لماذا تتكرر الأزمات؟ - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:58 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا تتكرر الأزمات؟

نشر فى : الثلاثاء 10 نوفمبر 2015 - 9:20 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 10 نوفمبر 2015 - 9:20 ص

فى أقل من أسبوعين تعانى مصر من آثار أزمتين عنيفتين متزامنتين: غرق محافظات الدلتا وسقوط الطائرة الروسية.. الحادثان رغم تباعدهما مكانيا واختلاف أسباب حدوثهما إلا أن كلاً منهما حمل خصائص الكارثة Disaster بمعناها العلمى من حيث نطاق التأثير وحجم الضحايا والخسائر المالية والتبعات المتصاعدة.. كلاهما أصبح تكوينا بارزا فى صورة كبيرة متشابكة الخطوط تجسد الواقع المصرى الحالى.

فكرت كثيرا قبل تناول أى ٍمن الموضوعين بعد متابعتى لمجمل تعليقات الإعلاميين فى مصر سواء على صفحات الجرائد أو من خلال برامج التوك شو.. ليس سهلاً أن توصل للناس رأيك فى خضم هذه الموجة المتبنية (لإعلام الستينيات) بكل ما فيه من كذب وقحٍ وهمجية عمياء.. وليس سهلاً بعد ذلك أن تُضيف حلاً يتخيله البعض سحريا، ويصاب بعدها بخيبة الأمل حين يراه من وجهة نظره حلاً عادياً مسبوقاً باهتاً.. لكنها أمانة الكلمة على أية حال.

فى إدارة الدول ــ لا سيما وقت الأزمات ــ لا مكان لتشاؤم أو تفاؤل، لاحديث عن أمنيات أو أحلام، لكن وحدها لغة الـData وتحليل مدلولاتها هى التى تسود وتضبط بوصلة القيادة.. كبار صانعى السياسات فى العالم الآن ينصحون متخذ القرار بالتوقف عن الاعتماد على حدسه الخاص وتفضيلاته الشخصية فيما يتعلق بترتيب أولويات إدارته، والاعتماد فقط على المعلومات الموثقة بالأدلة لترتيب تلك الأولويات.

المرجع الأكبر فى هذا الباب كتاب Money Ball for Government اشترك فى صياغته ثلاثة عشر كاتبا دفعة واحدة.. الأغرب من ذلك أن كل واحد منهم يتابين عن زميله أيما تباين، فتجد منهم الجمهورى والآخر الديمقراطى، الذى خدم مع إدارة بوش والذى خدم مع إدارة أوباما، من كان ضمن حملة هيلارى ومن شارك فى حملة رومنى.. ومعروف ما بين كل هؤلاء من اختلاف فى وجهات النظر الاقتصادية والسياسية بل والاجتماعية، ورغم ذلك الاتفاق كان واضحا على أهمية اختيار السياسات ــ أيا كانت ــ بناء على المعلومة والإحصاء والتحليل.

بنفس إمكاناتنا المادية الحالية يمكننا ليس فقط معالجة آثار الكارثتين بل تعدى ذلك إلى اتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون وقوع غيرهما فى الأيام المقبلة.

وعلى عكس التنمية الاقتصادية التى لا تحمل بطبعها للشعب نتائج فورية؛ يُمكن لمتخذ القرار أن يحقق نجاحات فورية فى سياساته للوقاية من آثار الكوارث قبل وقوعها.. لكن هذا يستلزم رسم (خريطة أزمات) تشمل كل مدن مصر، وتركز على كل بؤرة خطر تحمل تهديدا مباشرا مميتا على النفس البشرية.. رسم خريطة كهذه سيتفرع منه عشرات القرارات الفورية الوقائية تستبق الكارثة قبل وقوعها.