لاست فيجاس - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 9:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لاست فيجاس

نشر فى : الثلاثاء 10 ديسمبر 2013 - 7:55 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 10 ديسمبر 2013 - 7:55 ص

اعتماد الفيلم على أبطال من العواجيز، أو كبار السن، مغامرة قد لا يحمد عقباها. أهل الخبرة يوصون صناع السينما بتقديم شباب تتواءم أعمارهم مع من فى سنهم، الذين يشكلون الجمهور الأساسى لصالات العرض.. لكن، هذه المرة، دخلت شركة الإنتاج الأمريكية التجربة، بشجاعة وثقة، مدججة بعوامل نجاح يعتد بها. فى مقدمتها اختياره لأربعة نجوم لم ينطفئ ألقها بعد: مايكل دوجلاس، العائد للوقوف أمام الكاميرات، بعد سنوات من الصراع ضد السرطان الزاحف على حنجرته، تكللت بالنجاح والشفاء.. روبرت دى نيرو، الذى اتجه، منذ فترة ليست قصيرة، إلى الأدوار الثانوية للآباء.. مورجان فريمان، النجم الأسود، الذى يطالعنا عادة فى دور رجل شرطة، فى طريقه للتقاعد ــ كيفن كلاين، الحاصل على جائزة أوسكار أفضل ممثل ثانٍ عام 1988.

اختار صناع الفيلم لاس فيجاس كمسرح للمواقف والأحداث. المدينة المثيرة، شديدة الجاذبية، التى ارتبط اسمها بعناوين الكثير من الأعمال الفنية، وأطلق عليها أوصاف متباينة المعانى: مدينة الخطيئة، مدينة الأحلام، مدينة المآسى، مدينة القمار، مدينة الكازينوهات. إنها مكان درامى بطبيعته، يجمع بين الوعود والوعيد.

أسند إخراج الفيلم لجورج ترتلتوب، المعروف بميله لأفلام المغامرات. يتسم أسلوبه بحيوية الحركة، سواء المادية أو العاطفية.. لكن الأهم، من كل ما سبق، ذلك السيناريو الأخاذ، المتمتع برحابة الأفق، فضلا عن درجة عالية من الشفافية الإنسانية، مما جعل لـ«لاست فيجاس» سحرا خاصا، أرضى الجمهور، سواء داخل أو خارج أمريكا، وبالتالى حقق إيرادات ضخمة، من شبابيك التذاكر.

يقدم السيناريو أربعة أصدقاء، ترجع علاقتهم، مع بعضهم بعضا، إلى أيام الصبا.. وبلقطات سريعة، مكثفة، موجزة، تتوالى فيما لا يزيد على عدة دقائق، نتابع، مسيرة أبطالنا، إلى أن أصبحوا على ما هم عليه الآن.. يقفون على أبواب الشيخوخة. أحدهم، «فريمان»، غدا جَدًّا، تعرض لوعكة قلب عنيفة، يتجلى أثرها فى قلق ابنه عليه، وهو، مثل الآخرين، يريد أن يعيش كما كان من قبل.. وثمة «كيفين كلاين»، المنزعج من عالم المتقاعدين الذى وجد نفسه بداخله. أما «روبرت دى نيرو» و«مايكل دوجلاس»، فالعلاقة بينهما معقدة، حيث تزوج دى نيرو من التى كان دوجلاس يهواها.. والآن، قرر «دوجلاس»، الستينى، الزواج بفتاة فى الثلاثين.. يقرر الأصدقاء إقامة حفل توديع عزوبية للعريس، وأين: فى لاس فيجاس.

السيناريو الذى كتبه آدم بروكس مع دان فوجلمان، يرصد المناطق المشتركة بين الأصدقاء، ولا يفوته أن يبرز الفروق الفردية فيما بينهم، الأمر الذى يعطى للفيلم مزيدا من الصدق الإنسانى من ناحية، ويفجر طاقات درامية من ناحية ثانية.. مرجان فريمان، على سبيل المثال، الهادئ، الواسع الحيلة، المؤثر، حين يعلم برفض دى نيرو للرحلة، يذهب له، يلهث، كما لو أن نوبة قلبية ستصيبه، يطلب من صديقه، برجاء المشاركة فى الزيارة الأخيرة لـ«لاس فيجاس».. يوافق دى نيرو، متضررا تاركا المكان.. يلتفت فريمان لصديقه كيفن كلاين ليسأله «ما رأيك فى هذا الأداء». عندئد ندرك أن فريمان كان يتظاهر بالإعياء استدرارا للشفقة.. لاحقا، فى صالة القمار، يتابع فريمان إحدى اللعبات. يخسر، لكن بعد عدة مرات، يكتشف سر السفرة يراهن بمبلغ كبير يكسب. قانون الكازينو ينص على حتمية صرف الأوراق المالية التى ربحها داخل المكان، المجهز بفندق وسيارات وصالات رقص وغناء وحفلات خاصة.

فى إحدى الصالات الصغيرة، تغنى سيدة ستينية، أغنيات تقطر رقة، تمس شغاف قلوب الأصدقاء. تنشأ بينهما علاقة بالغة العذوبة، وبرغم التجاعيد التى اقتحمت عنقها، وحول فمها، بدت المرأة، بأداء مارى ستينورجين، نموذجا فاتنا للنضج وجمال ما بعد الخمسين.. إنها تزيد من بهجة رحلتهم.

تتوالى المواقف فى «لاست فيجاس»، متضمنة مفارقات كوميدية، تصب، فى روح الفيلم الذى يحتفل بالحياة، ويعلى من شأن الصداقة، ويتمسك بالأمل، ويؤكد أن نسيم الربيع، من الممكن أن يتوافر.. حتى فى الخريف.. إنه فيلم متفائل، يأتى فى وقت يعانى فيه الناس، فى معظم بلدان الدنيا، من القلق. وربما كان هذا من أهم أسباب نجاحه.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات