر وصراعات تضمن السيطرة لإيران على مصير هذه الدول. ليس لدى إيران ما تخسره خلال هذه الحروب والمواجهات لكن العرب خسروا أقطارا عربية كبرى بحجم العراق وسوريا ومن بعدهم اليمن؛ وعليه فليس من مصلحة المنطقة العربية تأجيج الصراع المذهبى والطائفى لكن فى نفس الوقت ينبغى التصدى للمشروع الإيرانى الذى صار يهدد الجميع حتى من يظنون أنهم بعيدون عن خطره.
وبناء عليه يجب أن تأخذ ملامح مواجهة المشروع الإيرانى الاعتبارات التالية فى الحسبان:
أولا: ضرورة كسر شوكة إيران سياسيا ووقف تدميرها للعراق وسوريا واليمن واعتبار ذلك هو واجب المرحلة دون الانجرار لمواجهات عسكرية مباشرة قد ينتج عنها الدمار للجميع. كل ما نريده هو تحقيق تقدم ونصر استراتيجى يجبر ايران على الجلوس على طاولة مفاوضات متزنة تنتهى بإحلال السلام فى تلك البلاد التى تمزقت أوصالها بسبب التدخلات الخارجية، بالتوازى مع نشاط دبلوماسى عربى مكثف للضغط على القوى الدولية ممثلة فى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى لبذل ضغوط حقيقية على روسيا وايران لوقف المأساة السورية والخروج منها. وفى هذا المقام لابد من التذكير أن تشتت الموقف العربى فى سوريا وانحياز دول عربية لمحور بشار وروسيا وايران هو أحد أسباب بقاء الأوضاع على ما هى عليه، لذلك نحن فى لحظة مفاصلة لا تقبل ميوعة المواقف ولا تقبل فيها المبررات الهزلية للإبقاء على بشار وتأييد التدخل الروسى.
ثانيا: غياب موقف عربى موحد فى سوريا واليمن والعراق يغرى إيران بالمزيد، وظهور هذا الموقف سيعيد التوازن المفقود الذى تستغله إيران، الجسد العربى يجب أن يتحرك ككتلة واحدة لأن الخطر جماعى وتفتيت المنطقة وإعادة تقسيمها أصبح يحدث أمام عيوننا بينما نحن مشغولون بالحديث عن المؤامرة فقط رغم أن الواقع صار لا يحتاج لأحاديث المؤامرات بل يحتاج لمواجهة التردى المتزايد.
***
ثالثا: الخطاب الإعلامى والتعبوى الذى تتبناه بعض النخب فى مواجهة المشروع الإيرانى كارثي؛ فاستخدام مفردات مثل الروافض والمجوس والفرس وغيرها من مفردات ترسخ الطائفية يجب أن يتوقف وعلينا عدم السقوط فى فخ المذهبية المنصوب لنا؛ لأنه لن يعود بالخير على أمتنا بكل طوائفها، نحن نحتاج لبناء خطاب جديد يفوت على ايران البعد الطائفى البغيض الذى تلعب به وتوظفه ضد الدول العربية وهذا لن يتأتى دون إقرار مبادئ المواطنة والحقوق الكاملة لكل مواطن عربى أيا كان دينه أو مذهبه. فتخوين العرب الشيعة يجب أن يتوقف وعلينا إدماج الجميع فى نموذج الدولة الوطنية الذى يستوعب الجميع بلا تمييز ولا عنصرية ولا اضطهاد، العرب الشيعة ليسوا عبئا على الأنظمة السنية التى يعيشون تحت إمرتها ولذلك علينا مراجعة أساليب التعامل مع هؤلاء وغيرهم من المختلفين مذهبيا مع مذهب الدولة الرسمى، أما انتهاج سياسات العقاب الجماعى فهو ذو أثر عكسى يكسر المواطنة داخل الانسان ويجعله يبحث عن دائرة ولاء وانتماء أخرى ربما تكون المذهبية والطائفية التى تؤدى للشقاق المجتمعى وتعزز الانقسام.
رابعا: ضرورة التفريق بين النظام الإيرانى وبين الشعب الإيرانى الذى ترفض قطاعات كبيرة منه السياسات الطائفية التى يمارسها نظام الفقيه؛ فلا ينبغى استباحة الشعب الإيرانى بسبب سلطته الحاكمة واليقين أن النظام الإيرانى سيخضع بعد انكساره لكثير من التغيرات الجذرية التى ستكون فى صالح الايرانيين أولا ثم شعوب المنطقة التى عانت من طائفية النظام وتطرفه المذهبى.
خامسا: تركيا قوة إقليمية كبرى لا يمكن تجاهلها خاصة وأن دورها محورى فى صناعة الاتزان بالمنطقة لذلك لا مناص من التعامل المباشر معها بحثا عن المصالح المشتركة، أما استمرار فزاعة الإخوان بكل تفاهاتها كعائق من التعامل وربما التحالف مع الأتراك فهو أمر لا يمكن قبوله ويصعب تفسيره لكل صناع السياسة الخارجية، لا يوجد فى السياسة صديق دائم ولا عدو دائم، كل المواقف والسياسات يمكن مراجعتها بحثا عن المصلحة العامة للوطن فما بالنا ونحن نتحدث عن مصير الأمة العربية كلها.
سادسا: السعودية لا تخوض معارك فى اليمن وسوريا خوفا على نفسها فقط بل هذه المواجهات فرضت عليها فرضا ولم يكن هناك مفر من تحمل المسئولية، لذلك فإن التعامل مع المشروع الإيرانى على أنه صراع سعودى ــ إيرانى لا يعنى بقية العرب حماقة تصل لدرجة الخيانة، لذا المطلوب هو ترشيد الصراع من أجل حقن الدماء واستعادة الأوطان الممزقة، فالمستقبل تتحدد ملامحه الآن فهل ينجح العرب؟

عضو مجلس شعب سابق
مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات