معًا من أجل كهنوتية الأزهر وتقنين التكفير - حسام السكرى - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 7:01 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

معًا من أجل كهنوتية الأزهر وتقنين التكفير

نشر فى : السبت 10 سبتمبر 2016 - 9:30 م | آخر تحديث : السبت 10 سبتمبر 2016 - 9:30 م
يؤكد المدافعون عن حرية العقيدة دائما على رفض الإسلام لفكرة الكهنوت، وعلى تلك العلاقة المباشرة فيه بين العبد وربه، وهو ما يتناقض مع نزوع بعض رجال الدين إلى اعتبار أنفسهم نوابا لله، يحرسون عقيدته وحظيرة المؤمنين به، انطلاقا من شعور بالمسئولية عن حماية الدين ومواجهة المؤامرات التى يرونها تحاك ضد الإسلام والمسلمين.

هذا الشد والجذب الذى دام عقودا وربما أكثر يحتاج إلى رؤية جديدة للخروج من تلك المواجهة المزمنة بين الطرفين. وفى تقديرى أن المخرج ربما يكون فى الاعتراف بكهنوتية الأزهر ومأسستها وتدعيمها لتصبح بالنسبة للمسلمين، كيانا مماثلا لكرسى البابوية فى الفاتيكان بالنسبة لجموع الكاثوليك. حيث البابا هو نائب المسيح على الأرض، وقراراته فيما يخص المسائل الدينية والإيمانية معصومة من الخطأ وغير قابلة للنقض.

اليوم، وضع الأزهر مائع. المؤسسة لها قيمة ومرجعية ولكنها ليست «المرجعية» بالألف واللام. شيخها يحظى بتقدير وثقل ولكنه لا يملك نفس نفوذ البابا من الناحية الروحية والدينية، فيما نجد أنفسنا أمام آراء متناقضة فى معظم القضايا الخلافية، تصدر عن عدد يصعب السيطرة عليه من الشيوخ. فى كل قضية هناك رأى يحلل وآخر يحرم. وعند أى مناقشة وبحسب السياق، يتم استدعاء أى من الرأيين مشفوعا بالآيات القرآنية والأدلة من الحديث والسنة، فصار لدينا بدلا من الإسلام إسلامان. أحدهما يبدو متسامحا والآخر يبدو متدعشنا، وكلاهما مدعوم بعدد لا يستهان به من «علماء» الدين. فيما وقف المسلمون حائرين أى الإسلامَين يتبعون.

لو تحول الأزهر إلى كهنوت وشيخه إلى بابا لأمكننا عندئذ أن نطلب منه كتابا جامعا مانعا يعرف لنا الإسلام اليوم ويحسم كل القضايا الخلافية فى رؤية واحدة تبتعد عن العموميات وتلغى ما سبق من أحكام أو فتاوى ندور فى فلك تناقضاتها منذ عقود وربما قرون. مثلا:
ــ حد الردة وقتل من قرروا تغيير دينهم.

ــ تكفير واغتيال الكتاب والمفكرين بدعوى خروجهم من الملة.

ــ حرية الاعتقاد والممارسة لمن يعتقدون بغير الإسلام السنى.

ــ الموقف من الأقباط وهل هم شركاء وطن، أم ذميون ونعدل معهم ويحرم علينا أن نبادلهم الود أو الحب.

ــ تشويه أعضاء المرأة التناسلية (الختان) وهل هو سنة ومكرمة أم انتهاك وإجرام.

ــ الجهاد وهل يعنى الدفاع عن الوطن، أم المقصود به الحرب لنشر الإسلام.. وهكذا.

ليس المقصود هنا البحث عن حقيقة وماهية الإسلام منذ أربعة عشر قرنا، بقدر ما هو تأطير رؤية المؤسسة للإسلام وممارساته المطلوبة اليوم.

ربما يقول قائل إننا بهذا نؤسس آلية تكفير لمن يخالف هذا التصور المحدد الذى سيقدمه الأزهر وشيخه، ولا أخفيك أن هذا هو المطلوب: التقنين ووضع ضوابط قاطعة وواضحة، بدلا من ترك الحبل على الغارب لهواة التكفير.

النقطة الفاصلة التى لا يكتمل هذا الطرح بدونها هى إعطاؤنا فرصة لتحديد موقف من هذا التصور الإسلامى بمجرد إقراره ونشر نسخته المكتوبة الواضحة. كثيرون مطمئنون لأن الإسلام دين سمح يساوى بين الرجل والمرأة، ويعطى خلق الله من جميع الملل والنحل حقوقا متساوية، ويدين النزوع للتكفير والرغبة فى قمع المرأة والسيطرة عليها وانتهاك جسدها. هؤلاء قد يسهل تكفيرهم بين ليلة وضحاها لو قرر الأزهر اعتماد التصورات الإسلامية المتشددة باعتبارها رؤيته للإسلام. احتمال نادر ربما ولكنه يظل احتمالا.

من العدل لو حدث هذا أن نمنح جميعا حق الكفر أو الإيمان فى البداية، وبمجرد استقرار الأزهر على تصوره. من يقبله يقبل معه ما يراه الأزهر من تبعات للارتداد. أما من يكفر به فلا يمكن اعتباره مرتدا، لأنه لم يؤمن يوما بإسلام الدواعش ومشايخ التكفير.
التعليقات