ون مان شو - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 7:48 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ون مان شو

نشر فى : السبت 10 أغسطس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 10 أغسطس 2013 - 9:50 ص

رجل واحد يقدم عرضا كاملا. ظاهرة تتجسد عندنا، الآن، على نحو لافت، وهى تطلب موهبة كبيرة وقدرات متنوعة، توافرت عند أحمد آدم، محمود عزب، باسم يوسف، أكرم حسنى، والأخير، هو الوحيد الذى كاد اسمه يتلاشى وراء الشخصيتين اللتين قدمهما: سيد أبوحفيظة ووسيم هدهد.

جذور هذه الظاهرة، تمتد إلى زمن موغل فى القدم: راوى الملاحم، اليونانية والعربية، يحكى عن الحروب والأبطال، أمام مستمعيه، ليلة إثر أخرى.. «الأراجوز»، لسان حال صاحبة، الفنان المختبئ وراء ساتر، يمثل عدة نماذج بشرية، فى فقرات متوالية.. وعلى خشبة المسرح، أو فى صالة واسعة، انتشر ما يعرف بـ«المينودراما». أى مسرحية يؤديها شخص واحد.. وفى مطاعم فاخرة، يقوم عازف البيانو، بين الحين والحين، برواية حكاية جذابة، أو طرفة مبهجة. وتعتبر أم كلثوم النموذج الكلاسيكى الأهم فى عالم فنان العرض المنفرد، غناء.. وفى مجال الشعر، خصصت أمسيات كاملة، كى يلقى محمود درويش قصائده.

من جماع تلك المنجزات، تبلور، على الشاشة الصغيرة، برامج «النجم الواحد»، ومعظمها، يتجه اتجاها كوميديا، يأتى تلبية لحاجة المشاهدين إلى ما يخفف من ذلك التوتر المزمن الذى يجتاح الجميع، وليست مصادفة أن تشغل السياسة المساحة الأوسع فى هذه البرامج، ذلك أنها تعبر عن ذلك الاهتمام الايجابى بمسار الأمور فى وطن يفور بالمتغيرات، كما انها تؤكد قدرة المصريين على تجاوز متاعبهم بالضحكة والابتسامة.

تباينت أساليب أصحاب هذه البرامج: أحمد آدم، الممثل أصلا، ينطلق فى «بنى آدم شو» نحو نقد الوقائع والأحداث، مستندا على رؤية تندد بما هو سلبى، سياسيا واجتماعيا، ويصب جام غضبه، ساخرا، على تصريحات الرئيس ــ المعزول ــ فيما يتعلق بالعدالة، أو رضائه عن الحكومة الفاشلة.. ويشير إلى مليونية «لا للعنف»، مبينا المفارقة الكامنة فى أن يضع أعضاء ميليشيات الإخوان خوذات على رءوسهم ويحملون العصى الطويلة.. ولا يفوته التنديد بمذبحة «أبومسلم» التى راح ضحيتها، ذبحا وسحلا، مواطنين مصريين شيعة. أحمد آدم، صاحب جسم مرن، يقدم عرضه واقفا، يستخدم ذراعيه وملامح وجهه للتعبير عما يقصده، ويتمتع بصوت متميز، متفهم لأصول الطرب، حيث تنطلق عقيرته بأغنيات تعبر عن موقفه الرافض لممارسات السلطة، وهى أغنيات أقرب لفن المونولوج، اللاذع، الذى كان ينقرض.. آدم يقدم مونولوجات بمصاحبة الطبلة التى يجيد الضرب عليها، مما يضفى مزيدا من الحيوية على عرضه الفردى أمام جمهور وهمي، نسمع ضحكاته التى ترتفع وتنخفض كما لو أنها الخطوط تحت العبارات المهمة المعانى، يريد صاحبها أن ينبهنا لمغزاها.

اللون الذى برع فيه محمود عزب يختلف عما يقدمه أحمد آدم، عزب، المتمكن من محاكاة الآخرين، على نحو كاريكاتورى، يتسم بقدر كبير من الذكاء، والقردة على الرصد والانتباه، تزداد عمقا بمرور الممارسة، وإذا كانت موهبته تتجلى فى تمثيل واستيعاب الشخصيات التى يقلدها، فإن الأهم انه يتطور بفنه، فبعد سنوات طويلة من تقليد الملامح الخارجية للنجوم، سواء على مستوى الملبس وتصفيف الشعر وتعبيرات الوجوه وحركة الذراعين، مرددا ذات العبارات، انتقل إلى جوهر من يقلدهم، معبرا وناقدا، لأفكارهم، ففيما يبدو أن السياسيين، الذين أصبحوا نجوما تزاحم، إن لم تتفوق فى أهميتها عن فرسان السينما والشاشة الصغيرة، دفعته لأن يتوغل فيما وراء المظهر الخارجى، فبعد أن كان يقدم، بطرافة، يوسف شاهين، بانفعالاته المتفجرة، وعمرو خالد، بميله للرومانسية البكائية، أصبح يبين بوضوح، ما تنطوى عليه اهتمامات حازم أبوإسماعيل من فجاجة، وغياب البرادعى عن الساحة فى اللحظات التى تتطلب حضوره.. عندئذ، يصل برنامجه إلى درجة جيدة من النضج، ويثبت أن «ون مان شو»، يستحق النظر والتحليل والتقييم، خاصة فيما يتعلق بتحول أكرم حسنى من المواطن المصرى «سيد أبوحفيظة»، إلى المؤرخ المستقبلى «وسيم هدهد»، بالإضافة للمأزق الذى وجد باسم يوسف نفسه فيه، عقب عزل الرئيس.. إنه موضوع آخر.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات