هكذا تصرف العملاق - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 8:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هكذا تصرف العملاق

نشر فى : الجمعة 10 يوليه 2009 - 8:46 م | آخر تحديث : الجمعة 10 يوليه 2009 - 8:46 م

 بعد فترة وجيزة من بداية الإرسال التليفزيونى، تقرر زيادة ساعات البث، ثم زيادة عدد القنوات، ولأن الطاقة الإبداعية المتوافرة فى الجهاز الناشئ لا تستطيع تغطية المساحات الزمنية التى يتطلبها الإرسال، كان لابد للوليد العملاق أن يتصرف، وهداه تفكيره إلى اختراع طوق نجاة مهلهل، يتمثل فى العروض المسرحية، وفورا تكونت أكثر من دستة فرق، تجرى بروفاتها على عجل، وتقدم عروضها للجمهور عدة ليال، تنتقل بعدها للشاشة الصغيرة. لم يكن من المهم الكيف، أو المستوى، فالمهم هو الكم، والنجاح أن تحدث ضجيجا، وتملأ ساعات الإرسال الطويلة، وجاءت المسرحيات غثة ولا تطاق، وحتى المسرحيات الجيدة لم تجد من يجيد نقلها للشاشة الصغيرة، وحتى الآن لا يتوافر عندنا الكوادر التى تعرف كيف تخرج العروض المسرحية تليفزيونيا، فالمسألة ليست قاصرة على وضع كاميرا أو أكثر أمام خشبة المسرح لترصد، ببلادة، ما يدور فوقها، إنها فن قائم بذاته، وقبل النكسة بعام بدا واضحا ما تنطوى عليه فكرة الكم من انعدام الجدوى، وبالتالى تفككت وألغيت فرق التليفزيون المسرحية. لكن المشكلة أن الدودة فى أصل الشجرة، وأن مرض «الريادة» و«العملقة» لايزال باقيا، قد يكمن فترة، ثم يعاود الظهور.

بمرور الأيام، انطلقت قنوات جديدة، بعيدا عن «ماسبيرو»، أهلية وخارج الحدود المصرية، بعضها إخبارى لا يسير على منوال «العملاق»، فليس بالضرورة أن تبدأ الأخبار بالرئيس ومقابلاته، ولا أن تغرق فى التغنى بافتتاح مشروعات الصرف الصحى، ولكن تضع الأولوية لأهم الأحداث العالمية المؤثرة، مع تقارير خاصة لمراسليهم، مدعمة بشرائط وثائقية. وبعض هذه القنوات يتخصص فى عرض الأفلام الأجنبية، وثمة من يكرس نفسه للأطفال، ومن اختار «الصحة»، ومن فضل المسلسلات، ومن يقدم الأغانى، ثم أكثر من خمس قنوات رياضية، تتنافس على احتكار نقل المباريات المهمة، خاصة فى الدورات المرموقة، ولتحقيق هدفها تدفع للاتحادات الرياضية ولمنظمى المباريات مبالغ مالية ليست قليلة، فماذا فعل الرائد العملاق فى هذا المأزق.. هنا تظهر أعراض المرض واضحة: إطلاق أكبر كم من القنوات الفضائية، والتشاجر مع كل من يمنعه من التصوير فى المكان والزمان الذى يريده، ولا ينتبه إلى أن ذلك الزمان والمكان أصبح من حق آخرين.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات