النيل والثعبان.. فى السوق السوداء - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 5:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

النيل والثعبان.. فى السوق السوداء

نشر فى : الأربعاء 9 يونيو 2010 - 10:48 ص | آخر تحديث : الأربعاء 9 يونيو 2010 - 10:48 ص

 ظهر النيل فى عشرات الأفلام المصرية.. غنت أم كلثوم على صفحته، فى «وداد» لفريتز كرامب، بصوتها المترع بالبهجة والأشواق «على بلد المحبوب ودينى». وربما يحتار المرء فيمن يقصده يوسف شاهين بـ«ابن النيل». هل هو الفتى المتمرد، الذى أدى دوره شكرى سرحان، أم شقيقه الأكبر، الشهم يحيى شاهين، أم الوليد الذى تم إنقاذه فى الفيضان.

وفى «اليوم السادس»، يغدو النيل، بالنسبة للأم المسافرة على أحد المراكب، شريان الحياة الذى سيوصلها، مع ابنها العليل، إلى رحابة البحر.. وعند عاطف سالم، يشهد النيل مؤامرات المرأة اللعوب التى توقع بين أخوين فى «صراع فى النيل».

وفى «نهر الخوف» لمحمد أبوسيف، تدور معظم الأحداث داخل الأتوبيس النهرى المختطف.. واعتمادا على أعمال نجيب محفوظ، القاهرى، يكتسب النيل أكثر من مغزى: محجوب عبدالدايم ــ حمدى أحمد ــ فى إحدى لحظات الحيرة والألم، فى «القاهرة 30» لصلاح أبو سيف، يقف أمام المياه الغزيرة المتدفقة من بوابات القناطر الخيرية، قائلا، بمزيج من اليأس والعتاب: «يا بلدنا.. وزعى خيرك على ولادك بالعدل».

وفى «بداية ونهاية» لصلاح أبوسيف أيضا، تدفن «نفيسة» ــ ثناء جميل ــ سرها، بإلقاء نفسها فى النيل، ويلحق بها شقيقها «حسنين» ــ عمر الشريف ــ هربا من الفضيحة.. أما فى «ثرثرة فوق النيل» لحسين كمال، فإن العوامة القابعة على مياهه، بالمترددين عليها من العابثين، لا يدركون أن النيل المسالم، من الممكن أن يبتلعهم، فى لحظة واحدة.

النيل، على شاشة السينما المصرية، موضوع بالغ الثراء، ليت أحد نقادنا الشباب يقوم ببحثه ودراسته، ليس كمجرد مكان له طابعه الجمالى الخلاب، ولكن كمعنى عميق الدلالة، وحينها، سيتأمل الباحث، مكتشفا مغزاه الشامل فى «السوق السوداء» الذى أخرجه كامل التلمسانى عام 1945.

«السوق السوداء» الذى كتب له الحوار، الموهوب، بيرم التونسى، يدور فى إحدى حارات القاهرة، إبان الحرب العالمية الثانية، فى تلك السنوات القاسية التى شحت فيها السلع، وتضاعف سعرها بسبب جشع التجار الذين تعاونوا مع الانجليز من ناحية، وقاموا بإخفاء البضائع لكى تزداد أرباحهم، على حساب الشعب.. فى المشاهد الأولى، داخل دكان حلاقة، يجلس «أبو محمود» ــ زكى رستم ــ متجهما، مذهولا، منزعجا من ذلك الحلم الفظيع، الأقرب للكابوس، الذى داهمه ليلا، ولا يزال أثره باقيا، ماثلا أمامه.

وبطريقة زكى رستم الأخاذة، المعبرة عن مخاوف تعصف بداخله، يحكى عن الحلم الذى رأى فيه ثعبانا كبيرا، مروعا، «شفط» ماء النيل كله، مما أدى إلى خراب البلاد.. وعلى طول الفيلم، نتابع واقعيا، ذلك الثعبان مجسدا فى اللصوص، المتاجرين فى أقوات الناس. هنا، يكتسب النيل المغدور معنى رمزيا يلقى ضوءا على الحاضر، ويجعلنا نتساءل عن الثعبان الذى يهدده ويهددنا.. هل هو فى الجنوب. أم يعيش بيننا؟


كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات