رحلة.. سمارة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 4:48 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رحلة.. سمارة

نشر فى : السبت 10 سبتمبر 2011 - 9:00 ص | آخر تحديث : السبت 10 سبتمبر 2011 - 9:00 ص

«سمارة»، أصلا، من أنجح المسلسلات الإذاعية، خلال الخمسينيات، فى العصر الذهبى للراديو، حين كانت الشوارع تكاد تخلو من المارة، أثناء إذاعة المسلسل المبهر، بمقدمته الموسيقية التى تعتمد على مقطع «رقصة السيوف» من موسيقى باليه «حيانيه» التى وضعها الروسى الموهوب، الأرمنى الأصل آرام ختشادوريان، المتمتع بروح شرقية لا تخطئها الأذن. ومنذ ذلك الحين أصبح هذا المقطع الذى يوحى بالمطاردة والمواجهة والصراع، منتشرا فى التمثيليات والأفلام.. فى «سمارة» يأتى صوت الراوى، العميق، المتوتر ــ بأداء ديمترى لوقا إذا لم تخن الذاكرة ــ الوقور، الهادئ فى البداية، المتصاعد، المنذر بالخطر، ليلخص بعبارات موجزة ما جرى فى الحلقات السابقة. ومع التكرار اليومى، أصبحت عبارات الراوى، جزءا من ذاكرة المستمعين، أذكر منها «سمارة، ذهرة برية، نشأت وترعرعت فى جو أسود رهيب..» ويستكمل متحدثا عن الضابط الذى تخفى باسم «سيد أبوشفة»، وغدا من ضمن أفراد عصابة «سلطان»، واستولى على قلب سمارة و... أدت دورها سميحة أيوب، بصوتها ذى الرنين الذهبى، المشبع بالقوة والثقة والدلال.

 

فى عام 1956، انتقلت «سمارة» من الإذاعة إلى الشاشة، لتغدو تحية كاريوكا، المتوائمة تماما مع شخصية المرأة التى جعلها جمالها الفاتن محط أنظار الجميع، لا يستولى عليها إلا المعلم «سلطان»، تاجر المخدرات الشديد البأس بأداء متمكن من محمود إسماعيل، مؤلف المسلسل وكاتب سيناريو الفيلم، الذى يطالعنا فى المشاهد الأولى بمظهر يعتبر آية فى الأناقة الشعبية: معطف أسود من الصوف الغالى، كوفية من الحرير ناصع البياض، مسدلة على جانبى المعطف، لاسة ملفوفة بإحكام على أعلى الرأس، حذاء أسود لامع.. إنه الزى الذى صرح نور الشريف بأنه حاكاه عندما تحول فى «لن أعيش فى جلباب أبى» من عامل فقير، مهلهل الجلباب، إلى واحد من كبار تجار الخردة فى وكالة البلح.

 

فرضت سمارة ظلها على عشرات الأفلام، وتقمصتها، بأسماء أخرى، العديد من النجمات، مما يعنى أن شخصية المرأة الطموح، الواقفة برسوخ على أرض نفسية صلبة، القادرة على المناورة والمراوغة، الذكية، تلبى حاجة عند جمهور يرضيه متابعة صراعات المرأة التى لا تستسلم ولا تتراجع. قدمت سامية جمال طرفا من سمارة فى «زنوبة» لحسن الصيفى 1956 و«الرجل الثانى» لعزالدين ذو الفقار 1959، وورثت نادية الجندى الكثير من مواصفات سمارة، حذفت منها وأضافت لها، واقتربت منها فى «الباطنية» لحسام الدين مصطفى 1980.. جدير بالذكر أن أفلام العصابات، وتجارة المخدرات، تواجدت بقوة فى السينما المصرية، سواء قبل «سمارة» لحسن الصيفى، أو بعده، ولكن أثر بصمة «سمارة»، أو بالأحرى، محمود إسماعيل، تبدو شديدة الوضوح، خاصة فيما يتعلق بتسلسل مستويات تجار المخدرات، ابتداء من تاجر القطاعى إلى المهرب الكبير، الغامض المجهول، الذى لا يعرفه أحد.. وفى موقف طريف، فى «أبوالدهب» لكريم ضياء الدين 1996، يذهب أحمد زكى لقصر المهرب الكبير، الغامض المجهول، ويتلفت حوله ويقول «كأننا فى فيلم سمارة»! جملة عفوية طريفة من أحمد زكى لم يحذفها المخرج.. وأخيرا، آلت سمارة لغادة عبدالرازق، ومصطفى محرم، ومحمد النقلى، فماذا فعلوا.. إنه حديث آخر.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات