عبارات نجيب محفوظ.. الملهمة - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 9:37 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عبارات نجيب محفوظ.. الملهمة

نشر فى : السبت 8 يناير 2011 - 9:56 ص | آخر تحديث : السبت 8 يناير 2011 - 9:56 ص

 أيا كانت المسافة بين روايات نجيب محفوظ والأفلام المأخوذة عنها، فإن الطاقة الإبداعية، عند الكثير من ممثلينا، تصل إلى أفضل حالتها، حين يقوم نجومنا بأداء الشخصيات التى تزخر بها أعماله.

ولعل السبب فى هذا التألق يرجع إلى قدرة نجيب محفوظ على رسم أبطاله من الداخل وليس من الخارج فقط. إنه يستطيع بفقرة قصيرة، وأحيانا بجملة واحدة، منح الممثل مفتاحا يضىء به العالم الداخلى للنموذج الإنسانى الذى سيجده، فعندما عرض المخرج كمال الشيخ على شكرى سرحان، بطولة «اللص والكلاب»، ذهب شكرى لشراء الرواية، نظر إلى الصفحة الأولى. عاد إلى البيت ليتصل بالمخرج، فورا، ليخطره بحماسة أنه شغوف بأداء الدور، ولما سأله كمال الشيخ عن سبب الموافقة السريعة، أجابه النجم أن أول جملة فى الرواية فتحت الطريق إلى عمق الشخصية، بل نحو طريقة الأداء. الجملة مكونة من أربع كلمات «خرج وفى جوفه نار»، وطوال الفيلم بدت لسعة النار مستعرة فى قلب «سعيد مهران» حسب أداء شكرى سرحان، سواء فى المواقف الدامية أو اللحظات الرومانسية.

فى المقابل، أدركت شادية أن اسمها، فى ذات الفيلم، هو معنى أولا وأخيرا. «نور»، فتاة ليل نعم، لكن فى قلبها ضياء دافئ يغدو حضن الأمان لحبيبها المطارد. هنا، تتجاوز علاقتها مع سعيد مهران مسألة العشق إلى أفق آخر، فهى تحنو عليه حنو الأم على وليدها. إنه من أرق أدوار شادية وأكثرها رهافة.

ينهض أداء سناء جميل الصادق، البديع، فى «بداية ونهاية»، على جملتين دقيقتين، تحددان المعالم الخارجية والداخلية لشخصية «نفيسة»، فهى «بلا مال ولا جمال ولا أب».. وفى ذات الوقت «صاحبة قلب كبير يتسع لأفراد أسرتها». على هذه الجملة الأولى، لم يغب الإحساس بالتعاسة عن سناء جميل، سواء وهى تعمل أو تتحدث أو تضحك أو تتشاجر، لقد تفهمت وطأة الظروف التى سحقت «نفيسة»، وبالتالى جاء أداؤها متماسكا، يسير وفق منطق سليم.. أما الجملة الثانية، فإن عيون سناء جميل تلتمع بالمحبة حين تتحدث مع أحد أشقائها أو والدتها، ها هى، فى النهاية، تسير ذليلة وراء شقيقها الضابط، تنظر له نظرة مترعة بالاعتذار، قبل أن تستجيب له وتلقى بنفسها فى أعماق النيل.

وإذا كان فريد شوقى قدم عشرات الشخصيات المهمة، على شاشة السينما، فإن دوره فى «بداية ونهاية» يحظى بمكانة رفيعة، وهو أمر منطقى تماما، فصلاح أبوسيف من أعمق مخرجينا تفهما لنجيب محفوظ، وفريد شوقى وجد فى نموذج «حسن أبوالروس» ما يطلق طاقته، خاصة أن نجيب محفوظ، قدم مفتاحين سحريين للدخول فى هذه الشخصية، أحدهما يتمثل فى جملة «كان وثنيا بالفطرة»، والآخر يتبلور فى جملة «كان حب أسرته العاطفة الشريفة الوحيدة التى يخفق لها قلبه».. وعلى طول الفيلم، يبدو الازدواج الأخلاقى جليا فى شخصية «حسن». مجرد بلطجى أو مشروع بلطجى، على استعداد دائم للدخول فى معركة، قوى وعنيف، ولكن فى ذات الوقت، يحنو على أسرته، يساعد شقيقه الأنانى فى الالتحاق بكلية الشرطة.. وها هو فى النهاية، يعود إلى أسرته جريحا، هاربا من الشرطة، ويكاد فريد شوقى، بعيون تفيض بالمحبة، أن يتحول، أمام أمه، إلى طفل يريد الحماية.. نجيب محفوظ، أثر إيجابيا فى فن التمثيل.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات